المستشار الألماني في السعودية والإمارات.. هل تنجح برلين في عبور اختبار الشتاء؟
وفي محاولة من ألمانيا التي تعدّ أكبر اقتصادات أوروبا حجمًا لإنقاذ الشتاء القادم وتقليل فاتورة الخسائر، اتجهت برلين إلى الخليج.

ترجمات - السياق
بعد دخول الحرب الأوكرانية شهرها الثامن دون أن تضع أوزارها بعدُ، باتت تأثيرات الأزمة التي لم تبرح مكانها بعد، تضرب اقتصادات بلدان أوروبية، بأزمة لم تعهدها منذ عقود.
تلك الأزمة فاقمتها خسارة الإمدادات من روسيا في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها الأخيرة في أوكرانيا، وتصعيد المواجهة بين موسكو وأوروبا، بعد محاولة الأخيرة تحديد سعر للغاز الروسي.
وفي محاولة من ألمانيا التي تعدّ أكبر اقتصادات أوروبا حجمًا لإنقاذ الشتاء القادم وتقليل فاتورة الخسائر، اتجهت برلين إلى الخليج بعد أن عقدت صفقات مع مصر وإسرائيل في وقت لاحق من هذا العام.
وفي هذا الإطار وصل يوم السبت، المستشار الألماني أولاف شولتز إلى مدينة جدة السعودية للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في اجتماع لم يخرج عنه الكثير، وإن كان محوره الرئيس الغاز، ومحاولة إبرام صفقات جديدة للطاقة، تعوّض القارة العجوز عن الغاز الروسي.
وعن اللقاء، قالت وكالة الأنباء السعودية، إنَّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استقبل المستشار الألماني أولاف شولتز، في قصر السلام بجدة، في لقاء استعرضا خلاله أوجه العلاقات السعودية الألمانية، ومجالات الشراكة بين البلدين، إضافةً إلى بحث آفاق التعاون الثنائي وفرص تطويره وفق رؤية المملكة 2030.
وبحسب «واس»، فإنَّه جرى خلال الاستقبال استعراض مستجدات الأوضاع على المستوى الإقليمي والدولي، والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والسلم الدوليين، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح مصدر حكومي في تصريحات لوكالة «بلومبرغ» أنَّ أهمية المملكة العربية السعودية كمصدر للوقود الأحفوري وقوة إقليمية تعني أن هناك حاجة إلى علاقة عمل قوية مع ولي العهد، فيما قالت مصادر حكومية إنَّ برلين تريد توسيع التعاون في التقنيات الجديدة مثل الهيدروجين الأخضر المنتج باستخدام الطاقة المتجددة، والتي يمكن أن تستوردها ألمانيا بكميات كبيرة من دول الخليج.
وقبل الرحلة، قال مصدر حكومي ألماني: «علينا العمل مع السعودية إذا أردنا على سبيل المثال تسوية مسألة الحرب في اليمن أو معالجة المسألة الإيرانية»، في إشارة إلى النفوذ العسكري الإقليمي لطهران.
وقال مسؤول حكومي ألماني كبير طلب عدم الكشف عن هويته وفقًا لقواعد الإحاطة الحكومية، إنَّ الزيارة هي أحدث دفعة في محاولة ألمانيا للتنويع بعيدًا عن الطاقة الروسية، مشيرًا إلى أن عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل والهيدروجين الأخضر جزء أساسي من تلك الخطة.
وقال المسؤول، إن ألمانيا تجري «محادثات بناءة» مع السعودية بشأن صفقات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل. ولم يقدموا مزيدًا من التفاصيل حول العقود أو الشركات المشاركة.
أولاف شولتز في الإمارات
وما إن أنهى المستشار الألماني زيارته إلى السعودية، حتى توجّه إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي التي التقى فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية «وام»، فإن الجانبين بحثا مسارات التعاون والفرص المطروحة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تجمع البلدين خلال المرحلة المقبلة، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، إضافة إلى الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة والجهود المشتركة في معالجة التغير المناخي والحفاظ على البيئة واستدامتها.
