أزمة الحكومتين في ليبيا.. هل يسلم الدبيبة السلطة إلى باشاغا سلميًا؟

خطوات محلية تتناسق مع ردود فعل دولية، بدأت تتنصل من حكومة الدبيبة، وتلقي بثقلها ورهاناتها على الحكومة الجديدة، وهو ما بدا واضحًا في تصريحات السفير الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، الذي دعا عبالحميد الدبيبة إلى التوصل لحل وسط، بينما تحاول ليبيا الانتقال إلى المراحل النهائية من الحكم المؤقت، لتمهيد الطريق للانتخابات

أزمة الحكومتين في ليبيا.. هل يسلم الدبيبة السلطة إلى باشاغا سلميًا؟

السياق

رغم مرور أسبوعين على أداء الحكومة الليبية -برئاسة فتحي باشاغا- اليمين الدستورية أمام البرلمان الليبي، فإنها لم تمارس مهامها بشكل فعلي -حتى اللحظة- لأسباب عدة، أهمها «تعنت» رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة.

ذلك الموقف من الدبيبة، كاد يقود العاصمة الليبية طرابلس إلى حرب قبل أسبوع، انتزع فتيلها في اللحظات الأخيرة، إلا أن الحكومة الجديدة أكدت عزمها على استلام مقار الحكومة السابقة، سلمًا لا حربًا.

وهو ما بدأ يتحقق خلال الساعات الماضية، بعد أن تسلمت حكومة باشاغا مقار الحكومة السابقة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بحسب مدير المكتب الإعلامي بديوان رئاسة الوزراء ببنغازي صلاح الغزالي، الذي أكد -في تصريحات صحفية- أن مراسم التسليم والتسلّم كانت بحضور مجموعة من الوزراء، على رأسهم نائب رئيس الوزراء علي القطراني ومجموعة من أعضاء البرلمان وعميد بلدية بنغازي ومديري مديريات الأمن بالمنطقة الشرقية والجنوبية.

 

حكومة باشاغا تسيطر

وأوضح المسؤول الليبي، أن الحاضرين أكدوا شرعية الحكومة الجديدة، التي ستباشر عملها من العاصمة طرابلس قريبًا، مشيرًا إلى أن المنطقة الشرقية أصبحت تحت سيطرة الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا.

ونفى ما أثير بشأن تدخل القيادة العامة للجيش الليبي، في مسألة تسليم وتسلم السلطة، مؤكدًا أن وكيل وزارة الداخلية في الحكومة السابقة فرج قعيم، بارك الخطوة وأبدى استعداده لتسليم مقار الداخلية وتأمين الحكومة.

وعن الخطوة المقبلة، قال الغزالي، إن حكومة باشاغا ستتسلم الأسبوع المقبل مقر رئاسة الوزراء في الجنوب الليبي، نافيًا ما تردّد عن اقتحام مسلحين مقر رئاسة الوزراء الثلاثاء الماضي وطرد موظفين.

خطوات محلية تتناسق مع ردود فعل دولية، بدأت تتنصل من حكومة الدبيبة، وتلقي بثقلها ورهاناتها على الحكومة الجديدة، وهو ما بدا واضحًا في تصريحات السفير الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، الذي دعا عبالحميد الدبيبة إلى التوصل لحل وسط، بينما تحاول ليبيا الانتقال إلى المراحل النهائية من الحكم المؤقت، لتمهيد الطريق للانتخابات.

 

دعم أمريكي

وأكد الدبلوماسي الأمريكي، أنه شجع الدبيبة على التعامل مع رئيس الوزراء فتحي باشاغا، لتجنُّب تصعيد التوترات، التي قد تؤدي إلى العنف، مشيرًا إلى أنه دعا عبدالحميد الدبيبة، إلى إعادة فتح المجال الجوي الليبي أمام الرحلات الجوية الداخلية، بعد أن أوقفها مؤخرًا.

وشدد على أن الولايات المتحدة تواصل دعم الأغلبية العظمى من الليبيين الذين ينتظرون الانتخابات، ويطالبون بفرصة للإدلاء بأصواتهم من أجل مستقبل بلادهم.

تصريحات أمريكية تناغمت مع مكالمة هاتفية، أجراها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مع رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، أشاد فيها بالدعم الواضح الذي تلقته الحكومة عند تكليفها.

 

غوتيريش يتدخل

وبينما أكد غوتيريش ضرورة حفظ الاستقرار في ليبيا، شدد الطرفان على ضرورة التعاون مع البعثة الأممية للدعم ومستشارة الأمين العام ستيفاني ويليامز خلال المرحلة المقبلة.

من جانبه، أكد رئيس الحكومة الليبية، أن هدف حكومته إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي، محذرًا من أن هذه الانتخابات لايمكن أن تجرى في ظل الانقسام والصراعات.

وتزامنت تلك التصريحات، مع عقد الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الاقتصادية التابعة للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، اجتماعًا مساء الخميس، لضمان حيادية واستقلال المؤسسات السيادية والأكثر أهمية في ليبيا وذات الكلمة المؤثرة في أي صراع على السلطة، وهي مصرف لييبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

 

استقلال وحيادية

وقالت البعثة الأممية في ليبيا -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إن الرؤساء المشاركين لمجموعة العمل الاقتصادية التابعة للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا (الاتحاد الأوروبي ومصر والولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا) التقوا محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، وممثلاً لنائب محافظ مصرف ليبيا المركزي، في العاصمة طرابلس لمناقشة التقدم المُحرز في إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، ومواصلة تأمين الإنفاق الأساسي للحاجات ذات الأولوية للشعب الليبي.

وأوضحت البعثة الأممية، أن الصديق الكبير ومستشار الحبري أطلعا الرؤساء المشاركين على مسارات العمل التي تشكل خطة إعادة التوحيد، التي عمل عليها مصرف ليبيا المركزي، بدعم شركة ديلويت.

وبحسب البيان، فإن الرؤساء المشاركين شددوا على ضرورة استمرار استقلالية المؤسسات السيادية، مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وحثوا السلطات على ضمان تزويد المؤسسة الوطنية للنفط بالموارد الكافية لتعزيز الإنتاج، وسط ارتفاع أسعار النفط، من أجل استقرار ليبيا.

كما شدد الرؤساء المشاركون، على الحاجة إلى الشفافية في الإنفاق الحكومي، لضمان إدارتها بشكل جيد، لصالح الشعب الليبي.

وبحسب مراقبين، فإن تلك التطورات التي سيطرت على مجريات الأحداث في الساعات الماضية، ستدفع برئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة، إلى طاولة المفاوضات، لإنهاء الأزمة الحالية.