هل تُسقط الاحتجاجات في إيران النظام؟... مسؤولون أمنيون يجيبون
الحكومة الإيرانية لا تشعر بأنها ستفقد قبضتها على السلطة قريبًا، وأنها مازالت تملك أدوات قاسية لاستخدامها ضد المتظاهرين.

ترجمات -السياق
رأت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الاحتجاجات المستمرة في إيران، منذ قتل مهسا أميني في سبتمبر الماضي، تُمثل تحديًا مُستمرًا للنظام في طهران، إلا أنها لا تعرض القادة المتشددين لخطر السقوط.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين غربيين وشرق أوسطيين قولهم: إن حركة الاحتجاجات المستمرة منذ 3 أشهر تُمثل دافعًا للتغيير من شأنه أن يتحدى أسس الدولة، لكنها لا تُمثل تهديدًا مباشرًا للحكومة المتشددة في طهران.
قوة الاحتجاجات
وبينما دخلت احتجاجات إيران، السبت، شهرها الرابع، وصف مسؤولون غربيون وشرق أوسطيون، استمرار التحركات الاحتجاجية التي اندلعت في 16 سبتمبر الماضي، عقب مصرع الشابة مهسا أميني، أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، بـ"المفاجئة"، لكنهم رأوا أنها "لا تُشكل تهديدًا مباشرًا للحكومة في طهران".
وقال المسؤولون الأمنيون للصحيفة الأمريكية: إن استمرار حركة الاحتجاج وقوتها "مفاجأة، بالنظر إلى السرعة التي قمعت بها الحكومة الإيرانية المظاهرات أعوام 2009 و2017 و2019".
واندلعت الاحتجاجات في سبتمبر بعد وفاة شابة محتجزة، بزعم انتهاكها قواعد اللباس في إيران، وتحولت بسرعة إلى مطالب بإنهاء النظام المتشدد الذي يحكم البلاد منذ 43 عامًا.
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه في إسرائيل، التي تخوض صراعًا طويل الأمد مع إيران، يراقب مسؤولو الأمن صراع الحكومة الإيرانية عدوهم اللدود مع المظاهرات.
ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين -لم تذكر هوياتهم- قولهم، إنهم يعتقدون أنه "من المرجح أن تستمر الاضطرابات لأن المحتجين يركزون على حقوق الإنسان والحريات بدلاً من المخاوف الاقتصادية".
ولاحظ المسؤولون الإسرائيليون أن المحتجين دعوا إلى إنهاء حكم المرشد الإيراني علي خامنئي، وليس فقط إلى تغييرات في النظام.
وأشاروا إلى أن الأصوات النسائية المنشقة، خصوصًا من عائلة خامنئي، بما في ذلك أخته، كان لها تأثير كبير.
بينما ذكر مسؤول إسرائيلي أن النظام الإيراني "اهتز من داخله حتى النخاع، وتدرك الأصوات داخل النظام أن هناك أشياء يجب القيام بها".
وأكد المسؤولون الإسرائيليون أنهم لا يستطيعون التنبؤ بسير الأحداث، وفي أي إطار زمني.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن استمرار الاحتجاجات ورد السلطات الإيرانية العنيف، غيرّا سياسات واشنطن وأوروبا تجاه إيران، ما أدى إلى تهدئة الدعوات المطالبة بالحوار الدبلوماسي مع طهران، وتضاءلت الآمال بأن تتمكن واشنطن وطهران من إحياء الاتفاق النووي، بينما فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا المزيد من العقوبات على إيران بسبب الاحتجاجات.
إشادة أمريكية
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أشادت مرارًا بالمتظاهرين الإيرانيين ووصفتهم بالأبطال، لكن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قالوا إن "عدم وجود قيادة موحدة يُضعف تأثير الحركة".
وحسب الصحيفة، يشاطرهم هذا الشعور أيضًا بعض المسؤولين الأوروبيين المقيمين في طهران، الذين أخبروا دبلوماسيين بأن الحكومة الإيرانية "ليست مُعرضة لخطر الإطاحة قريبًا بسبب الاحتجاجات".
