ضربة للإخوان أم قضاء على الفساد.. ماذا يعني حل المجالس البلدية في تونس؟
يقول المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، لـ-السياق-إن قرار حل المجالس البلدية قانوني، لأن ما بُني على دستور 2014 باطل، مشيرًا إلى أن هذا القرار يتزامن مع الدستور الجديد والقوانين المنظمة.

السياق "خاص"
ضربة جديدة لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، أدمت أوصاله، وقوَّضت قواعده في البلد الإفريقي، التي كان يتخذها أداة لإنهاك تونس، ومناكفة القيادة السياسية.
تلك الضربة الجديدة، تمثلت في قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد، الخميس، بحل المجالس البلدية التي انتُخبت عام 2018، والتي وُصفت بأنها أحد أبواق تنظيم الإخوان، وأداة لنشر فساده، والتحكم في مفاصل الدولة التونسية.
إلا أن الرئيس التونسي، الذي لم يتوان عن المضي في طريقه الهادف لتخليص تونس من تنظيم الإخوان، لم ينتظر الأشهر المتبقية على انتخاب مجالس جديدة، وفضَّل توجيه ضربة لتلك المجالس، التي أتت ضمن تقاسمات الفساد المالي والسياسي، الذي كان يميز انتخابات 2018.
وبعد ساعات من تصريح الرئيس التونسي، بأنه سيحل المجالس البلدية، صدر بالجريدة الرسمية التونسية قانون بحلّ هذه المجالس وتعديل قانون انتخاب أعضائها، نص على «حلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة».
«سنواصل المسيرة معًا ولن نقبل بغير الانتصار»، كان ذلك جزءًا من تصريحات الرئيس قيس سعيد، نشرتها الرئاسة التونسية فجر الخميس بعد رئاسته لمجلس وزاري، أكدت أن الرئاسة التونسية ماضية في طريقها، غير عائبة بعراقيل الإخوان.
كانت انتخابات المجالس البلدية التي نُظمت في مايو 2018 الأولى في تونس، بعد أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي»، بينما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات -آنذاك- أن القوائم المستقلة المشاركة في الانتخابات حصلت على 2373 مقعدًا، يليها حزب النهضة الإخواني مع 2139 مقعدًا، ثم حزب «نداء تونس» بـ1600 مقعد.
لكن تلك المجالس دخلت في خلافات شديدة، على خلفية الانتماءات السياسية لأعضائها، انتهت بحل عدد منها وإجراء انتخابات جديدة.
وفي أبريل 2018، صدَّق البرلمان التونسي على قانون الجماعات المحلية، الذي منح البلديات -للمرة الأولى- امتيازات لمجالس مستقلة تُدار بحرية وتتمتع بصلاحيات واسعة، تنافست فيها قرابة 2074 قائمة انتخابية، على 350 مجلسًا بلديًا.
ماذا يعني قرار حل المجالس البلدية؟
يقول المحلل السياسي التونسي نزار جليدي، إن قرار حل المجالس البلدية قانوني، لأن ما بُني على دستور 2014 باطل، مشيرًا إلى أن هذا القرار يتزامن مع الدستور الجديد والقوانين المنظمة.
وأوضح المحلل التونسي، في تصريحات لـ«السياق»، أنه على المستوى السياسي، لا فائدة من مجالس انتُخبت زمن الإخوان بتزييف وتزوير في عملية إجرائها، مشيرًا إلى أنه كان من الضروري حل المجالس البلدية، التي تعد أحد بيادق الإخوان المسلمين.
وأشار إلى أن تلك المجالس البلدية كانت لها عبثية كبيرة في التصرف إلى حد الفساد، الذي أصبح منظمًا بالقانون، مؤكدًا أن الرئيس اختار وقف النزف، حتى تنتهي لعبة الإخوان المسلمين في تونس.
وقال المحلل السياسي التونسي، إن التوقيت صحيح، خاصة أن الانتخابات على الأبواب، مشيرًا إلى أن الرئيس التونسي لا يريد أن يكون شريكًا في عملية تزويد ضد الشعب.
سر فرحة التونسيين
أما عن أسباب فرحة التونسيين بحل المجالس البلدية، فقال المحلل التونسي، إن الإخوان انتهوا ولفظهم الشعب التونسي، مشيرًا إلى أن آخر بيادق لهم في السلطة كانت المجالس البلدية، التي يستطيعون من خلالها تسيير ما تبقى من الفساد في تونس.
وأشار إلى أن التونسيين يفرحون بكل ما هو ضد الإخوان ومقاومة الفساد، مؤكدًا أن فرحة التونسيين، التي كانت مماثلة لما حدث في 25 يوليو 2021، تعني إنجاز شيء لم يكن متاحًا خلال السنوات العشر المنصرمة.
قرار متوقع
من جانبه، قال المحلل السياسي الجمعي القاسمي، إن الأطراف السياسية توقعت قرار الرئيس قيس سعيد بحل المجالس البلدية، مشيرًا إلى أن جدلًا كبيرًا كان سائدا خلال الأيام الماضية، بشأن مصير انتخابات المجالس البلدية المنتخبة عام 2018.
وأوضح المحلل التونسي، أن الجدل سينتهي بانتظار طبيعة القانون الانتخابي المرتقب، من زاوية التنقيحات التي ستدخل عليه، مشيرًا إلى أن القرار يؤكد أن الرئيس التونسي يسير وفق الروزنامة التي رسمها لنفسه، في إطار مشروعه الهادف إلى التخلص من الإخوان.
رغبة شعبية
بدوره، قال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان، إن الرئيس التونسي قيس سعيد نفذ رغبة شعبية، نادت منذ فترة، بضرورة حل المجالس البلدية، التي كانت جزءًا من الكارثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس.
وأوضح المحلل التونسي، أن فرحة التونسيين بالقرار، تؤكد أن المجالس البلدية التي أتت ضمن تقاسمات الفساد المالي والسياسي، الذي كان يميز انتخابات 2018، كانت متخمة بالفساد.
وأشار إلى أن انتخابات 2018 للمجالس البلدية جاءت وفق قاعدة أن هناك سعيًا من أطراف سياسية لإضعاف الدولة التونسية، وإفقادها قدرتها على الإشراف المباشر على الأوضاع داخل الدولة، مؤكدًا أن رؤساء المجالس البلدية منحوا سلطة التصرف في أراضي الدولة وإبرام العقود، من دون الرجوع إلى الحكومة، ما فتح الباب لفساد، ستتكشف أوراقه خلال الأيام المقبلة.
واستدل المحلل التونسي، على رؤيته بقوله، إن موظفين في إحدى بلديات القيروان حُكم عليهم بالسجن، بتهمة التزوير في بيع أراضي الدولة، مؤكدًا أن الرئيس التونسي لديه رؤية للقضاء على الفساد، تُرجمت على أرض الواقع بمحاسبة المخطئين.