فورين بوليسي: هكذا أجلت المخابرات الأمريكية معظم جواسيسها من أفغانستان سِـرًا
أغلبية الأفغان الذين تقدَّموا بطلبات للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، أو تصاريح دخول لأولئك الذين ساعدوا الولايات المتحدة في الحرب، ظلوا متأخرين في أفغانستان، إذ يخشى الكثير على حياتهم، بعد أن استهدفت طالبان وقتلت الكثير ممن تعتقد أنهم ساعدوا الولايات المتحدة.

ترجمات - السياق
كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن إجلاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سِرًا معظم جواسيسها من أفغانستان، وذلك بعد سقوط العاصمة كابل بيد مسلَّحي حركة طالبان، خوفًا على حياتهم بعد تقارير أفادت بأن الحركة تبحث عنهم.
وقالت المجلة -في تقرير- إن وكالة المخابرات المركزية نجحت في إخراج معظم مخبريها وجواسيسها الأفغان من البلاد، قبل انسحاب الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وفقًا لمصدرين مطلعين على عمليات الوكالة.
وأشار التقرير إلى أن ذلك يأتي، رغم اعتراف وزارة الخارجية، بأن أغلبية الأفغان، الذين عملوا مع الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين -المترجمين الفوريين وغيرهم- تخلَّفوا عن اللحاق بآخر الطائرات التي غادرت مطار كابل الأسبوع الماضي.
ونقلت المجلة عن مسؤول في الكونغرس الأمريكي قوله: جرى إخراج الجميع بشكل أو بآخر، مضيفاً: "إنهم آلاف الأشخاص، بمن فيهم أفراد عائلاتهم، هؤلاء الذين كان بإمكان طالبان معرفتهم بسهولة".
وأضاف المسؤول، أن العدد القليل من المخبرين الأفغان، الذين تركوا وراءهم، شاركوا من حين إلى آخر فقط في جمع المعلومات الاستخباراتية للولايات المتحدة، وبذلك من الصعب على طالبان التعرف إليهم، رافضًا الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن أرقام محدَّدة أو كيفية خروج الجواسيس الآخرين من البلاد.
بينما قال مصدر آخر مطلع على جهود الإجلاء، في وكالة الاستخبارات المركزية: إن مركز الأنشطة الخاصة بالوكالة، الذي يدار جزئياً من قوات النخبة شِبه العسكرية ويدير عمليات سِرية، شارك في عملية الإجلاء، مشيرًا إلى أن العمليات جرت في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط حول العاصمة الأفغانية كابل.
تفاصيل الإجلاء
وعن تفاصيل عمليات الإجلاء، رفض المتحدِّث باسم وكالة الاستخبارات المركزية، تقديم أي تفاصيل، واكتفى بالقول: إن الوكالة "عملت مع وكالات حكومية أمريكية أخرى" للمساعدة في إجلاء مجموعة من الأشخاص، بمن في ذلك "آلاف الأمريكيين وموظفو السفارات المحلية والأفغان".
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن التمشيط العسكري لطالبان في أنحاء أفغانستان، عجَّل بمغادرة الولايات المتحدة المتسرِّعة من البلاد الشهر الماضي، التي تضمَّنت مشاهد فوضوية في مطار كابل وهجومًا انتحاريًا لتنظيم الدولة، أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا وأكثر من 100 أفغاني.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية للصحفيين: إن أغلبية الأفغان الذين تقدَّموا بطلبات للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، أو تصاريح دخول لأولئك الذين ساعدوا الولايات المتحدة في الحرب، ظلوا متأخرين في أفغانستان، إذ يخشى الكثير على حياتهم، بعد أن استهدفت طالبان وقتلت الكثير ممن تعتقد أنهم ساعدوا الولايات المتحدة.
وأوضح التقرير، أن هذا النجاح النسبي في إجلاء العملاء من وكالة الاستخبارات المركزية، يثير تساؤلات عن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، بما في ذلك: ما الذي فعلته وكالة الاستخبارات المركزية بشكل صحيح؟ ولماذا لم تتمكن الوكالات الأمريكية الأخرى من تحقيق نتائج مماثلة؟
ويسلِّط هذا النجاح النسبي -حسب "فورين بوليسي"- أيضًا الضوء على جانب آخر من عمل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، الذي طالما أثار الثناء والنقد في آن واحد، بقدرتها على تحريك الناس في جميع أنحاء العالم، من دون لفت الانتباه.
وقال آندي كيزر، الذي عمل مستشارًا أول لرئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب من 2013 إلى 2015: إن ما حدث منطقي ودوري، تفعله المخابرات المركزية الأمريكية، مشيرًا إلى أن الوكالة دائمًا ما تكون قادرة على تنفيذ هذا الأمر بشكل أفضل من بعض أقرانها في الحكومة الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أحد أشهر الأمثلة على ذلك، ما قامت به وكالة الاستخبارات المركزية عام 1979 عندما تم اقتحام السفارة الأمريكية في طهران، إذ نجحت الوكالة وقتها في إخراج 6 دبلوماسيين أمريكيين كانوا مختبئين في منازل دبلوماسيين كنديين، من خلال ابتكار قصة لهم، من دون عِلم السُّلطات، حيث تظاهر الأمريكيون بأنهم أعضاء في فريق سينمائي كندي.
ليس جديدًا
ونقلت "فورين بوليسي" عن مصدر مطلع على جهود الإجلاء التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قوله: إن "الوكالة تعمل كل يوم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المناطق البعيدة والخطيرة، إنه شيء كانوا يفعلونه فترة طويلة جداً، وليس جديداً ولا فريداً ما حصل في أفغانستان".
وأشارت المجلة، إلى أن هناك فريقاً داخل وكالة الاستخبارات تحت اسم "المركز الوطني لعمليات إعادة التوطين"، هو المكلف بنقل جواسيس الوكالة والمنشقين من بلدانهم إلى الولايات المتحدة، لكن من غير الواضح إن كان هو مَنْ يعمل على إعادة توطين الجواسيس الأفغان.
وفي يوليو الماضي، أفاد موقع "فورين بوليسي" بأن العديد من الجواسيس الأفغان، الذين عملوا مع وكالة CIA واجهوا صعوبات في الحصول على تأشيرات هجرة خاصة، تتطلب إثباتاً لعلاقة عمل مع الولايات المتحدة، وهو ما لم يكن متاحًا بسبب سِرية مهمتهم، ونقل عن مسؤول أمريكي وقتها، أن الوكالة جعلت إجلاء هؤلاء "أولوية كبيرة".
وقبل أيام، أفادت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، بأن قاعدة سِرية لوكالة الاستخبارات المركزية خارج كابل، استخدمت للمساعدة في إجلاء الأمريكيين والأفغان المعرَّضين للخطر مع تزايد خطر العنف خارج المطار، وإثر انتهاء عملية الإجلاء، تم تدمير أجزاء من القاعدة، التي كانت مركزاً للاستجواب والتحقيق والتعذيب للمشتبه بهم في هجمات 11 سبتمبر.
وأوضحت المجلة الأمريكية، أنه منذ ذلك الحين، دمَّرت القوات الأمريكية أجزاءً من المجمع شديد التأمين ، المعروف باسم قاعدة النسر، مشيرة إلى أنه قد يكون بعض الأفغان، الذين عملوا مع وكالة المخابرات المركزية، هربوا أيضًا من خلال عمليات الإنقاذ غير الرسمية.