خلاف مكتوم بين كييف وواشنطن بشأن باخموت والقرم... ما أسبابه؟
كشف موقع بوليتيكو، عن وجود خلاف بين واشنطن وكييف حول شبه جزيرة القرم، والقتال في المنطقة التي ضمتها وتسيطر عليها روسيا منذ عام 2014.

السياق
قتال محتدم لم ينقطع منذ أشهر، بأطول معركة برية في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث باتت مدينة باخموت الصناعية، الواقعة في إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، مقبرة لمئات القتلى من الجيشين يوميًا.
ففي حين أعلنت كييف قتل ألف روسي خلال أسبوع فقط، أكدت موسكو تكبيدها الأوكرانيين خسائر فادحة.
أما موسكو فتعول -في هذه الجبهة- على قوات فاغنر شبه الحكومية، التي تشن هجمات عنيفة، في ظل فرض سيطرتها على معظم الجزء الشرقي من المدينة، بينما تتمسك القوات الأوكرانية بسيطرتها على غربي المدينة وتحديدًا منطقة المصانع.
الوضع صعب
إلى ذلك قال مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوزين -المعروف بتصريحاته الصادمة- إن الوضع في باخموت صعب للغاية مضيفًا: كلما اقتربنا من وسط المدينة، زادت صعوبة القتال، مشيرًا إلى أن الأوكرانيين يضخون جنوداً بشكل كبير، لكنه في الوقت ذاته أكد أن قواته تلقت مزيدًا من الدعم والذخائر، منوهًا إلى أن كثيرًا من الإمدادات الأخرى في الطريق، وفق تصريحاته التي بثها عبر "تليجرام" ونقلتها "رويترز".
يأتي تصريح قائد "فاغنر" بتلقيه الأسلحة والذخائر، بعدما اشتكى أكثر من مرة بسبب قلة الدعم العسكري لقواته، حتى أنه اتهم وزير الدفاع ورئيس الأركان الروسي بالخيانة وتعمدهما وقف تدفق الذخيرة والأسلحة إلى رجالاته.
وكان آخرها قبل يومين إذ وصف قائد "فاغنر" -ساخرًا- وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف بأنهما "قائدان عسكريان استثنائيان، وأؤيد جهودهما".
هجوم عكسي
من جانبها أرجعت القوات الأوكرانية حشدها مزيدًا من الجنود، لعزمها شن هجوم معاكس، بعد التقدم الكبير الذي أحرزته قوات "فاغنر" بعد محاصرتها للمدينة المنكوبة.
وقال المتحدث باسم المجموعة الشرقية للجيش الأوكراني، سيرغي شيريفاتي، إن القتال في منطقة باخموت، كان أكثر حدة هذا الأسبوع، حيث وقع 23 اشتباكا في المدينة خلال يوم واحد فقط.
وتضع موسكو تلك المدينة هدفًا أول، إذ إن السيطرة عليها -وفق الرؤية الروسية- تحدث فجوة في الدفاعات الأوكرانية، ما يمكنها من التوغل في العمق الأوكراني.
وباخموت واحدة من أربع مناطق في أوكرانيا، ضمتها روسيا العام الماضي، بعد استفتاء وصفته القوى الغربية بغير القانوني.
خلاف أمريكي
ومع احتدام المعارك في باخموت، تحدث موقع بوليتكو الأمريكي عن خلاف بين القيادة في كييف ونظريتها في واشنطن لأهداف الحرب وكيفية وموعد نهاية الصراع، ومن جملة هذه التوترات القتال في باخموت، إذ ترى الولايات المتحدة أن التمسك بالمدينة يعد استنزافًا للقوات الأوكرانية، كما ترى أمريكا أن باخموت غير مهمة استراتيجيًا.
ونقلت "بوليتكو" عن مسؤولين أمريكيين استياءهم من طلبات التسليح المتكررة التي تنادي بها كييف، فضلاً عن تعمد زيلنسكي عدم إظهار الامتنان اللائق للدعم الأمريكي، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى خلاف آخر على "شبه جزيرة القرم"، والقتال في المنطقة التي ضمتها وتسيطر عليها روسيا منذ عام 2014.
من ناحية أخرى نفت وكالة أسوشيتد برس، نقلًا عن "معهد دراسة الحرب"، في واشنطن، أي تقدم للقوات الروسية في باخموت.
لماذا باخموت؟
ردًا على الخلاف المكتوم الدائر في الكواليس، بين واشنطن وكييف على جدوى المعارك في باخموت، نشر المركز الإعلامي العسكري التابع لوزارة الدفاع الأوكرانية بيانًا، يوضح فيه أهمية تمسكه بالدفاع عن المدينة، قائلًا: "الدفاع عن باخموت يسهم في ربط القوات الرئيسة والاحتياطات الكبيرة للروس في مكان واحد، وتكبيدها خسائر فادحة، ما يجبر القوت الروسية على إجراء عمليات تناوب متكررة للوحدات المشاركة في العمليات الهجومية، ما يسهم بدوره في إضاعة الوقت والموارد وإفقادها الإمكانات الهجومية وقدراتها في اتجاهات أخرى".
وأضاف البيان أن روسيا تركز عملياتها على مقاطعة دونيتسك، للوصول إلى الحدود الإدارية لمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وزيادة كثافة العمليات الهجومية حول ليمان ومارينكا.
الأقليات
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في آخر تقرير لها عن الحرب في أوكرانيا: "إن تأثير الخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا في أوكرانيا يبدو جليًا".
وحسب بريطانيا فإن الكرملين يعتمد الزج بالأقليات الروسية في القتال، على عكس النخب القاطنة في موسكو، وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن معدل الوفيات في المناطق الشرقية الروسية 40 ضعفًا مما هو عليه في العاصمة.
وأشارت إلى أن نحو 75 في المئة من قتلى الجيش الروسي، في منطقة أستراخان الجنوبية، من أقلية الكازاخ والتتار.