عاصفة الصحراء الروسية.. خطة بوتين لاستخدام الدليل العسكري الأمريكي ضد أوكرانيا
العالم ربما يكون على وشك رؤية نسخة روسية من عاصفة الصحراء في أوكرانيا.. إليكم خطة العمل المحتملة لروسيا في كييف

ترجمات-السياق
ربما كانت "عاصفة الصحراء" إحدى أكثر العمليات العسكرية حسماً وتأثيراً في القرن العشرين، وكانت أهداف هذه العملية التي نُفِّذت خلال "حرب الخليج" عام 1991 بالغة الأثر، إذ تضمنت حملة جوية شنها تحالف بقيادة الولايات المتحدة استمرت 42 يوماً، مدعومة بقدرات فضائية وسيبرانية، ثم تلتها عملية برية ساحقة، بحسب الكاتبة آنا بورشيفسكايا.
وقالت بورشيفسكايا، الباحثة في معهد واشنطن، في مقال لموقع 1945 الأمريكي، إن العالم ربما يكون على وشك رؤية نسخة روسية من عاصفة الصحراء في أوكرانيا، مشيرة إلى خطة العمل المحتملة لروسيا في كييف.
حرب الخليج
وأضافت بورشيفسكايا -التي تركز أبحاثها على سياسة روسيا في الشرق الأوسط- أن عاصفة الصحراء من أكثر العمليات العسكرية حسماً وتأثيراً في القرن العشرين، مشيرة إلى أن العملية نُفِّذت خلال حرب الخليج عام 1991 وكانت أهدافها بعيدة المدى، كما أنها تضمنت حملة جوية للتحالف الذي كان بقيادة الولايات المتحدة، استمرت 42 يوماً مدعومة بقدرات فضائية وسيبرانية، تلتها عملية برية ساحقة.
وتابعت: "استلزم المبدأ الأساس للعملية نشر ضربات دقيقة من الجو، والصواريخ، والفضاء، والفضاء الإلكتروني لتقويض وتدمير القيادة والسيطرة الوطنية، وتمكين العمليات البرية الحاسمة".
عاصفة الصحراء
ورأت المحللة السابقة لإحدى الشركات العاملة مع الجيش الأمريكي في أفغانستان، أنه لم يقم أي شخص آخر -حتى تلك اللحظة- بمثل هذه العملية التي قالت إنها غيَّـرت قواعد اللعبة وحقَّقت نجاحاً باهراً، إذ حطمت "عاصفة الصحراء" الجيش العراقي المتمرس في الحرب، من خلال القضاء على قدرته في قيادة قواته الميدانية، والسيطرة عليها والحفاظ على معرفته بأحوال ساحة المعركة، وأضافت: "منذ ذلك الوقت، سيطرت الفكرة الرئيسة التي استندت إليها "عاصفة الصحراء" على الحروب الحديثة".
وأشارت إلى أن هذه العملية كشفت القصور العسكري للاتحاد السوفييتي، لا سيما قصور دفاعاته الجوية وعقيدته العسكرية، وأيضاً عتاده العسكري، إذ كانت أغلبية الأسلحة العراقية مشتريات سوفيتية.
وذكرت أن "حرب الخليج" انتهت في فبراير 1991، وانهار الاتحاد السوفييتي في ديسمبر من العام نفسه، لكن الجهاز العسكري والأمني السوفييتي أخذ دروس عملية "عاصفة الصحراء" على محمل الجد، فدرسها وناقشها بشكل مكثف.
أداء محرج
وقالت بورشيفسكايا إن الجيش الروسي، ظل يعاني مشكلات عدة، في التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، لكن بعد أدائه المحرج بشكل خاص في حرب روسيا وجورجيا في أغسطس 2008، التي انتصرت فيها موسكو ولكن بصعوبات كبيرة، على خصم أصغر بكثير، أجرى الجيش الروسي سلسلة من الإصلاحات الشاملة.
ورغم أن جهود الإصلاح فشلت، فإن المحاولة الأخيرة بدأت تحقيق نتائج بمرور الوقت، إذ عالجت الإصلاحات المشكلات التي كُشف عنها في حرب جورجيا باستخدام IT-RMA (ثورة تكنولوجيا المعلومات في الشؤون العسكرية)، وكان الهدف من الإصلاحات الروسية -منذ ذلك الحين- إعادة بناء الجيش التقليدي ودفعه نحو الشكل المثالي".
