انتخابات ليبيا في مأزق.. خطوة من البرلمان الليبي وسط معارضة إخوانية

مبادرة لرئاسي ليبيا وخطوة من البرلمان... معارضة الإخوان تضع الانتخابات في مأزق

انتخابات ليبيا في مأزق.. خطوة من البرلمان الليبي وسط معارضة إخوانية

السياق

حراك داخلي في ليبيا، لتسريع الخطى نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في موعدها، وفقًا لخارطة الطريق الأممية، إلا أنه دائمًا ما يقابّل برفض إخواني، لكل ما من شأنه إحداث انفراجة في الأزمة الليبية، التي دخلت عامها العاشر.

آخر خطوات ذلك الحراك، كان ما أعلنه البرلمان الليبي، عن إقرار قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة، لتكون بعد الرئاسية بـ30 يومًا، في خطوة هاجمها ما يُعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» الذي يرأسه الإخواني خالد المشري.

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الانتخابات البرلمانية ستجرى عقب اعتماد انتخاب رئيس  للبلاد بـ30 يوماً، مشيرًا إلى أن قرار البرلمان الليبي، الذي حظي بموافقة الأغلبية، جاء بناءً على حرص مجلس النواب، على إجراء انتخاب رئيس بشكل مباشر من الشعب وعدم تجاوز ذلك، نظراً لما مرت به البلاد خلال السنوات الماضية، في ظِل عدم وجود رئيس منتخب من الشعب.

وأشار إلى أن البرلمان صوَّت بالأغلبية على إلزام السلطة التشريعية المقبلة، بإعادة النظر في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد الانتخابية.

 

تعزيز الديمقرطية

من جانبه، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، طارق الجروشي، في تصريحات نشرها البرلمان الليبي، إن إصدار مجلس النواب قانون الانتخابات البرلمانية، «كان إدراكاً للمسؤولية الوطنية والدور المنوط به، وبذلك يكون قد أنهى واجبًا وطنياً قانونياً كان على عاتقه، وتعزيزًا للديمقراطية وتلبية لطموحات الشعب الليبي».

وأوضح البرلماني الليبي، أن «موعد الانتخابات البرلمانية سيكون مع الجولة الثانية لانتخاب الرئيس، لإنهاء الانتخابات معًا، في خطين متوازيين ومحددين»، مؤكدًا رفض الملاحظات التي أحيلت من المفوضية، على قانون انتخاب الرئيس وعدم تعديل القانون بناءً على ملاحظات المفوضية، بسبب عدم جوهرية تلك الملاحظات.

ورغم أهداف البرلمان الليبي، في إصداره قانون الانتخابات النيابية، الذي جاء بعد أيام من لقاء «تشاوري» في العاصمة المغربية الرباط، جمع أعضاء من النواب وآخرين من «المجلس الأعلى للدولة» الذي يرأسه الإخواني خالد مشري، فإن الأخير أعلن رفضه لقانون الانتخابات البرلمانية.

 

ادعاءات إخوانية

وقال المتحدث باسم ما يُعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» محمد عبدالناصر، في سلسة تغريدات عبر «تويتر»، إن «المجلس يرفض خروق مجلس النواب المستمرة للاتفاق السياسي المضمن في الإعلان الدستوري، آخرها إصدار ما سماه قانون انتخاب البرلمان، من دون الالتزام بنص المادة 23 من الاتفاق السياسي، التي تستوجب التوافق بين المجلسين على هذا القانون»، في إشارة إلى الاتفاق السياسي الليبي الذي وُقِّع في الصخيرات بالمغرب عام 2015.

وزعم متحدث «الأعلى للدولة»، أن المجلس يؤكّد دعمه والتزامه بموعد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، محملًا البرلمان وأعضاءه مسؤولية أي تأجيل أو تعطيل لموعد الانتخابات، بسبب التصرفات أحاديّة الجانب، وعدم الاستناد إلى مواد الاتفاق السياسي لإنجاز القوانين الانتخابيّة، في إشارة إلى خيارات أخرى قد يتخذها المجلس.

إلا أن تصريحات متحدث ما يُعرف بـ«الأعلى للدولة» صاحبها تصعيد جديد من المجلس الإخواني، تمثَّلت في التصويت على قبول اقتراح بقاء عدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد طبقًا للقانون رقم 14 لسنة 2012 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي، الذي انتُخب المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب على أساسه، وكذلك اعتماد توزيع المقاعد بمجلس الأمة حسب التوزيع الوارد بمشروع الدستور.

