فشلت في الحصول على تنازلات من طهران.. خبايا مفاوضات بايدن مع إيران

تساءل الكاتب عن إمكانية وجود بصيص أمل لوقف البرنامج النووي الإيراني قبل فوات الأوان

فشلت في الحصول على تنازلات من طهران.. خبايا مفاوضات بايدن مع إيران

ترجمات - السياق

رأى الكاتب الروائي جيك واليس سيمونز، أن أحد أكبر إخفاقات السياسة الخارجية للغرب عام 2021، كانت المفاوضات النووية الإيرانية، التي ظلت بلا حل مع مرور الوقت.

وقال سيمونز في تحليل بمجلة "سبيكتاتور" البريطانية: بعد التحدث إلى عدد من المصادر الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة، من الصعب تجنُّب الاستنتاج بأن العملية كانت غير كفؤة بشكل مؤسف.

وأضاف الكاتب: "لم يكن هناك فشل كبير في الحصول على أي تنازلات من طهران فقط، وإنما بات أيضًا وقف التقدم الإيراني الهائل نحو القنبلة النووية، بعيد المنال، إضافة إلى أن المفاوضين الغربيين أصبحوا يلفون أنفسهم في سحابة من غبار، بسبب الاختلاف الداخلي ومواقف متنافسة لم تؤدِ إلا إلى مزيد من التوتر".

وأوضح، أن كل هذا بالطبع كان هدية للإيرانيين، الذين دخلوا عام 2022 في موقع متقدم، مشيرًا إلى أن المفاوضات منذ البداية، محكوم عليها بالفشل.

 

بايدن والنبأ السار

وانتقل سيمونز، إلى الحديث عن دور الرئيس الحالي جو بايدن، في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، قائلًا: "حتى قبل انتخابه، كان بايدن راغبًا بشدة في إعادة الولايات المتحدة إلى صفقة خطة العمل المشتركة، أو ما يسمى الاتفاق النووي لعام 2015، وهو الإرث الذي تركه الرئيس الأسبق باراك أوباما".

وأمام هذه الرغبة، كتب بايدن لشبكة سي إن إن: "النبأ السار هو أنه لا تزال هناك طريقة أفضل... الإدارة الجديدة ستجعل من أولوياتها تصحيح سياسة إيران".

وتعليقًا على ذلك، قال سيمونز: "ربما لم يقل بايدن بصريح العبارة إنه سيخضع لشروط إيران، للتوصل إلى اتفاق، لكن الإيرانيين يعرفون رغبته في العودة إلى الاتفاق بأي ثمن، وكذلك كبار أعضاء إدارته يعرفون ذلك".

ونقل سيمونز، عن مصادر دبلوماسية وصفها لـروبرت مالي المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران، الذي عيَّنه بايدن لقيادة مفاوضات فيينا، بأنه أكثر المسئولين رغبةً في التوصل إلى اتفاق.

ونقل الكاتب عن أحد المسؤولين قوله عن روبرت مالي: "في الواقع خضع الرئيس السابق لمجموعة الأزمات الدولية -وهي مؤسسة فكرية مكرسة لحل النزاعات الدولية- لطلبات إيران حتى الآن"، مضيفًا: "خضوع مالي يأتي تجسيدًا لمبدأ المرونة الذي تعتمده إدارة بايدن في التعامل مع الملف النووي الإيراني".

 

خطوة مذهلة

وأوضح سيمونز، أن المحادثات بدأت بخطوة أمريكية مذهلة، إذ إنه بمجرد استئنافها أذهل المفاوضون الأمريكيون الشركاء الدوليين، من خلال تقديم اقتراح كان سخيًا، لدرجة أن الإيرانيين اضطروا إلى "فرك أعينهم لتصديقه".

وأضاف: "في أذهان الأمريكيين كان عرضًا لإيران، إما عليهم قبوله أو رفضه مباشرة من دون مقدمات، لكنها لم تصل إلى القيادة الإيرانية بهذه الطريقة، إذ إنه بمجرد أن التقط الإيرانيون أنفاسهم، وعادوا إلى طاولة المفاوضات، شرعوا في المطالبة بمزيد من التنازلات، اعتقادًا منهم أن العرض الأمريكي كان مجرد بداية للمفاوضات، إلا أن الأمريكيين استمروا في الإصرار على أن العرض كان مرة واحدة، لكنهم فشلوا بشكل حاسم في إثبات ذلك، سواء بالابتعاد عن طاولة المفاوضات أم التلويح بعقوبات جديدة، لذلك استمر الإيرانيون في المطالبة بالمزيد".

وكشف الروائي البريطاني، أنه نتج عن ذلك ما لا يمكن وصفه إلا بالفوضى، حيث تلاشى أي شعور حقيقي بالضغط والخطر، من قِبل الولايات المتحد ضد إيران.

