تقديرًا للصين.. روسيا لن تهاجم أوكرانيا قبل 20 فبراير

لم يستوعب معظم أفراد مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية -حتى الآن- العلاقة التي تطورت بين روسيا والصين، منذ أن أصبح شي جين بينغ رئيسًا

تقديرًا للصين.. روسيا لن تهاجم أوكرانيا قبل 20 فبراير

ترجمات - السياق

رأت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية، أنه بالنظر للأدلة المتاحة -حتى الآن- يبدو واضحاً للغاية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لن يستخدم القوة العسكرية ضد أوكرانيا، قبل 20 فبراير الجاري.

وأعربت المجلة، في تقرير، عن ثقتها الشديدة بهذه الرؤية، قائلة إنه ستُتاح الفرصة خلال الأسبوعين المقبلين للدبلوماسية.

 

أولمبياد بكين

وأضافت المجلة أن تقييمها يستند إلى تقدير بوتين واحترامه الشديد للزعيم الصيني شي جين بينغ، وحقيقة أن أولمبياد بكين ستستمر حتى 20 فبراير، مشيرة إلى أن مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية لم يستوعب -حتى الآن- العلاقة التي تطورت بين روسيا والصين في العقد الماضي، منذ أن أصبح شي رئيسًا للبلاد.

وقالت المجلة: يجب النظر في العلاقة بين الصين وروسيا، وفقًا لأبعاد عدة وهي التهديدات، والعلاقة بين القادة، والرؤية الرسمية للآخر، والتعاون العسكري والاستخباراتي، والعلاقات الاقتصادية، والتنسيق الدبلوماسي.

وتابعت: "عندما يفكر قادة الأمن القومي الروسي أو الصيني في التهديدات الحالية، فإن الشبح الذي يرونه هو الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعتقدون أنها لا تتحدى مصالحهم في أوروبا الشرقية أو بحر الصين الجنوبي فحسب، بل تسعى بنشاط لتقويض أنظمتهم الاستبدادية".

ووفقاً للمجلة، فإنه على النقيض من ازدراء الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الشديد لبوتين، وحديث الرئيس السابق دونالد ترامب عن أن الصين "تغتصب أمريكا"، فإن شي أقنع بوتين بأنهم "أفضل أصدقاء"، إذ كانت أول رحلة له بعد أن أصبح رئيساً لموسكو، كما أنه دائماً ما يُدعى بوتين للتحدث مباشرة بعد شي في كل اجتماع دولي تستضيفه الصين.

كما كان الرئيس الصيني، الزعيم الوحيد في العالم الذي احتفل مع بوتين بعيد ميلاده، وعند منح بكين "وسام الصداقة" لبوتين، وصف شي الرئيس الروسي بأنه "صديقه المفضل والأكثر حميمية"، حيث التقيا سبعًا وثلاثين مرة، وهو ما يقارب ضعف عدد مرات لقاء أي منهما بأي زعيم آخر.

 

خصمان استراتيجيان

وذكرت المجلة الأمريكية، أن وثائق الأمن القومي الأمريكية الرسمية تصنِّف روسيا والصين على أنهما (المنافسان الاستراتيجيان) لأمريكا، و(الخصمان الاستراتيجيان)، حتى أنها تصفهم بـ(الأعداء) في كثير من الأحيان، ودائماً يكون الحديث عنهما معاً في الجملة نفسها، كما لو كانا توأمين.

ووفقاً لاستراتيجية ترامب للأمن القومي فإن (الصين وروسيا تتحديان القوة الأمريكية ونفوذها ومصالحها، وتحاولان تقويض الأمن والازدهار الأمريكي)، كما أن كليهما متهم بإجراء عمليات نفوذ كبرى ضد الولايات المتحدة، والتدخل في الانتخابات الأمريكية.

وعلى النقيض من ذلك، فإن وثائق الأمن القومي الصينية والروسية، تصف علاقتهما بأنها "شراكة استراتيجية شاملة"، ووفقاً لشي، فإنها "أهم وأفضل علاقة ثنائية في العالم".

ولفتت المجلة إلى أن الدبلوماسية بين موسكو وبكين تعكس العلاقة بين الزعيمين، إذ ينسِّق كل منهما موقفه مع الآخر في ما يتعلق بالقضايا الكبرى، فعلى سبيل المثال، عند التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإنهما يتفقان في 98% من الوقت، وفقاً لإحصاء عام 2018، إذ دعمت روسيا الفيتو الصيني منذ عام 2007، وعمل الاثنان معاً لإنشاء وتعزيز منظمات جديدة، بما في ذلك منظمة شنجهاي للتعاون والبريكس، لمنافسة المنظمات الدولية التقليدية التي تقودها أمريكا.

 

حرب تكنولوجية

ومن الناحية الاقتصادية، فإن روسيا تتحرك ببطء ولكن بثبات نحو الشرق، كما أزاحت الصين الولايات المتحدة وألمانيا، بعدما تضاعفت التجارة بين البلدين منذ عام 2015، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول في موسكو، واليوم، تعد بكين أكبر مشترٍ للنفط الخام الروسي، حيث تستورد ما يقرب من أربعة أضعاف ما تشتريه ألمانيا من النفط، حسب المجلة.

وأضافت "ناشونال إنترست" أنه بعد أن استهدف ترامب شركة "هواوي" الصينية وحظر تصدير أشباه الموصلات المتقدمة، وأدان بوتين حملة أمريكا باعتبارها "الحرب التكنولوجية الأولى في العصر الرقمي المقبل"، أعلنت "هواوي" عن خطط لمضاعفة عدد موظفي البحث والتطوير في روسيا بأربعة أضعاف، ووقع الرئيس الروسي مرسوماً يدعو إلى "التعاون العلمي والتقني الروسي الصيني".

ولفتت المجلة إلى أنه في 2017، العام الذي سبق وفاته، حاول أحد المفكرين الاستراتيجيين البارزين بأمريكا في القرن العشرين، بيجنيو بريجنسكي، دق ناقوس الخطر، إذ إنه عند تحليل التهديدات التي يتعرَّض لها الأمن الأمريكي، حذر من أن "السيناريو الأكثر خطورة يتمثل في عقد تحالف كبير بين الصين وروسيا، لا يوحده أيديولوجية بل مظالم تكميلية، وهو التحالف الذي سيذكرنا -من حيث الحجم والنطاق- بالتحدي الذي شكلته الكتلة الصينية السوفيتية، رغم أن الصين هذه المرة من المرجح أن تكون القائد وروسيا التابع".

ونهاية التقرير، حذرت المجلة من أن شبح تحذيرات بريجنسكي من "تحالف المتضررين" يتجسَّد الآن على الخريطة الجيوسياسية.