 

المرحلة المقبلة

بيان ما يُعرف بـ«الأعلى للدولة» لم يكن كافيًا للإخوان للتنفيس عن غضبهم، بل إن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في ليبيا، أكد «رفضه إصدار القوانين واعتمادها من دون أساس قانوني صحيح، لا سيما تلك القوانين التي تحدد وترسم ملامح المرحلة المقبلة».

وبينما تغافل «العدالة والبناء»، لقاء الرباط، الذي شاور فيه «النواب»، المجلس الأعلى للدولة، وانتهى بتوافق بين الطرفين، على قانون الانتخابات الذي كان محل التشاور، قال الحزب الإخواني: «من المفترض أن تستند إلى مواد الاتفاق السياسي المعنية بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة»، على حد زعمه.

وادعى الحزب الإخواني، أن قانون الانتخابات البرلمانية «أغفل نظام القائمة الحزبية، واقتصر على النظام الفردي كأساس وحيد تجرى عليه الانتخابات»، في خطوة قال إنها «تتعارض مع أساسيات النظام الديمقراطي، الذي يقوم على وجود أحزاب سياسية فاعلة، تتشكل منها المجالس النيابية، وينتظم في ظلها الخلاف السياسي».

إلا أن النقطة الأخيرة، رد عليها مجلس النواب، قائلًا، إن القانون لم يحظر مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة، مشيرًا إلى أنه بإمكان الأحزاب السياسية المشاركة بالنظام الفردي وليس القوائم.

 

هجوم على الإخوان

موقف الإخوان من قانون الانتخابات البرلمانية، الذي أصدره مجلس النواب، قوبل بهجوم من محللين ومراقبين ليبيين، استنكروا فيه رفض مجلس الدولة، الذي يقتصر دوره على الاستشارة، في القانون النيابي، مشيرين إلى أن البرلمان الليبي، التزم بالاتفاق السياسي، وشاور أعضاء ما يُعرف بـ«الأعلى للدولة» خلال اجتماع الرباط، وهو ما يحصِّن القانون من أي طعون محتملة.

من جانبه، قال المحلل السياسي محمد قشوط، في تغريدة عبر «تويتر»: إن ‏تنظيم ا‎لإخوان في ‎ليبيا «من خلال الكيان الهلامي المسمى المجلس المستشاري، برئاسة خالد المشري، يعلن رفضه قانون انتخاب البرلمان، مثلما رفض قانون انتخاب الرئيس، الصادرين عن مجلس النواب».

واعتبر قشوط، أن رفض تنظيم الإخوان الليبي قانوني مجلس النواب، جاء استشعارًا منهم «بالخوف، فباتوا يتحسسون رقابهم، كونهم يعلمون أن الطوفان الشعبي سيقتلعهم في 24 ديسمبر المقبل».

وبينما واصل ما يُعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» تعنته ورفضه لأية خطوات، من شأنها حلحلة الأزمة الليبية، قلل مراقبون ليبيون من أن يكون لتلك المعارضة أي تأثير يذكر في إجراء العملية الانتخابية في موعدها، إلا أنهم حذَّروا من تبعات رفض الإخوان للقوانين، التي سيجرى على أساسها الاستحقاق الدستوري.

وأكد المراقبون، أن تبعات الرفض الإخواني، ستمتد إلى عدم اعتراف بالنتائج، التي قد تقصيهم من السُّلطة، ما يهدد بعودة البلد الإفريقي إلى مربع العنف مرة أخرى، مشيرين إلى ضرورة تدخل دولي، لإلزام تنظيم الإخوان وأذرعه في ليبيا، بقبول العملية السياسية، وعدم تصدير الأزمات.

 

الرئاسي يتدخل

وفي محاولة من المجلس الرئاسي الليبي، لتجاوز هذا المأزق، أعلنت المتحدِّثة باسمه، نجوى وهيبة، مبادرة لإجراء الانتخابات في موعدها، وفي ظروف تمكن الجميع من القبول بالنتائج ومشاركة الجميع.

وقالت وهيبة، في تصريحات صحفية، إن مبادرة المجلس الرئاسي، لإتاحة وقت أكبر للأطراف المعنية كي تؤدي عملها، على أن يتحمَّل كل طرف مسؤوليته القانونية والوطنية، مشيرة إلى أنه بدأ الآن عمل المجلس الرئاسي، طالما لم يكن هناك حل من الأطراف المعنية، على حد قولها.

وأشارت إلى أن المبادرة، التي تتناول أكثر من مقترح، ستجمع الأطراف السياسية المعنية، لإيجاد طريقة لحسم القاعدة الدستورية وإجراء الانتخابات في موعدها، ملوِّحة بفكرة عدم ترشُّح شخصيات سياسية فاعلة، كانت حاضرة في المشهد، لتسهيل قبول نتائجها.