ووصف سيمونز، جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأنه صوت أكثر منطقية في المعسكر الأمريكي، مشيرًا إلى أن سوليفان كان قادرًا على صياغة نسخته الخاصة من المفاوضات عند تقديم تقرير إلى أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي.

 

الحجم الحقيقي للكارثة

يقول الكاتب البريطاني، إن الحجم الحقيقي للكارثة مخفي عن البيت الأبيض، خصوصًا أن الرئيس جو بایدن كان منشغلًا بالشؤون الداخلية.

وأضاف: "مع استمرار المفاوضات شهرًا بعد شهر، واستمرار الإيرانيين في تعزيز موقفهم، من خلال تأخير الأمور أكثر أثناء تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى، أصبح المزاج السائد بين الدبلوماسيين الغربيين متباينًا".

واستطرد: "أما على الجانب البريطاني، فقد كانت الأمور أكثر تماسكًا، إذ إنه رغم بعض الخلافات، فإن موقف لندن الأكثر حزمًا، أدى إلى حالة غير متوقعة تتعاطف فيها بريطانيا مع الإسرائيليين أكثر من أمريكا، ومن ثم نتيجة لذلك، تبذل إسرائيل جهودًا خاصة في الضغط على الحكومة البريطانية، لإنقاذ الولايات المتحدة من نفسها".

ومع ذلك -حسب سيمونز- فإن الدبلوماسيين البريطانيين غارقون في مستنقعين في آن واحد: المحادثات النووية في فيينا، والمناقشات المنفصلة بشأن الرعايا الأجانب المسجونين في إيران.

 

آثار العقوبات

وانتقل سيموز، للحديث عن آثار العقوبات المفروضة على إيران، وقال: "من الصعب تجنُّب الاستنتاج بأن 2022 سيكون عامًا تتقدم فيه إيران"، مشيرًا إلى أنها خففت آثار العقوبات الغربية، من خلال التركيز اقتصاديًا على الصين وروسيا.

وأوضح، أن فقدان آثار العقوبات على إيران، يأتي في الحقيقة بسبب غض طرف إدارة بایدن، ومساعدة دول الجوار الإيراني لحكومة طهران في بيع منتجاتها، خصوصًا النفط.

في غضون ذلك -حسب الكاتب- كان الإسرائيليون يضغطون بشدة على الأمريكيين، لوضع خيار عسكري موثوق به، مشددين على أنه من دونه تفتقر المفاوضات إلى رد فعل قوي، لكن حتى لو كان الضغط الإسرائيلي ناجحًا، ليس هناك ما يضمن نجاح الضربات الجوية للمنشآت النووية الإيرانية من قِبل إسرائيل، أو الولايات المتحدة، لأن المنشآت النووية الإيرانية محصنة تحت الأرض في مواقع عدة، في جميع أنحاء البلاد، وكثير منها في مناطق مدنية.

 

خيارات الغرب

وشدد سيمونز، على أن هذا الأمر يترك الغرب أمام خيارين: إما غزو بري جماعي على غرار ما حصل في العراق، وإما القيام بأكبر حملة جوية منذ الحرب العالمية الثانية، لضرب الأهداف النووية لإيران".

ويرى الكاتب، أنه لا يمكن تنفيذ الأمرين، إلا من قِبل دولة واحدة هي الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى مزاج الجمهور الأمريكي، وغرائز قيادتها السياسية، هناك فرصة أكبر للفرح في طهران هذا العام، علاوة على ذلك، طالما انتشرت القوات الوكيلة لإيران في جميع أنحاء المنطقة، وبذلك في حالة الحرب، قد تطلب منها طهران ضرب أهداف عدة في وقت واحد.

وأضاف: "يمكن لإيران حتى إغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره 30% من طاقة العالم، لكن هذا الخيار سيكون مكلفًا جدًا لإيران، من الناحية السياسية والعلاقات الاقتصادية، خصوصًا مع أصدقاءها".

وتساءل الكاتب البريطاني، عن إمكانية وجود بصيص أمل لوقف البرنامج النووي الإيراني قبل فوات الأوان، قائلًا: "كما هو متعارف، يميل الأمريكيون إلى السماح لمفاوضيهم ومبعوثيهم بالسعي حتى التعب، قبل استبدالهم".

واستطرد: "هناك شعور في الدوائر الدبلوماسية، بأن ساعة التغيير بالنسبة للمبعوث الأمريكي روبرت مالي، قربت من نهايتها"، مشيرًا إلى أنه إذا استُبدل قريبًا، فإن المفاوضات ستدخل في حالة من الفوضى المؤقتة، والتأجيل اللاحق سيفيد إيران، لكن هذا التغيير قد يسمح لشخص جيد و أكثر جدية بقيادة الوفد الأمريكي للمفاوضات.

وختم تحليله بالقول: "نخشى أن يكون ذلك أفضل ما يمكن أن نأمله حالياً، صدقونا... نتمنى لو كانت هناك أخبار أفضل".