انتهاكات طالبان بحق النساء تتزايد.. اختفاء 4 ناشطات والأمم المتحدة تتدخل
آخر الانتهاكات، تلك التقارير التي تحدثت عن توقيف ناشطتين نسويتين في أفغانستان، بعد أسبوعين من فقدان أثر امرأتين أخريين كانتا تتظاهران ضدّ الحركة المتشددة، بينما طالبت الأمم المتحدة طالبان بتوفير معلومات عاجلة.

السياق
انتهاكات عدة ترتكبها حركة طالبان المسلحة، بحق أغلبية الشعب الأفغاني، بعد عودتها إلى الحكم في أغسطس الماضي، رغم وعودها المتكررة بتطبيق نسخة أكثر اعتدالًا من الإسلام.
آخر الانتهاكات، تلك التقارير التي تحدثت عن توقيف ناشطتين نسويتين في أفغانستان، بعد أسبوعين من فقدان أثر امرأتين أخريين كانتا تتظاهران ضدّ الحركة المتشددة، بينما طالبت الأمم المتحدة طالبان بتوفير معلومات عاجلة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، عبر «تويتر»، إنها طالبت وزارة الداخلية الأفغانية بتوفير معلومات عاجلة بشأن توقيف طالبان ناشطتين إضافيتين، في واقعة أُبلغ عنها في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
وبينما أكدت البعثة الأممية، أن الأمم المتحدة تكرر دعوتها إلى الإفراج عن الناشطات النسويات المفقودات وأقربائهن، قالت مبعوثة الولايات المتحدة المكلّفة بملف حقوق الأفغانيات رينا أميري -في تغريدة- إن هذه الاعتقالات الجائرة يجب أن تتوقف، مشيرة إلى أنه إذا كانت حركة طالبان تسعى إلى نيل اعتراف الشعب الأفغاني والعالم بها، عليها أن تحترم الحقوق الإنسانية للأفغان، خصوصاً النساء، بما في ذلك حرية التعبير.
توقيف معارضات
ولم تكشف البعثة الأممية هوية الناشطتين، إلا أن ناشطة معارضة أبلغت وكالة فرانس برس بأن طالبان أوقفت زهراء محمدي ومرسال عيار هذا الأسبوع، مشيرة إلى أن زهراء طبيبة أسنان كانت تعمل في عيادة.
أما مرسال فقد أُوقفت الأربعاء، بعدما طلب منها أحد زملائها إعطاءه عنوانها ليسلّمها راتبها، بحسب الناشطة المعارضة التي قالت: «هكذا أوقع بها، عثر عليها طالبان وأوقفوها».
وأُوقف أيضاً والد مرسال، بحسب الناشطة التي كانت قد أعلنت بادئ الأمر عن طريق الخطأ، توقيف والد زهراء، بينما يأتي توقيف الناشطتين بعد أسبوعين من فقدان أثر ناشطتين أخريين هما تمنى زريابي برياني وبروانة إبراهيم خل، اللتان شاركتا -قبل أيام- بتظاهرة في كابل دعماً لحقوق النساء.
كانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، أعربت عن قلقها إزاء مصيرهما ومصير أربعة من أفراد عائلتيهما فقد أثرهم أيضًا. ونفت طالبان ضلوعها في ذلك وأعلنت أنها فتحت تحقيقاً.
وتصر حركة طالبان على أنها خطت خطوات نحو الحداثة، مقارنة بفترة حكمها السابقة (1996-2001) التي شهدت قمع الحريات وازدراءً كبيرًا لحقوق الإنسان، لا سيما النساء، لكنها سرعان ما عادت إلى خنق الحريات الأساسية للنساء، فارضةً قيوداً على حقوقهن في العمل والتعليم والسفر.
افتتاح الجامعات
وفي محاولة من الحركة لإظهار تغييرات في نهجها، افتتحت الجامعات الحكومية في أفغانستان الأربعاء، للمرة الأولى منذ استيلاء طالبان على البلاد العام الماضي، حيث انضمت الطالبات إلى نظرائهن الذكور في طريق عودتهن إلى الجامعة.
وبينما لم تعلن إدارة طالبان خطتها للطالبات الجامعيات، لكن مسؤولي التعليم قالوا لـ«رويترز» إنه سُمح للفتيات بحضور الفصول الدراسية بشرط فصلهن عن الذكور.
وقال شاهد عيان في مدينة جلال أباد شرقي البلاد، إن طالبات دخلن من باب منفصل في جامعة ننجرهار، إحدى الجامعات الحكومية الكبيرة التي افتتحت هذا الأسبوع.
