يوتيوب للمقاطع القصيرة... هل يكسب معركة جذب منشئي المحتوى من تيك توك؟

تأتي خطوة يوتيوب في الوقت الذي تتعرض فيه منصات الوسائط الاجتماعية لضغوط، لجذب عائدات إعلانية جديدة وسط تباطؤ الإنفاق التسويقي وتراجع سوق التكنولوجيا الأوسع.

يوتيوب للمقاطع القصيرة... هل يكسب معركة جذب منشئي المحتوى من تيك توك؟

ترجمات - السياق

قالت صحيفة فايننشال تايمز، إن موقع يوتيوب يقدم حوافز مالية جديدة لمنشئي المحتوى، في محاولة لإغرائهم بعيدًا عن منافسهم سريع النمو «تيك توك»، مشيرة إلى أن المتنافسين على وسائل التواصل الاجتماعي «يتصارعون» على المستخدمين الجدد الأصغر سنًا، وسط قلة الإعلانات الرقمية.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن «ألفابت» التابعة لشركة «غوغل» ستقدم –الأربعاء- مخططًا جديدًا لمشاركة الإيرادات على يوتيوب للمقاطع القصيرة «يوتيوب شورتس»، ما يتيح للمبدعين الحصول على جزء من أرباح الإعلانات من مقاطع الفيديو الخاصة بهم.

 

منافسة "تيك توك"

كان «يوتيوب» يروِّج لميزة المقاطع القصيرة التي أطلقها عام 2020، الهادفة لمنافسة «تيك توك» على جذب جيل الألفية، ما أدى إلى وجود «يوتيوب»، الذي أطلق عام 2005، بنشر إعلانات عن ميزة «المقاطع القصيرة» في سبتمبر من العام الماضي.

وقالت نائبة رئيس إدارة المنتجات في «يوتيوب» نيكي ريتكي، في تصريحات لـ«فايننشال تايمز»، إن ميزة المقاطع القصيرة نمت بسرعة خلال العامين الماضيين.

وبينما وصلت ميزة المقاطع القصيرة لموقع يوتيوب، إلى أكثر من 1.5 مليار مشاهد مسجّل دخول شهريًا، ما يمثل ثلاثة أرباع قاعدة مشاهدي المنصة، كشفت «تيك توك» أن أكثر من مليار مستخدم دخلوا المنصة في سبتمبر 2021، إلا أنها رفضت إعطاء رقم حالي.

 

جماهير جديدة

وقالت ريتكي إن هذا النمو أدى أيضًا إلى زيادة عدد المبدعين الذين يستخدمون المنصة لأول مرة، مشيرة إلى أن الميزة جذبت جماهير جديدة أصغر سناً، مضيفة: «لقد شهدنا نموًا أكبر في عدد المشاهدين باستخدام الأفلام القصيرة، ما أتاح مزيدًا من الفرص للمعلنين».

تأتي خطوة «يوتيوب» في الوقت الذي تتعرض فيه منصات الوسائط الاجتماعية لضغوط، لجذب عائدات إعلانية جديدة وسط تباطؤ الإنفاق التسويقي وتراجع سوق التكنولوجيا الأوسع.

وأعلنت «ألفا بت» أنها ستلغي 12 ألف وظيفة، لتنضم إلى مجموعات عمالقة التكنولوجيا: «ميتا، وأمازون، ومايكروسوفت» التي سعت إلى خفض التكاليف استجابةً لتراجع الصناعة.

وأدى الاتجاه التنازلي إلى خوض شبكات التواصل الاجتماعي معركة لكسب صُنّاع المحتوى، بينما أطلق «إنستغرام» ميزة تسمى «ريلز» لمقاطع الفيديو القصيرة، للاستفادة من شعبية «محتوى الوجبات الخفيفة».

 

عائدات "يوتيوب"

وبأرباح الربع الثالث في أكتوبر الماضي، تراجعت عائدات "يوتيوب" 2% إلى 7.1 مليار دولار، مقابل توقعات المحللين بزيادة 4.4%، بحسب «فايننشال تايمز»، التي قالت إن ذلك كان أول انخفاض في مبيعات إعلانات «يوتيوب» منذ إبلاغ الشركة عن أدائها بشكل منفصل عام 2020.

