تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا.. الشرق الأوسط وإفريقيا مهددان بالجوع
المخاوف من غزو روسي لأوكرانيا، تسببت في تقلب أسعار المواد الغذائية، وتهدد بدفع عائلات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى الجوع الشديد

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة تلغراف البريطانية، الضوء على المخاطر التي قد تنجم عن أي غزو روسي محتمل لأوكرانيا، مشيرة إلى أن آثار الحرب لن تقف على أهالي المنطقة، وإنما أيضًا ستطول مناطق أخرى، أبرزها الشرق الأوسط، الذي قد يضربه الجوع الشديد.
وقالت الصحيفة، في تقرير: إن المخاوف من غزو روسي لأوكرانيا، تسببت في تقلب أسعار المواد الغذائية، وتهدد بدفع عائلات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى الجوع الشديد.
وأشارت إلى أن ذلك كله، يعود إلى أن روسيا تُعد أكبر مُصدر للقمح في العالم، بينما برزت أوكرانيا -بشكل ملحوظ- بين مصدري الحبوب، العقد الماضي، وبذلك فإن الدخول في أي حرب محتملة، يعني توقف إمدادات القمح إلى عدد من الدول، على رأسها الشرق الأوسط.
وأدت التوترات بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار القمح العالمية، حيث يشكل البلدان ثلث صادرات القمح عالميًا، ويذهب الكثير من هذه الصادرات إلى الشرق الأوسط.
وساعدت التوترات المتصاعدة والحركة العسكرية المتزايدة -على طول الحدود الروسية الأوكرانية- في دفع العقود الآجلة للقمح المتداولة في شيكاغو إلى الارتفاع بأكثر من 7% خلال يناير إلى نحو 8 دولارات للبوشل (مكيال الحبوب) وهو أقل بقليل من أعلى مستوى له خلال 10 سنوات تقريبًا عند 8.50 دولار للبوشل.
ويخشى بعض المحللين أن يحد التوغل الروسي العميق في أوكرانيا والعقوبات الغربية، من الصادرات الروسية، وذلك أسوأ سيناريو عالمي، كما يمكنها أن تحرم الأسواق العالمية من نصيب الأسد لإمدادات القمح من البلدين.
وتعرف أوكرانيا بسلة الخبز في أوروبا، وهي مسؤولة عن 10% من صادرات القمح في العالم، كما تصل صادرات القمح الوفير في أوكرانيا إلى دول شمال إفريقيا، التي تعتمد غالبًا على الواردات لإطعام سكانها وإبقاء أسعار الخبز منخفضة.
ارتفاع الأسعار
ونقلت "تلغراف" عن خبراء، تحذيرهم من أن العائلات التي تواجه ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية "قد تشهد ارتفاعًا أكبر في تكلفة السلع الأساسية إذا تعطلت سلاسل التوريد".
وقالت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي للصحيفة البريطانية: "لقد شهدنا تقلبات السوق حتى في الأيام الماضية، بسبب مخاوف من احتمال حدوث صراع، وبذلك بدأ سعر الحبوب يتأثر".
وأضافت: "أسعار المواد الغذائية مرتفعة بالفعل... نحن قلقون من أن يصبح الناس في الشرق الأوسط وإفريقيا أكثر عرضة للخطر إذا تعطلت الإمدادات".
وذكرت "تلغراف" أن أسعار المواد الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات، حيث وصلت إلى مستويات مماثلة لتلك التي كانت خلال ما يعرف بـ"الربيع العربي"، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.
وأوضحت أن الصراع -في حال استمراره- قد يعني أن الإمدادات من أوكرانيا ستحتاج إلى مصدر بديل، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
أزمة لبنان
وقالت "تلغراف": مع مرور لبنان بما يقول البنك الدولي إنه قد يكون أحد أسوأ الأزمات الاقتصادية، منذ منتصف القرن التاسع عشر، قال منتجو الخبز المحليون إن أي زيادة في أسعار القمح سيكون لها تأثير كبير.
ونقلت الصحيفة عن غسان بو حبيب، الرئيس التنفيذي لشركة وودن بيكري، ولها 50 فرعًا في جميع أنحاء لبنان، قوله: "بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان، سنعاني بالتأكيد إذا كانت هناك حرب في أوكرانيا"، مضيفًا: "نحن نعاني بالفعل، وإذا حدث ذلك، فأنا متأكد من أنه سيكون من الصعب للغاية الحفاظ على الأعمال التجارية".
من جانبه، قال تيموثي لانغ، المتخصص في سياسة الغذاء، في تصريح لـ "تلغراف": "نحن الآن في عصر تتقلب فيه أسعار المواد الغذائية، على عكس ما قبل 50-90 عامًا عندما كان لدينا مخزون حقيقي، فأمننا الغذائي يأتي الآن من الأسواق المالية، وهذا يعني أن التقلبات السياسية يمكن أن تدفع بأعداد كبيرة من الناس إلى حالة انعدام الأمن الغذائي".
الأعلى تصديرًا
وأوضحت "تلغراف" أن منطقة البحر الأسود الأكثر أهمية في العالم بالنسبة لصادرات الحبوب، مشيرة إلى أنه خلال هذا العام، من المتوقع أن تمثل أوكرانيا 12 في المئة من صادرات القمح العالمية، و16 في المئة للذرة، و18 في المئة للشعير، و19 في المئة من بذور اللفت، بينما يتجه 40 في المئة من شحناتها السنوية من الذرة والقمح إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا.
وتعليقًا على ذلك، قال البروفيسور لانغ: "لم يعد بإمكاننا افتراض أن الطعام بعيد إلى حد ما عن الآثار السياسية للصراع".
بدورها، قالت عبير عطيفة: "العالم لا يستطيع تحمل صراع آخر من صُنع الإنسان"، وأضافت: "الصراع يؤدي إلى الجوع، والحرب ستؤدي إلى مزيد من انعدام الأمن الغذائي... إننا نواجه أعلى مستوياته على الإطلاق، في ما يتعلق بالحاجات الإنسانية، وكفانا ما يحدث في أفغانستان وجنوب السودان واليمن... لا يمكننا التعامل مع أزمة إنسانية أخرى".