إبراهيم سعدون في أحضان أمه.. قصة 5 أشهر من رواية حزينة سطرت السعودية نهايتها السعيدة
والد إبراهيم سعدون والذي بدا سعيدًا بعودة ابنه أشاد بدور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطلاق سراح نجله، قائلًا إن الرياض والرباط قامتا بمجهودات جبارة لإنقاذ ابنه من عقوبة الإعدام.

السياق
بوصوله إلى الأراضي المغربية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، أُسْدِل الستار على الفصل الأخير من قضية الطالب المغربي إبراهيم سعدون؛ الذي كان محكومًا عليه بالإعدام وآخرين، وأنقذتهم الوساطة السعودية بين روسيا وأوكرانيا.
تلك الوساطة والتي قوبلت بترحاب شديد من مواطني الخمس الدول الذين أطلق سراحهم، وعظمت مكانة المملكة العربية السعودية إقليميًا ودوليًا، نجحت في إعادة 10 أسرى من 5 بلدان إلى موطنهم بينهم المغربي إبراهيم سعدون، بعد أن كانوا يواجهون شبح الإعدام.
وكانت وزارة الخارجية السعودية، أعلنت الأسبوع الماضي، نجاح وساطة سعودية قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بين روسيا وأوكرانيا، في الإفراج عن مواطني 5 دول من بريطانيا وكرواتيا والسويد والمغرب وأمريكا.
إلا أن واحدًا من بين هؤلاء الأسرى شغلت قصتُه العالمَ العربي لأشهر؛ لعدة أسباب، أولها أنه شاب مغربي، فيما ثانيها أنه تحوَّل من مواطن مغربي ذهب للدراسة في العاصمة كييف إلى مقاتل في صفوف القوات الأوكرانية، مما جعل الكثيرين يفتشون عن أسرار ذلك التحول المفاجئ، وإذا ما كان بدافع المال أم لدوافع أخرى. فماذا نعرف عن قصة إبراهيم سعدون من البداية للنهاية؟
الفصل الأخير
أسدل الستار اليوم الأحد على أحد أبرز القضايا التي شغلت العالم العربي خلال الفترة الأخيرة، بعودة الطالب إبراهيم سعدون إلى مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، حيث كانت أسرته وعدسات الوسائل الإعلامية، بالإضافة إلى بعض الحضور الشعبي، في استقبال الطالب العائد من مقصلة الإعدام.
وبدموع الفرح والاتشاح بعَلَم المغرب، كانت أم الطالب سعدون حاضرة لاستقبال نجلها الذي كانت فقدت الآمال في عودته لبلاده حيًّا، لتؤكد أنها وُلِدَت من جديد.
وقالت والدة الطالب المغربي، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية: «لقد أنجبت ابني إبراهيم للتوّ وعليّ الاحتفال به وتحضير حفلة خاصة»، مشيرة إلى أنه «إذا نزعت عن أيِّ أمٍّ ابنَها ستموت خاصة إذا كانت أمًّا عاطفية مثلي».
من جانبه، قال الشاب العائد من مقصلة حكم الإعدام لدى عودته إلى المغرب، إنه يريد «لفت الانتباه إلى الوضع الصعب في أوكرانيا ونضال شعبها»، مشيرًا إلى أنه «سعيد بالعودة إلى المنزل بعد أن مر بأوقات صعبة جدًا».
وتوجَّه الطالب في مجال هندسة الطيران الذي يعيش في أوكرانيا منذ 2019، بالشكر إلى السعودية والحكومة التركية والشعب المغربي «الذي تضامن معنا».
أمّا والد إبراهيم سعدون والذي بدا سعيدًا بعودة ابنه فأشاد بدور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطلاق سراح نجله، قائلًا إن «الرياض والرباط قامتا بمجهودات جبارة لإنقاذ ابني من عقوبة الإعدام».