وقالت طالبة طب في جامعة ننجرهار، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، إن الفصول منفصلة بالفعل حسب الجنس، لكن لم يتضح ما إذا كانت لا تزال قادرة على التدريس من قبل محاضرين ذكور أو التفاعل خارج الفصل الدراسي مع الذكور، مضيفة: فصل الفترات الدراسية فقط، رغم أنه قيل لنا ألا نتجول في الجامعة حتى ينتهي وقت الأولاد.
وأضافت: رغم التغييرات والظروف ما زلت أرغب في الاستمرار لأن تعليمي يجب ألا يكون ناقصًا».
جزء رئيس
وجعل المجتمع الدولي تعليم الفتيات من مطالبه الأساسية، حيث تسعى طالبان إلى المزيد من المساعدات الخارجية، وإلغاء تجميد الأصول الخارجية.
وفي خطوة أخرى من حركة طالبان، لإظهار أنها تغيرت عن فترة حكمها الظلامية، قررت السلطات الأفغانية منع رجال الأمن من دخول مدن الملاهي، بالأسلحة والأزياء العسكرية والمركبات.
وبحسب قرار لمجلس وزراء «الإمارة الإسلامية» نشره المتحدث باسم كابل، ذبيح الله مجاهد، عبر «تويتر»، فإنه شدد على ضرورة التزام المقاتلين بجميع القواعد والأنظمة الخاصة بمدن الملاهي.
تلك الخطوات، يبدو أنها آتت أكلها، فوزير خارجية طالبان أمير خان متقي، قال إن الحركة المسلحة تقترب أكثر من الاعتراف الدولي، لكن أي تنازلات يقدِّمها حكام أفغانستان الجدد ستكون وفقًا لشروطهم.
اعتراف غربي
وفي أول مقابلة له، منذ عودته من المحادثات مع القوى الغربية في أوسلو، حثَّ وزير الخارجية أمير خان متقي واشنطن، على إطلاق العنان لأصول أفغانستان للمساعدة في تخفيف أزمة إنسانية.
ولم تعترف أي دولة رسميًا بالحكومة بعد استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس الماضي، مع انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة بعد احتلال دام 20 عامًا، لكن متقي قال لوكالة فرانس برس إن حكام أفغانستان الجدد يلقون ببطء قبولًا دوليـًا.
وتابع: «في ما يتعلق بعملية الحصول على الاعتراف، اقتربنا من هذا الهدف، هذا حقنا، حق الأفغان، سنواصل كفاحنا السياسي وجهودنا حتى نحصل على حقنا».
المحادثات التي جرت في النرويج الشهر الماضي، هي الأولى بينها وبين طالبان، التي تعقد على الأراضي الغربية منذ عقود، بينما أصرت النرويج على أن الاجتماع لم يكن يهدف إلى منح الجماعة المتشددة اعترافًا رسميًا.
وأكد متقي أن «حكومته متعاونة بنشاط مع المجتمع الدولي، وهو مؤشر واضح -كما أصر- على تزايد القبول، المجتمع الدولي يريد التفاعل معنا، لقد حققنا إنجازات جيدة في ذلك».
ضغوط دولية
وقال متقي إن دولًا عدة تدير سفارات في كابل، ومن المتوقع افتتاح المزيد قريبًا، متوقعًا فتح سفارات بعض الدول الأوروبية والعربية أيضا، لكنه قال إن أي تنازلات تقدِّمها طالبان، في مجالات مثل حقوق الإنسان، ستكون بشروطها وليس نتيجة ضغوط دولية.
ووعدت طالبان بنسخة أكثر ليونة من الحكم القاسي، الذي كان في الفترة الأولى بالسلطة بين عامي 1996 و2001، لكن النظام الجديد كان سريعًا في منع النساء من معظم الوظائف الحكومية، وإغلاق أغلبية المدارس الثانوية للبنات.
وتشترط الدول الغربية احترام حقوق النساء، مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات من المساعدات الدولية، التي جُمِّدت عقب سيطرة الإسلاميين على الحكم في كابل، علمًا بأن المساعدات الدولية كانت تشكّل نحو 75% من الميزانية العامة لأفغانستان، قبل عودة طالبان إلى الحكم.
وتعاني أفغانستان أزمة إنسانية كبرى، وتهدد المجاعة أكثر من نِصف سكان البلاد، بحسب الأمم المتحدة.