وأضافت: "أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعرب في يوم من الأيام عن أسفه لانهيار الاتحاد السوفييتي، ووصف الأمر بأنه أكبر كارثة في القرن العشرين، إلى جانب أولئك الذين في دائرته، فقد درسوا سقوط الاتحاد السوفييتي بعناية، واستخلصوا دروسًا عدة.
وعلى مر السنين، درس المحللون العسكريون الروس -على نطاق واسع- العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، خاصة في الشرق الأوسط وكوسوفو، وفهموا أنهم خسروا في أعظم معركة جيوسياسية في القرن العشرين، من خصم متفوق تقنياً وظف عمليات سيبرانية وجوية وفضائية، لتحقيق تأثيرات استراتيجية حاسمة، ولذا فإنه من أجل العودة كقوة عظمى، كان على روسيا أن تعالج عيوبها وإحساسها بالدونية".
دروس مستفادة
وقالت الكاتبة إن الدروس المستفادة من "عاصفة الصحراء"، ساعدت في تطوير شكل الجيش الروسي، لافتة إلى أنه بحلول عام 2015، عندما تدخلت موسكو في سوريا، لأول مرة، فإنها استخدمت حملة شبيهة بعاصفة الصحراء، مع تركيزها على الضربات الدقيقة متعددة المجالات (الجوية والسفن السطحية والغواصات والقوات البرية) التي كانت مدعومة من المعلومات وعمليات الحرب الإلكترونية، وأعلنت حملتها العسكرية هذه للعالم، أن الجيش الروسي التقليدي تطور وأصبح يمتلك قدرات كانت خاصة بالولايات المتحدة.
ورأت الكاتبة أن ذلك يقودنا إلى أوكرانيا في الوقت الحاضر، قائلة إنه لا أحد لديه كرة بللورية، لكن يبدو أن الأمور مجهزة للسماح لموسكو بتنفيذ حملة تعتمد على التكنولوجيا، مدعومة بالمعلومات والحرب الإلكترونية، لتمكين حملة برية متابعة يمكن أن تستولي على أجزاء من شرقي أوكرانيا، إذ نقلت موسكو قواتها الحربية الجوية والصاروخية والإلكترونية من قياداتها العملياتية المشتركة، بما في ذلك من الشرق الأقصى، ودمجتها على طول حدود أوكرانيا.
ماذا تريد روسيا؟
وفقاً للكاتبة، فإن العملية في سوريا لم تكن تتعلق بسوريا، وعلى المنوال نفسه، فإن العملية الروسية في أوكرانيا لا تتعلق بأوكرانيا، لكن كليهما يدور حول رغبة الكرملين في مراجعة نظام ما بعد الحرب الباردة، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتعديله وفقاً لشروط موسكو.
وأضافت: "والآن، مع كييف، فإن موسكو أكملت دورة من نهاية الحرب الباردة، والإذلال الملحوظ الذي ربما بدأ مع عاصفة الصحراء، ثم استمر، في نظر موسكو، مع عملية الناتو في كوسوفو والغزو الأمريكي للعراق".
وذكرت أنه في حال نفذت روسيا العملية العسكرية في أوكرانيا، بالشكل الذي توقعته في مقالها، فإنها ستعلن للعالم أن موسكو قوة تقليدية مهيمنة، وليست مجرد قوة نووية، إذ يمكن أن يؤدي الاستخدام الاستراتيجي لهذه القوة، إلى عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، ما يدمرها اقتصادياً، كما أنها سترسل رسالة مفادها أن القوة أفضل طريقة لتحقيق الأهداف السياسية، وإقناع قادة أوروبيين معينين بأن الوقت حان، لإعادة التفاوض بشأن البنية الأمنية الأوروبية.
خطوة روسيا التالية
أعربت الكاتبة عن أملها بأن تكون مخطئة، لكن المحللين العسكريين يشيرون إلى أن الحشد الروسي على طول أوكرانيا يختلف عن سابقيه، لأنه أكثر جدية وشمولية، إذ تستخدم موسكو كل أدوات القسر والإكراه في ترسانتها.
وقالت الكاتبة إن سنوات من التحليل الخاطئ، قادت صانعي السياسات الغربيين إلى إقناع أنفسهم بأن بوتين مجرد شخص انتهازي، لأنهم فشلوا في صياغة استراتيجيتهم الخاصة لردعه، لكن الرئيس الروسي لم يدفع ثمناً لعدوانه، كما أن الضعف الغربي -على مر السنين- شجعه على الاستمرار.