وفيما قال إن إبراهيم «عانى من السجن لكنه سيتعافى ويعود إلى دراسته»، أشار إلى أن «ابنه سيخضع للتأهيل النفسي بسبب المآسي الإنسانية التي قاساها بأوكرانيا».
وأكد الطاهر سعدون أن نجله سيبدأ حياة جديدة بالمملكة، وسيعود إلى مقاعد الجامعة بعد تحسُّن وضعه ووضع الأسرة التي عانت كثيرًا طيلة أشهر بسبب القبض عليه من طرف سلطات دونيتسك الانفصالية بأوكرانيا.
قصة إبراهيم سعدون
وبالعودة قليلًا بالزمن إلى الخلف وتحديدًا إلى أبريل/نيسان الماضي، فإنَّ البريطانيَّيْن أيدن أسلين وشون بينر، إضافةً إلى المغربي إبراهيم سعدون، استسلموا في مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب أوكرانيا، التي سيطرت عليها القوات الروسية، بعد حصار استمر لأسابيع.
وبعد قرابة شهرين من القبض على الشاب المغربي، بدا الأخير شاحبًا رفقة صديقيه حينما ظهروا لأول مرة في محكمة في دونيتسك بشرق أوكرانيا في 9 يونيو/حزيران الماضي.
وانتهت تلك الجلسة بقرار اعتبر صادمًا للمحكمة، قضت فيه بإعدام إبراهيم البالغ 21 عامًا مع بريطانيين اثنين لمشاركتهم في القتال مع الجيش الأوكراني بصفتهم «مرتزقة».
وبعد أيام من ذلك الحكم الذي تابعه الكثيرون حول العالم العربي، دخلت الحكومة المغربية على خط الأزمة في 13 يونيو/حزيران الماضي من خلال سفارتها في كييف، قائلة إن إبراهيم سعدون أُلقي القبض عليه وهو يرتدي زيَّ جيش دولة أوكرانيا، بصفته عضوًا في وحدة تابعة للبحرية الأوكرانية.
واكتفت السفارة المغربية في كييف بقولها في ذلك الوقت، إن الشاب «قيد الاحتجاز لدى كيان غير معترف به لا من طرف الأمم المتحدة ولا من طرف المغرب».
إلا أن والد الشاب المغربي إبراهيم سعدون، لم يستسلم فعقد مؤتمرًا صحفيًا في 27 يونيو/حزيران الماضي، ناشد فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتدخل لصالح نجله، مشيرًا إلى أن نجله يحمل الجنسية الأوكرانية.
وفيما قال إن نجله التحق بالبحرية الأوكرانية عام 2021، أضاف أنه «أُسر في أرض المعركة، بلباس رسمي للجيش الأوكراني الرسمي... كان يتلقى الأوامر من كبار المسؤولين في الجيش الأوكراني».
وفيما دعا والد طالب هندسة الطيران المقيم في أوكرانيا منذ 2019 رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش إلى أن «يقوم بالمتعيّن للتعامل مع هذا الملف»، قال محقق الدرك المتقاعد طاهر سعدون، إن السلطات المغربية لم تتصل به، ولا علمَ له إذا تواصلت مع السلطات الروسية أو في دونيتسك.
إلا أن منظمات مغربية تدخلت في ذلك الوقت، وطالبت الحكومة بإنقاذ إبراهيم سعدون الذي أثارت ملامحه الشاحبة أثناء مثوله أمام المحكمة قلقَ عائلته.
وفي يوليو/تموز الماضي، شهدت قضية الشاب المغربي تحركًا جديدًا، بعد أن تقدم والبريطانيان اللذان حُكِم عليهما بالإعدام بطلبات استئناف إلى محكمة في شرق أوكرانيا الخاضع لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا.
وأعلنت المحكمة العليا التابعة للمنطقة الانفصالية في بيان أن سعدون تقدّم بطلب استئناف، فيما قال ممثل عن المحكمة، إن أسلين تقدم أيضًا بطلب استئناف، فيما تقدم بينر بطلب استئناف منذ يونيو/حزيران الماضي.