وول ستريت جورنال: أمريكا ليست مستعدة لمواجهة الصين وروسيا
باستخدام الصواريخ بعيدة المدى والأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية والحرب الإلكترونية، يمكن لبكين قلب الطاولة على واشنطن.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة وول ستريت الأمريكية، معلومات جديدة عن القدرات العسكرية الأمريكية، مع تزايد توتراتها مع روسيا والصين، وقالت إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لأي صراع محتمل ضد بكين وموسكو، مشيرة إلى أنه رغم تحول الجيش الأمريكي منذ عام 2018، إلى التركيز على بكين وموسكو بعد عقود من "الحرب على الإرهاب"، فإنه يواجه تحديات لإنتاج الأسلحة، والتوصل إلى طرق جديدة لشن هذه الحرب.
وأشارت إلى أنه بعد عقود من القتال ضد الإرهاب، في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بدأت الولايات المتحدة التعامل مع حقبة جديدة من منافسة القوى العظمى مثل الصين وروسيا، لكنها بدت غير مستعدة لهذا الصراع.
ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية للشؤون الاستراتيجية، اللفتنانت جنرال (الفريق) كلينت هينوت، تأكيده أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لأي حرب محتملة ضد أي من القوى العظمى الحالية (الصين وروسيا)، مشيرًا إلى أن "البنتاغون" واجه عديد المشكلات لسيناريو صد هجوم محتمل من الصين على تايوان.
وذكرت أن هينوت عاد بعد سنوات من الانتشار على رأس قواته ببغداد في ربيع 2018 لتولي مهمة جديدة أكثر أهمية، مشيرة إلى أنه أشرف على مناورات سرية، تحاكي مواجهات مع الصين، للسيطرة على بحر الصين الجنوبي.
إلا أن المحاكاة كشفت أن القوة الصاروخية الصينية المجهزة جيدًا قد "أمطرت القواعد والموانئ التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في المنطقة، ما حوَّل الطائرات المقاتلة والذخائر الأمريكية إلى أطلال مشتعلة في غضون أيام".
وقال الجنرال هينوت، إن القوة الصاروخية الصينية مجهزة لإحباط أي تحرك عسكري أمريكي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أهملت إنتاج الغواصات والصواريخ، الفترة الأخيرة، مضيفًا: "لقد أدهشتني السرعة التي تقدمت بها الصين، وكيف أصبحت عقائدنا القديمة عن الحرب بالية".
تأخر الاستعداد
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين وقادة دفاع أمريكيين حاليين وسابقين، تأكيدهم أنه رغم أن ميزانية الدفاع السنوية ارتفعت إلى أكثر من 800 مليار دولار، فإن استعداد الولايات المتحدة لهذه الحقبة الجديدة تأخر كثيرًا بسبب الانشغال بالحرب في العراق وأفغانستان، والسعي وراء أسلحة باهظة الثمن لم تنجح، ومناقشات داخلية للحكومة بشأن الميزانيات والخلاف على إلحاح التهديد من بكين.
وأشاروا إلى أن القلق المستمر بشأن تسارع الأحداث في الشرق الأوسط، خصوصًا بشأن إيران، ثم الغزو الروسي لأوكرانيا، استحوذ على اهتمام الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وبينّوا أن مواجهة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط على مدى سنوات، أدت إلى تراجع إنتاج الغواصات اللازمة للمواجهة مع الصين، وكذلك الصواريخ.
وأوضح هؤلاء المسؤولون، أن الجيش الأمريكي يعاني انخفاض مُصنعي الأسلحة، واستشهدوا بأن البحرية الأمريكية لا تستطيع إنتاج الغواصات، التي تحتاجها لمواجهة الأسطول البحري الصيني، بينما يسارع مصممو الأسلحة الأمريكيين إلى اللحاق بالصين وروسيا، في تطوير صواريخ فائقة السرعة تفوق سرعة الصوت.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه عندما أجرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، مناورة حرب العام الماضي، تحاكي هجومًا برمائيا صينيًا على تايوان، فقد نفدت صواريخ كروز بعيدة المدى المضادة للسفن من الجانب الأمريكي في غضون أسبوع.
كما تخلفت الولايات المتحدة، عن موسكو وبكين في تطوير الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت، وانخفض الإقبال على الخدمة العسكرية، وواجهت القوات المسلحة بشكل منتظم نقصًا في المتطوعين خلال السنوات الأخيرة، بسبب الحرب في العراق وأفغانستان، بحسب الصحيفة.
ولا تزال خطط وضع مزيد من القوات، في نطاق يسهل مهاجمة الصين عند الحاجة قيد التنفيذ، كما أن وكالة المخابرات المركزية، بعد عقدين من العمليات شبه العسكرية ضد المتمردين والإرهابيين، ابتعدت عن تلك المناطق التي يجب أن تركز عليها في مهمتها التجسسية.
