30 عامًا منذ ظهور نصرالله: إيران.. الفتنة الداخلية.. وإسرائيل
رغم أن زعيم حزب الله لا يزال مختبئًا في جحره مع آلاف الذين قُتلوا في سوريا والأغلبية غير المستقرة في البرلمان سيظل مطيعًا لسيده الإيراني

ترجمات - السياق
"أتذكر عام 1979 عندما كان العالم يشاهد الإمام الخميني في باريس، كانت قلوب عشرات الملايين معه، عندما صعد الطائرة إلى طهران، وفيها استُقبل بأكبر ترحيب في التاريخ، وكان إعلانًا للنصر"، بهذه الكلمات بدأ حسن نصرالله، في اندفاع غامر بالحنين إلى الماضي، مقابلته التلفزيونية مع محطة الدعاية الإيرانية "العالم" الأسبوع الماضي.
ثلاثون عامًا مرت، منذ أن اغتالت إسرائيل سلفه عباس الموسوي في 16 فبراير 1992، ومنذ ذلك اليوم، لم يكن لنظام آية الله في طهران متحدث رسمي بارز، خطيب قادر على أسر معجبيه، يمكن أن يُنظر إليه على أنه الصوت العربي لطهرا ، بحسب تقرير لصحيفة إسرائيل هوم.
وذكرت الصحيفة، أنه "منذ اللحظة التي أسس فيها الإيرانيون حزب الله عام 1982، كان قادته خاضعين لإرادة المرشد الأعلى لإيران، من دون أن نستثني نصر الله، طاعته العمياء لآيات الله، التي لم تتصدع حتى بعد سقوط الآلاف من مقاتلي حزب الله في ساحات القتال السورية، أو بعد اغتيال مصطفى بدر الدين، جميعها لم تثن نصر الله عن إنكار الجوهر الأساسي للحركة الشيعية في المقابلة، وتساءل بصوت عالٍ عما إذا كانت قد تحركت نيابة عن طهران".
لعب دور البراءة
أحدثت تصريحات نصر الله عاصفة في لبنان، إذ فوجئت الشخصيات السياسية بالمشهد المتلفز لنصرالله وهو يلعب دور البريء، لا سيما في ظل الدور الذي يلعبه حزب الله في سوريا والعراق واليمن وحتى البحرين.
وفي هذا السياق -على سبيل المثال- أفادت الصحافة السعودية باغتيال مستشار حزب الله في الحرب مع الحوثيين في اليمن، بينما في البحرين، اعتقل عشرات الأشخاص عام 2018 للاشتباه في انتمائهم للتنظيم.
وكان نفي نصرالله يهدف إلى تحييد الانتقادات اللاذعة التي يواجهها، وسط الفساد والانهيار الاقتصادي في لبنان، ما أدى إلى تفاقم التوترات مع السُّنة والمسيحيين.
وبعد مقتل أنصار حزب الله بالرصاص، بمظاهرة في أكتوبر 2021، اتهم الزعيم المسيحي اللبناني سمير جعجع بالمسؤولية.
والشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، زعيم حزب المستقبل استقالته، ملقيًا باللوم على إيران في أزمة لبنان، والاعتقاد السائد بأن خليفته سيكون شقيقه بهاء، الذي يعادي حزب الله ويرفض التعاون معه.
وفي مقال نُشر الشهر الماضي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، رأت الكاتبة حنين غدار، أنه رغم أن جماعات المعارضة لن تفوز بما يكفي من التفويضات في البرلمان لتحقيق نصر مدوٍ، فإنها قد تزيد قوتها بما لا يقل عن 10 مقاعد أخرى، وضع حد للأغلبية الحالية، التي يتمتع بها حزب الله وحلفاؤه.
وأشارت غدار إلى أن الحليف الرئيس لنصر الله، التيار الوطني الحر المسيحي، برئاسة الرئيس ميشال عون، يتراجع في الاستطلاعات إلى أقل من 13%.
كما أشارت إلى أن عدم الموافقة على حزب الله آخذة في الانتشار، حتى بين الجمهور الشيعي.
وبحسب غدار، فإن حزب الله وحلفاءه قلقون أيضًا من ارتفاع عدد اللبنانيين، الذين سجلوا للتصويت في الخارج، ومعظمهم من المسيحيين الذين يعيشون في الغرب.
وسط هذه الخلفية القلقة، هناك مخاوف من أن يحاول نصرالله تأجيل الانتخابات أو نسف تشكيل الحكومة.
ضد الهجوم
يعتقد الدكتور شمعون شابيرا، من مركز القدس للشؤون العامة، أن حزب الله سيحافظ على قوته البرلمانية في انتخابات مايو، إذا بقي الاصطفاف الحالي للقوى السياسية على حاله.
ويوضح شابيرا أن حزب الله يريد السيطرة على لبنان، عبر مجلس النواب، الذي من خلاله تُشكل الحكومة ويُعين الرئيس.
ومع ذلك، فهو لا يعتقد أن نصر الله سيحاول إلغاء التوزيعات الدستورية للسلطة على أسس عِرقية، وإلا فإن البلاد ستتفكك إلى كانتونات، ويتقوَّض هدفه في السيطرة على الدولة.
إلى جانب لعبة العروش اللبنانية هذه، يمكن اختبار التزام نصر الله بخامنئي في سيناريو هجوم إسرائيلي مستقبلي على إيران.
وأكد شابيرا أن نصر الله كذب أيضًا في المقابلة، بشأن رد حزب الله على مثل هذا الهجوم، عندما قال إن التنظيم سيجتمع ويقرر ما يجب فعله بناءً على الظروف، وأضاف: "إذا هاجمت إسرائيل مواقع نووية في إيران، ستطلق الصواريخ على الفور في تل أبيب، ولن يضطروا إلى السؤال، مثل هذا التوجيه من إيران موجود بالفعل. علاوة على ذلك، فإن ترسانة الصواريخ الاستراتيجية لحزب الله، ومشروع الصواريخ الدقيقة، الهدف منه ردع إسرائيل حتى لا تستهدف المواقع النووية ".
الاختطاف
كما يختلف شابيرا مع الرأي القائل إن نصرالله زعيم عقلاني وربما "رصيد لإسرائيل"، خاصة بالنظر إلى قراره البائس، الذي أشعل فتيل حرب لبنان الثانية.
وبحسب صحيفة إسرائيل هوم، فإنه طوال السنوات الثلاثين التي قضاها في السلطة، لم يرتكب نصر الله أي أخطاء جوهرية، باستثناء عام 2006، فقد اختطف جنديين إسرائيليين "جنديي الاحتياط إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف" واعتقد أن إسرائيل لن ترد، في واحد من أفدح أخطاء الوقت الذي أمضاه في السلطة، فكيف تفسرون ذلك؟
وأضافت الصحيفة: حتى بصفته الخبير الأول المفترض في إسرائيل بالعالم العربي، انظروا إلى الخطأ الذي ارتكبه عام 2006، إنه خطأ ما زال يدفع ثمنه حتى يومنا هذا منذ عام 2008، عندما اغتيل عماد مغنية ولم يغادر ملجأه".