وفي مقابلة مع قناة بي بي إس، الجمعة، قال مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، إن الحكومة الإيرانية لا تشعر بأنها ستفقد قبضتها على السلطة قريبًا، وأنها مازالت تملك أدوات قاسية لاستخدامها ضد المتظاهرين.
وأضاف بيرنز: "ولكن على المدى الطويل، أعتقد أن النظام الإيراني لا يملك إجابات جيدة عما يدور في أذهان الشباب المحتجين".
وتابع: "إطالة أمد المظاهرات الإيرانية، وكذلك تمددها الواسع في مختلف الطبقات والأعراق والمجموعات الاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد، لفت انتباه محللي الوكالة".
وأوضح أن "الشعب الإيراني سئم تدهور الاقتصاد والفساد والقيود الاجتماعية والقمع السياسي والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية، رغم أن نظام طهران ليس لديه إجابة جيدة لمطالب الشباب من سكان هذا البلد".
بينما رجحت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية أفريل هاينز خلال الشهر الجاري، أن "يتزايد خطر عدم الاستقرار بسبب ارتفاع التضخم في إيران ومشكلات اقتصادية أخرى"، لكنها ترى أن النظام لا يزال "يواصل اتخاذ إجراءات صارمة ضد ذلك بعنف شديد".
وأعربت هيذر ويليامز، الباحثة السياسية البارزة في مؤسسة راند، المسؤولة السابقة في الاستخبارات الوطنية، خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عن اعتقادها بأنها ترى "ما سيكون سبب نهاية إيران"، وأردفت: "لقد جرى تشخيص إصابتها بالسرطان، ومن ثم يصبح السؤال هل بقي في عمرها 6 أشهر أو 6 سنوات؟ هذا ليس واضحًا".
من جانبه، ألقى خامنئي باللوم في الاحتجاجات، على أعداء بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وخصوم إقليميون مثل المملكة العربية السعودية، وكلهم ينفون أي دور في التظاهرات.
وسبق أن تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في خطاب ألقاه بجامعة طهران في 7 ديسمبر الجاري، بـ"التعامل بحزم مع أولئك الذين يعارضون أمن البلاد وهدوئها"، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية.
وأشار إلى "اختلاف بين المتظاهرين ومثيري الشغب"، موضحًا أن "أحدهما يسعى إلى التحسين"، بينما يهدف الآخر إلى "التدمير وانعدام الأمن".
وبالفعل شرعت الحكومة الإيرانية في سياسة تنفيذ أحكام بإعدام عدد من المحتجين، في الأسابيع الأخيرة، بعد أن عانت في الشهرين الأولين، إذ أعدمت 2 من المتظاهرين الذين اعتقلوا مع آلاف، بما في ذلك رجل شُنق علنًا برافعة في مدينة مشهد شرقي البلاد.
كما استخدمت الحكومة المزيد من القوة العسكرية، ضد مصادر الاضطرابات في المناطق الكردية بإيران، حيث بدأت الاحتجاجات في أعقاب جنازة مهسا أميني، التي توفيت عن 22 عامًا.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن جماعات حقوقية قولها: إن ما لا يقل عن 400 متظاهر لقوا مصرعهم، إلا أن الحكومة الإيرانية تدعي أن عدد الضحايا وصل إلى 200 شخص فقط.
في الوقت نفسه، تحدث المسؤولون الإيرانيون عن تغييرات لاسترضاء المحتجين، بينها حل "شرطة الأخلاق"، التي فرضت منذ فترة طويلة قواعد اللباس في إيران.
بينما رفض المحتجون الإيرانيون وأنصارهم التغييرات، لأنها لا تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية، ويقول البعض إن تطبيق الحجاب الإلزامي مستمر.
أمام هذه التطورات، لفت مسؤولون إسرائيليون إلى أنهم "يعتقدون بأن إيران ستزيد أنشطتها المسلحة في الشرق الأوسط، كوسيلة لتحويل الانتباه عما يحدث داخل البلاد، وزيادة معنويات الحرس الثوري، القوة العسكرية المكلفة بحماية نظام الحكم".