صراع مختلف
وترى "وول ستريت جورنال" أن نجاح الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط وأفغانستان، يرجع جزئيًا إلى التفوق الجوي، ووجود خصم أقل تجهيزًا والقدرة على التحكم في بدء الحرب، لكن الصراع مع الصين سيكون مختلفًا تمامًا.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ستقاتل مع تعرض قواعدها وموانئها الآسيوية للهجوم، ومن ثمّ ستحتاج إلى دعم قواتها عبر طرق إمداد طويلة، يحتمل أن تكون مُعرضة للخطر أيضًا.
أمام ذلك، ترى الصحيفة أن الصراع مع الصين سيمنح الثقة لروسيا، لاتخاذ مزيد من الإجراءات في أوروبا الشرقية، وبذلك تضطر الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى خوض حرب على جبهتين (الصين وروسيا وكلتاهما قوة نووية).
وأوضحت أنه حالة تفاقم الوضع الدولي، قد تضطر الولايات المتحدة إلى القيام بعمليات عسكرية على جبهتين، ضد الصين وروسيا، وقد يصبح القطب الشمالي أحد مسارح العمليات العسكرية، رغم أن الولايات المتحدة تتخلف عن روسيا، من حيث عدد كاسحات الجليد التي ستكون مطلوبة لدعم أعمال الأسطول.
لكن -وفق الصحيفة- لا يزال الجيش الأمريكي يتفوق على خصومه في بعض الأمور، حيث يواجه الصينيون عقبات كبيرة في تطوير القدرة على تنفيذ هجوم برمائي واسع النطاق، في حين كُشف عن نقاط ضعف الجيش الروسي في أوكرانيا.
بالمقابل، فإن الدفاع عن تايوان، يتطلب من القوات الأمريكية، المكلفة أيضًا بردع الصراع في أوروبا والشرق الأوسط، العمل على مسافات شاسعة وفي نطاق قوة نيران الجيش الصيني.
وخلال السنوات الأخيرة، غيّرت بكين التضاريس الأمنية لصالحها في المناطق المحيطة بالصين، ففي بحر الصين الجنوبي، أقامت جزرًا اصطناعية وحصنتها بمنشآت عسكرية، لتأكيد السيطرة على الممر المائي الاستراتيجي وحرمان البحرية الأمريكية من حرية التجوال.
وأشارت إلى أن عقودًا من الميزانيات العسكرية الأكبر من أي وقت مضى، بما في ذلك زيادة بنسبة 7% في الإنفاق هذا العام، أدت إلى تحسين القوة الفتاكة للقوات الجوية الصينية والصواريخ والغواصات، كما أدى التدريب الأفضل إلى إنشاء قوة أكثر حداثة، حيث كان الجيش الصيني مجموعات من المجندين الريفيين.
وفي ذلك، يقول البنتاغون إن الصين تطور أسلحة وقدرات أخرى لتدمير الأقمار الاصطناعية للخصم، كما يُمثل اختراقها الإلكتروني تهديدًا للبنية التحتية الأمريكية.
بينما قالت وكالة المخابرات المركزية، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ حدّد عام 2027 موعدًا نهائيًا للجيش ليكون جاهزًا لتنفيذ غزو تايوان، رغم أنها قالت إن شي والجيش يشككان في ما إذا كان بإمكان بكين القيام بذلك.
وترى الصحيفة، أنه إذا أتمت الصين سيطرتها على بحر الصين الجنوبي وتايوان، فإنها ستكون بذلك قد سيطرت على طرق مائية تمر عبرها تريليونات الدولارات من التجارة كل عام، كما أن ذلك سيقوِّض إمدادات أشباه الموصلات المتقدمة إلى الغرب، ويهدد أمن حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان، ويتحدى التفوق الأمريكي في جزء مهم من العالم، كانت تسيطر عليه منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي إطار جهوده لمواجهة التحدي الجديد، وسع البنتاغون وصوله إلى قواعد في الفلبين واليابان، مع تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وابتكار تكتيكات جديدة لإعادة انتشار القوات الأمريكية، حتى لا تكون هدفًا سهلًا للصواريخ الصينية متزايدة القوة.
حسب الصحيفة -أيضًا- رُفعت ميزانية البنتاغون السنوية للبحث والتطوير إلى 140 مليار دولار -وهو رقم قياسي غير مسبوق- كما يتابع الجيش تكنولوجيا متطورة، يأمل أن تمكن الخدمات العسكرية من مشاركة بيانات الاستهداف على الفور حتى تتمكن القوات الجوية والبرية والبحرية والفضائية الأمريكية، التي تعمل على مدى آلاف الأميال، من العمل بانسجام، وهو تحدٍ تواجهه القوات الأمريكية.
