تكتيك الرعب... هل تنجح الصومال في التخلص من إرهاب حركة الشباب؟
يرى المحلل السياسي الصومالي آدم هيبة في تصريحات لـ-السياق-، أن حركة الشباب تعمل على ما يطيل وجودها في المنطقة، بعد تضييق الخناق على مواردها المادية، واستهداف مناطق نفوذها.

السياق "خاص"
ضربات أمنية متلاحقة، أدمت أوصال حركة الشباب الإرهابية، وجعلتها تتخبط على غير هدى، بعد أن خسرت الكثير من مقاتليها، على وقع العمليات العسكرية للجيش الصومالي.
تلك العمليات زادت وتيرتها، بعد تولي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود زمام الحكم في البلد الإفريقي قبل أشهر، وتعهده بالتزام مقديشو بمكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب.
وعد يبدو أنه رأى النور، وفق مؤشرات خسائر حركة الشباب الإرهابية، وإعلانات الجيش عن العمليات الأمنية، التي باتت بشكل يومي، ما يؤكد عزم البلد الإفريقي على التخلص من «إرهاب» حركة الشباب، التي تواجه تراجعًا كبيرًا في كل الأصعدة، بما فيها العسكرية والاقتصادية والفكرية أمام القوات الحكومية، بالتعاون مع الحلفاء الدوليين في ميادين القتال.
إلا أن ذلك التراجع دفع حركة الشباب إلى التخبط في خطواتها، فاتجهت إلى «تكتيك الرعب» الذي يرتكز على محاولة تكثيف العمليات الإرهابية داخل العاصمة الصومالية مقديشو، وتنفيذ اغتيالات في مناطق عدة من البلاد، إضافة إلى محاولة تعطيل المشروعات الصينية في البلد الأفريقي.
انتقام واستهداف أبرياء
رؤية أكدتها مصادر صومالية مقربة من الأجهزة الأمنية، في تصريحات لـ«السياق»، قائلة إن هناك تقديرات تشير إلى أن حركة الشباب الصومالية ستنفذ عمليات انتقامية، ردًا على خسارتها مدنًا ومناطق استراتيجية، كانت تسيطر عليها، بينها مدينة (مسجد علي جدودوا) القريبة من العاصمة مقديشو، التي كانت تضم أكبر مكاتبها لجمع الإتاوات، ومحكمة خاصة بها تحكم وتعاقب بقوانينها.
وحسب المصادر فإن لدى الأجهزة الأمنية الصومالية، تقديرات بأن حركة الشباب، وهي أحد فروع تنظيم القاعدة، ستلجأ إلى أسلوب التفجيرات لضرب البنية التحية وقتل الأبرياء.
إلا أن مكتب رئيس الوزراء الصومالي تعهد -في بيان- بالتزام الحكومة بالقضاء على الجماعات الإرهابية حتى استئصالها من البلاد، «ليعيش الشعب الصومالي في سلام وكرامة».
تكتيك الرعب
إلى ذلك، قال مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث محمود محمد حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إنه بعد التطورات الأخيرة، الممثلة بإظهار الحكومة الصومالية تحت الإدارة الجديدة للرئيس حسن شيخ محمود، عزمها مكافحة الحركة وهزيمتها على الأرض، فإن حركة الشباب ستركز على «تكتيك الرعب»، الذي يعتمد على تكثيف العمليات الإرهابية.
وأوضح مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث، أن المقاطع المسرّبة من مناطق القتال، أشارت إلى سقوط ما وصفه بـ«الحاجز النفسي» لدى القبائل والحكومة الصومالية تجاه الحركة، ما أسهم في ارتفاع أصوات رفضها ومناهضتها.
وأكد أن تلك التطورات تشير إلى الهزيمة العسكرية النهائية التي ستواجهها الحركة، ونضوب الموارد المالية التي كانت تحصل عليها من «ابتزاز المواطنين ورجال الأعمال والشركات»، مشيرًا إلى أن قبائل عدة تتعامل مع الحركة كجسم غريب وأجنبي عنها،
فللمرّة الأولى، منذ ظهورها قبل 16 عاماً، تواجه الحركة الإرهابية مأزقا وجوديًا ككيان «احتلالي»، ما يعني سقوط كرامة مقاتليها وقياداتها، واستباحة حرمتهم، بحسب مدير مركز هرجيسا، الذي عد تلك التطورات بداية لإنهاء وجود الحركة في البلاد، أو الانكفاء في جيوب صغيرة محصّنة.
إلا أن تلك التطورات، قد تدفع «الشباب» نحو بناء جسور للعلاقات مع تنظيم داعش لترميم قوتها، خاصة في منطقة البحيرات الكبرى وإفريقيا الوسطى، متوقعًا أن تعمل الحركة الإرهابية على تقديم خدماتها وخبراتها للتنظيمات الإرهابية الحليفة لها والمنضوية تحت مظلّة القاعدة، سواء في جنوب الجزيرة العربية والهلال الخصيب أم بإقليمي الساحل والصحراء.
الضغط الاقتصادي
من جانبه، يرى المحلل السياسي الصومالي آدم هيبة، أن حركة الشباب تعمل على ما يطيل وجودها في المنطقة، بعد تضييق الخناق على مواردها المادية، واستهداف مناطق نفوذها.
وأوضح المحلل السياسي، أن «الشباب» سيكون عليها التحرك بين مسارين أساسيين: الأول الدخول في مفاوضات وقبول اقتراح الحكومة بالتفاوض لإحلال السلام، بينما الآخر يتمثل في مواصلة الحرب والبحث عن آليات جديدة للضغط، مثل تنفيذ تفجيرات في العاصمة، والضغط على أي جهة أو مشروع دولي يتعامل مع الدولة الصومالية، عبر استهدافه، خاصة الاستثمارات الصينية.
وأشار إلى أن الضربات الإرهابية المتوقعة للمشروعات الصينية في الصومال، ستكون لإيصال رسالة لأي وجود أجنبي اقتصادي تنموي فيها.
وعن آليات مواجهة سيناريوهات تحرك «الشباب»، أكد هيبة ضرورة تقوية الدور الحكومي في الصومال واستعادة المناطق الاستراتيجية من قبضة الحركة، واستمرار الضغط الاقتصادي عليها، عبر تجفيف مصادر تمويلها.