وتقول «وام»، إن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات استعرض ومستشار ألمانيا عددًا من القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادلا وجهات النظر بشأن الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأكدا أنَّ التعاون والحوار وتغليب الحلول الدبلوماسية هو السبيل لمعالجة مختلف القضايا والأزمات ومواصلة النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي وتحقيق مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية، فيما أعرب الجانبان عن تطلعهما إلى العمل المشترك لتحقيق مزيدٍ من التطور في مسار العلاقات الثنائية والبناء على ما تحقق خلال السنوات الماضية.
اتفاقيات ثنائية
وبعد الجلسة الثنائية وقع البلدان عددًا من الاتفاقيات، بينها التوافق على تسريع تنفيذ المشاريع ذات الاهتمام المشترك في مجالات أمن الطاقة والحد من الانبعاثات والعمل المناخي من خلال اتفاقية جديدة لتسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي.
كما أبرم البلدان اتفاقًا بين «أدنوك» وشركة «آر دبليو إي» الألمانية تصدر «أدنوك» بموجبه أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال لتشغيل محطة «آر دبليو إي» العائمة لاستيراد الغاز في مدينة برونسبوتل الألمانية، وحجز شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال لعملائها في ألمانيا خلال عام 2023.
وبموجب الاتفاقيات، ستصدر «أدنوك» شحنات تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون إلى ألمانيا وتورد ما يصل إلى 250 ألف طن شهريًا من وقود الديزل لعملائها هناك؛ دعمًا لأمن الطاقة في ألمانيا خلال عام 2023.
وستكثف شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» من جهودها لاستكشاف الفرص المتاحة في أسواق طاقة الرياح في شمال أوروبا وبحر البلطيق في ألمانيا لإنتاج ما يصل إلى 10 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
ووفقًا لبرنامج التعاون في أمن الطاقة ومسرعات النمو الصناعي، ستقوم دولة الإمارات وألمانيا باستكشاف مزيد من الفرص لتسريع النمو وتعزيز التعاون في جميع مجالات سلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين.
وأعلن الإمارات إكمال «أدنوك» أول عملية تسليم مباشر لشحنة من الديزل من إنتاجها لألمانيا في سبتمبر/أيلول الجاري، في اتفاقيات قال عنها المستشار الألماني أولاف شولتز، إنها ستمكن البلدين من تسريع تنفيذ المشاريع الإستراتيجية التي تركز خاصة على الطاقات المتجددة والهيدروجين والغاز الطبيعي المسال والعمل المناخي.
وقال المسؤول: إن شولتز سيناقش خلال الرحلة مقترحات لوضع حد أقصى لسعر النفط الروسي، فيما تضغط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي في غضون أسابيع بشأن الإجراء كجزء من حزمة جديدة من العقوبات تقترحها المفوضية الأوروبية، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر لوكالة بلومبرغ.
وقد تؤمن ألمانيا إمدادات الغاز الطبيعي المسال من الإمارات العربية المتحدة في الأيام المقبلة كجزء من مسعى البلاد لتعويض تحركات روسيا لخفض الإمدادات، بحسب «بلومبرغ».
وبحسب «بلومبرغ»، فإنّ الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة سيكون بمثابة دفعة لشولتز حيث تكافح الحكومة لتعويض عمليات التسليم الروسية بعد أن أغلق الكرملين خط أنابيب رئيسي، وسط تزايد قلق المسؤولين بشأن انقطاع التيار الكهربائي وتقنين هذا الشتاء.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية يوم الخميس، إن أول تسليم تجريبي للهيدروجين الأخضر من الإمارات وصل إلى هامبورغ، كجزء من حملة لإنشاء «سلسلة قيمة شاملة للهيدروجين بين ألمانيا والإمارات العربية المتحدة».
وأضافت الوزارة في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني: «التسليم التجريبي يضع أساسًا مهمًا لواردات الهيدروجين متوسطة الأجل، والتي ستكون خضراء أيضًا».