قلب الطاولة
وترى "وول ستريت جورنال" أنه باستخدام الصواريخ بعيدة المدى والأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية والحرب الإلكترونية، يمكن لبكين قلب الطاولة على واشنطن، من خلال مهاجمة القواعد والموانئ، التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة غربي المحيط الهادئ لإبراز قوتها، ما قد يجعل الأمريكيين بعيدًا عن الصراع.
كما أن عديد أنظمة الأسلحة المتطورة، التي يعتمد البنتاغون عليها في تغيير مسار الحرب لصالحه، لن تكون جاهزة حتى ثلاثينيات القرن الحالي، ما يزيد خطر إغراء الصين للعمل، قبل أن تؤتي الجهود الأمريكية ثمارها.
وقد يمنح الصراع غربي المحيط الهادئ أيضًا الجيش الروسي، الذي تضرر بشدة في أوكرانيا، الثقة بتنفيذ أهداف الرئيس فلاديمير بوتين، المتمثلة بإحياء القوة الروسية، في ما يعتقد أنه مجال نفوذها التقليدي وسط وشرق أوروبا، وفقًا للصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن كريس ميجر، المتحدث باسم "البنتاغون"، قوله، إن وزير الدفاع لويد أوستن أشرف على تنفيذ استراتيجية الدفاع الأمريكية لمواجهة الصين، مشيرًا إلى أن طلب الإنفاق المرتقب للوزارة -المقدر بنحو 140 مليار دولار- سيعزز هذه الجهود.
وأضاف: "التحدي الذي تشكله جمهورية الصين الشعبية حقيقي، لكن هذه الإدارة تتعامل معه بطرق تاريخية بإلحاح وثقة"، متابعًا: "نحن نواصل عملنا في تطوير مفاهيم تشغيلية جديدة، ونشر القدرات المتطورة، وإجراء استثمارات الآن وعلى المدى الطويل لمواجهة التحديات".
بينما أظهرت مناورة حربية أجرتها هيئة الأركان المشتركة في "البنتاغون" أن الولايات المتحدة يمكن أن تعرقل غزوًا صينيًا لتايوان، رغم وقوع خسائر كبيرة في الجانبين.
وحسب الصحيفة، فقد افترضت تلك المحاكاة أن الولايات المتحدة ستستفيد من أسلحة وتكتيكات وانتشار عسكري جديد يجرى التخطيط له في "البنتاغون".
وللتحضير للمستقبل، تخلص سلاح مشاة البحرية من دباباته، ويعيد تشكيل نفسه كقوة مشاة بحرية، تهاجم السفن الصينية من الجزر الصغيرة غربي المحيط الهادئ.
ومن المقرر أن يتمركز فوج ساحلي بحري جديد، يعمل بالقرب من الشاطئ بعد تجهيزه بصواريخ مضادة للسفن، في مدينة أوكيناوا اليابانية بحلول عام 2025.
وخلال تمرين أُجري في مايو 2021، سحب مشاة البحرية قاذفة صواريخ من طراز هيمارس تزن 30 ألف رطل عبر بحر متقطع إلى شاطئ ألاسكا، وحملوه في طائرة نقل سي -130 ووجهوها إلى قاعدة في البرية.
وذكرت الصحيفة، أن الهدف من ذلك كان التمرين على التكتيكات التي يستخدمها مشاة البحرية في الجزر غربي المحيط الهادئ ضد البحرية الصينية.
ومن ثمّ، فإن الجيش الأمريكي، الذي شهد حربًا إلكترونية، ودفاعًا جويًا قصير المدى وتضاؤل قدراته الهندسية، وسط ضغوط الميزانية وحروب العقود السابقة، يتحرك الآن لتطوير جيل جديد من أنظمة الأسلحة، التي يمكنها ضرب أهداف في نطاقات أطول بكثير، وفق "وول ستريت جورنال".
كما أنه يخطط لنشر صاروخ جديد يفوق سرعة الصوت، الخريف المقبل، رغم أن فائدته ضد القوات الصينية تعتمد على تأمين حقوق القواعد في المحيط الهادئ.
البحرية الأمريكية، أيضًا، التي تواجه ضغوط الميزانية ونقص الموظفين والقيود على بناء سفن جديدة، تخطط لتوسيع أسطولها إلى ما لا يقل عن 355 سفينة مأهولة، وهو حجم لا يزال أصغر من البحرية الصينية الحالية.
بينما طرحت القوات الجوية، أول قاذفة بي - 21 وتسعى إلى تحقيق القدرة على إقران الطائرات الحربية الموجهة بأساطيل من الطائرات من دون طيار، فضلًا عن أنها تعمل على تجديد طائرات بي - 52، وقررت ضم المقاتلة الأسترالية إي - 7 إلى أسطولها، كل ذلك -حسب "وول ستريت جورنال"- "لمواجهة أي غزو صيني محتمل لتايوان".