مع اقتراب غزو أوكرانيا.. بوتين ينجح في توحيد خصومه

يقول دبلوماسي أوروبي إن الاتحاد الأوروبي والناتو نجحا في اختبار الأزمة الأوكرانية الحالية، لأن التعامل معها كان على مستوى دبلوماسي وجيوسياسي عالٍ للغاية، بما في ذلك الزيارات المنسقة والاجتماعات بين القادة.

مع اقتراب غزو أوكرانيا.. بوتين ينجح في توحيد خصومه
فلاديمير بوتين

ترجمات - السياق

بينما يراقب العالم وينتظر بقلق، لمعرفة ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيصدر تعليمات لقواته بغزو أوكرانيا، يجد الدبلوماسيون الأوروبيون جانباً إيجابياً للأزمة، التي تتكشف في أوروبا الشرقية، وهو ذلك الاتحاد الذي بات موجوداً بين خصوم موسكو، وفقاً لشبكة سي إن إن الأمريكية.

وقالت الشبكة، في تحليل نشرته الأحد، إن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) متحدان بشكل ملحوظ خلال هذه الأزمة، الأمر الذي لم يكن مؤكداً -بأي شكل من الأشكال- قبل أشهر قليلة.

 

كواليس

وأضافت الشبكة أن بعض الدبلوماسيون والمصادر في حلف شمال الأطلسي والمسؤولين في الاتحاد الأوروبي، يشيدون في الكواليس بـ "المستويات غير المسبوقة من الوحدة والتنسيق التي عززت التحالف عبر الأطلسي"، حيث عملت المؤسستان على قدم وساق مع بعضهما والولايات المتحدة، على حد تعبير أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي .

ونقلت الشبكة عن دبلوماسي أوروبي كبير يعمل في "الناتو" قوله إنه يشعر بالمفاجأة من الوضع الحالي، مشيراً إلى أن العاملين في الحلف ممتنون للتواصل والتعاون المنتظم، بين قيادات الاتحاد الأوروبي و"الناتو"، الأمر الذي سمح للرسائل الموجهة إلى موسكو بأن تكون "منسقة ومتسقة على أعلى مستوى دبلوماسي، رغم الاختلافات الثقافية والجغرافية لأصحاب المصلحة".

 

زرع الانقسام

ورأت "سي إن إن" أنه في حين أن المؤسستين يجب أن تكونا شريكتين طبيعيتين على الورق، إلا أن هذا المستوى من الوحدة لم يكن مؤكداً، إذ توترت العلاقات بين الهيئتين اللتين يوجد مقرهما ببروكسل في السنوات الأخيرة.

وتابعت: مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن أزمة كتلك التي حدثت في أوكرانيا، من الممكن أن تكون مصممة لزرع الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، بطريقة تحظر اتخاذ إجراءات قوية، مثل العقوبات القاسية ضد روسيا، وتسبب صداعاً للاتحاد يتعلق بالعمل مع "الناتو" لتبني رد غربي موحد، ومع ذلك فإن الاتحاد كان موحداً بشكل غير عادي، واستكمل موقف الحلف المتشدد في مواجهة العدوان الروسي.

ويقول المسؤولون إن سبب النجاح أن الاتحاد الأوروبي متمسك بنقاط قوته، كما فعل حلف الناتو، إذ قال أحد كبار مسؤوليه للشبكة إن الأزمة الأوكرانية كانت "اختبارًا حاسمًا" لكيفية عمل المؤسستين.

وأضاف المسؤول: "الناتو تحالف سياسي وعسكري يمكنه التحدث عن تعزيز الدفاعات على الجانب الشرقي لأوروبا، أما الاتحاد الأوروبي فقوة اقتصادية يمكنها الوقوف جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالعقوبات".

كما أوضح دبلوماسي بارز في حلف شمال الأطلسي، أن الاتحاد الأوروبي وضع بسرعة مقترحات لحزمة من أموال الدعم، والعقوبات ضد روسيا وإمدادات الغاز الطارئة.

 

رد منسق

وفقاً لـ"سي إن إن" فإن مصادر عدة أشارت إلى الرد المنسق على رسالة بعث بها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى دول عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية، حدد فيها مخاوف بلاده الأمنية، إذ أنه رغم إرسال الرسالة إلى عشرات الحكومات، فإن لافروف لم يتلق سوى ردين فقط أحدهما من "الناتو" والآخر من الاتحاد الأوروبي.

ويقول مسؤول في الاتحاد الأوروبي لـ "سي إن إن": "لا يوجد مثال أفضل للاجتماع بين الهيئتين -باعتبارهما شركاء- أفضل من هذا الرد المنسق على لافروف"، لكن المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي، أوضح أنهم يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي "أهدر الكثير من الجهد في كتابة رد على رسالة ربما تكون كُتبت في خمس دقائق وكان الغرض منها إحداث اضطراب".

وفي هذا الصدد، يعتقد المسؤول أن "الاتحاد الأوروبي كان ساذجاً وتصرف بطريقة تصب في مصلحة روسيا، حيث إن الاستجابة المنسقة استحوذت على الاهتمام الأوروبي أسابيع، لكنها لم تحقق في النهاية سوى القليل".

 

عداء خفي

من جانبه، يقول الدبلوماسي الأوروبي إن الاتحاد الأوروبي و"الناتو" نجحا في اختبار الأزمة الأوكرانية الحالية، لأن "التعامل معها كان على مستوى دبلوماسي وجيوسياسي عالٍ للغاية، بما في ذلك الزيارات المنسقة والاجتماعات بين القادة".

وقالت "سي إن إن": رغم هذا النجاح فإن هناك مخاوف من أن أي مشكلات مثل الطاقة أو الأمن السيبراني، قد تؤدي لعودة الاتحاد الأوروبي و"الناتو" إلى مؤسستين لهما مصالح متناقضة.

ورأت الشبكة أن أي احتفال بهذه الوحدة في العواصم الأوروبية، قد يكون سابقاً لأوانه، لأنه من الواضح أن الوضع على الحدود الروسية الأوكرانية لا يزال صارخاً ومرعباً، كما أنه رغم أن رد الفعل الغربي أدى إلى تهدئة بوتين حتى الآن، فإن الأمور ما زالت خطيرة.

ونهاية التحليل، قالت "سي إن إن": "رغم هذه المخاوف فإنه بعد سنوات من العداء المخفي، وأحياناً العداء العام، وجد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي طريقة للعمل معاً، في وقت يسود فيه قدر كبير من عدم اليقين بالنسبة للغرب، ومع العديد من الأزمات التي تلوح في الأفق خارج أوكرانيا، فإن ذلك شيء جيد".