بسبب انهيار الليرة.. التضخم في تركيا يقارب 50% في ارتفاع قياسي منذ 20 عامًا
كان رئيس الدولة، المتهم بتشجيع ارتفاع الأسعار عبر دفع البنك المركزي التركي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل شبه منهجي في الأشهر الأخيرة، تعهد في يناير بخفض التضخم إلى أقل من 10 بالمئة في أسرع وقت ممكن.ولتبرير سياسة "المعدلات المنخفضة" التي يدعمها، تحدث أردوغان مرارًا عن تعاليم الإسلام التي تحرِّم الربا

السياق- وكالات
سجل معدل التضخم في تركيا ارتفاعا بـ 48.69% على أساس سنوي في يناير، في أعلى رقم يسجل منذ أبريل 2002 أي قبل 20 عامًا، نجم عن انهيار الليرة التركية عام 2021.
وبلغ معدل التضخم في تركيا في يناير 48.69% بحسب أرقام رسمية نُشرت الخميس، وفي ديسمبر سجلت الأسعار ارتفاعا إلى 36.08 بالمئة على أساس سنوي.
وأصبح التضخم قضية ساخنة في تركيا، قبل أقل من 18 شهرًا من الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتتهم المعارضة وبعض الاقتصاديين الأتراك والأجانب، مكتب الإحصاء الوطني بتقليل نسبته بأكثر من النِّصف.
ويقول خبراء اقتصاديون أتراك مستقلون، إن التضخم تجاوز 110% في يناير.
وتعزز غياب الثقة بالأرقام الرسمية، مع إقالة الرئيس رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي مدير مكتب الإحصاء، في خامس تبديل منذ عام 2019.
كان رئيس الدولة، المتهم بتشجيع ارتفاع الأسعار عبر دفع البنك المركزي التركي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل شبه منهجي في الأشهر الأخيرة، تعهد في يناير بـ "خفض التضخم" إلى أقل من 10 بالمئة "في أسرع وقت ممكن".
ولتبرير سياسة "المعدلات المنخفضة" التي يدعمها، تحدث أردوغان مرارًا عن تعاليم الإسلام التي تحرِّم الربا.
وخلافًا للنظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يعتقد الرئيس التركي أن أسعار الفائدة المرتفعة تعزز التضخم.
لكن سياسته النقدية وعدم استقلالية البنك المركزي، الذي أقال أردوغان ثلاثة حكام له منذ عام 2019، لم يؤديا إلا إلى تسريع هبوط العملة الوطنية (-44% مقابل الدولار عام 2021)، ما أدى إلى ارتفاع هائل في الأسعار.
ذروة التضخم
وحذر الرئيس التركي، من أن الأتراك سيضطرون إلى "تحمُّل" عبء التضخم "بعض الوقت"، مؤكدًا: "بعون الله دخلنا مرحلة سيكون فيها كل شهر أفضل من السابق".
بدوره يرى وزير الاقتصاد التركي نور الدين نباتي، أن التضخم سيبلغ ذروته في أبريل "دون عتبة 50%" بحسب قوله.
لكنه سبق أن أعلن أن هذه الذروة ستجسل في يناير، مؤكدًا أن التضخم سيبدأ حينئذ بالتراجع، ليتدنى دون 10% في يونيو 2023، الموعد المقرر للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتشهد تركيا تضخمًا عاليًا بشكل مستمر منذ مطلع عام 2017 ولم تسجل مثل هذا الارتفاع في أسعار الاستهلا،ك منذ وصول حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان إلى السلطة نهاية عام 2002.
وعلى صعيد بعض المنتجات الأساسية، مثل البيض واللحوم والزيت، كان التضخم أعلى، ما يجعل تكلفة المعيشة صعبة بالنسبة لقسم كبير من الأتراك، وكذلك ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير، لأن البلاد تعتمد على الواردات.
في هذا الإطار المتفجر سياسيًا، أبقى البنك المركزي التركي فائدته الرئيسية نهاية يناير من دون تغيير عند 14%، في قرار يهدف إلى تهدئة التضخم والأسواق، بعد أربعة أشهر متتالية من التراجع، ونهاية سنة كارثية بالنسبة للعملة الوطنية والمستهلكين.
من جانب آخر، رفع أردوغان الحد الأدنى للأجور، في الأول من يناير 50% (من 2825.90 إلى 4253.40 ليرة تركية أي نحو 275 يورو). لكن هذه الزيادة لم تعطِ مفعولًا كبيرًا بسبب الوضع الاقتصادي.
آلية ادخار
وفي محاولة للجم انهيار الليرة التركية، أعلن أردوغان نهاية ديسمبر إنشاء آلية ادخار، تتيح تعديل قيمة بعض الودائع المصرفية بالليرة مع سعر الدولار.
هذا الإجراء الطارئ، الذي يهدف إلى تشجيع الأتراك على الإيداع أو تحويل مدخراتهم إلى الليرة، أعقبه انتعاش مفاجئ لكنه موقت في العملة الوطنية، وهو ما يعزوه كثيرون من خبراء الاقتصاد إلى التدخلات المتكررة من البنك المركزي التركي في الأسواق.