 

نمو سريع

على النقيض من ذلك، تنمو «تيك توك» بسرعة، بينما قال مطلعون على عملياتها إن إيراداتها العالمية لعام 2022 نحو 10 مليارات دولار وتقدم إعلانات بأسعار أرخص من منافسيها، مشيرين إلى أن «تيك توك» ترى أنها تخدم راغبي صنع «محتوى قصير الشكل وملائم وممتع».

ويراهن «يوتيوب» على جذب منشئي محتوى جدد، من خلال ميزة المقاطع القصيرة، أملًا بتحفيزهم لتجربة مقاطع الفيديو الطويلة، التي يمكنها استضافة مزيد من الإعلانات، ما يوفر إيرادات للنظام الأساسي والمبدعين.

 

هل ينجح "يوتيوب"؟

يقول ديفران أماراتونجا، مؤسس منصة التسويق الخاصة بمنشئي المحتوى Kyra: «أرى مزيدًا من منشئي محتوى المقاطع القصيرة ينتقلون إلى (يوتيوب) أولاً. هؤلاء هم منشئو المحتوى الذين يتطلعون إلى أن يصبحوا منشئي فيديو طويل المدى».

ووفقًا للأرقام الواردة من المبدعين الذين يعملون مع «كيرا»، فإن متوسط الإيرادات المكتسبة لكل ألف مشاهدة على «تيك توك» 0.03 دولار، وهو أقل بقليل من 0.04 دولار على «يوتيوب للمقاطع القصيرة»، من صندوق محتوى موجود، لكن أقل بكثير من 4 دولارات لمقطع فيديو طويل على «يوتيوب».

ليزا نجوين بدأت إنشاء مقاطع فيديو للطهي على «تيك توك» عام 2019، لكنها قالت إنها وجدت -منذ ذلك الحين- تفاعلًا وعملًا أفضل في مقاطع الفيديو الخاصة بها على «يوتيوب»، التي تمثل قرابة 80% من دخلها كمنشئة محتوى.

ولدى نجوين أكثر من 4.25 مليون مشترك على «يوتيوب»، مقارنة بـ3 ملايين مشترك على «تيك توك». وتقول: «بمجرد أن بدأت اكتساب مزيد من الشعبية على (يوتيوب) للمقاطع القصيرة، فكرت في إنشاء محتوى طويل. أحيانًا يكون من الصعب معرفة كيفية ملاءمة قدر من المعلومات في دقيقة واحدة (...) ميزة (يوتيوب) أنه يمكنني من نشر مقاطع طويلة أيضًا».

ومن المتوقع أن يزداد دخل منشئي المحتوى من البرامج القصيرة بشكل كبير عند تقديم مخطط مشاركة الأرباح الأربعاء، حيث تجنى الأموال بشكل كبير من خلال شراكات العلامات التجارية وصندوق محتوى بـ 100 مليون دولار من «يوتيوب»، بحسب «فايننشال تايمز».

 

مخطط جديد

وللتأهل للمخطط الجديد، يجب أن يكون لدى صانعي الأفلام القصيرة أكثر من ألف مشترك وقدر معين من المشاهدات، بحسب الصحيفة البريطانية التي قالت إن "يوتيوب" يمنح منشئي المقاطع القصيرة 45% من أرباح الإعلانات، مقارنة بـ 55% لمقاطع الفيديو الطويلة.

كان «يوتيوب» قد أعطى جزءًا من عائدات الإعلانات التي تعرض أثناء مقطع فيديو لمنشئي المحتوى، بحسب الصحيفة البريطانية التي قالت إن "يوتيوب" يعرض إعلانات على المقاطع القصيرة بين تلك المقاطع التي أنشأها أشخاص مختلفون، مشيرة إلى أن «يوتيوب» يجمع عائدات الإعلانات المتعلقة بالمقاطع القصيرة، ثم يوزع الأموال على منشئي المحتوى، بعد خصم رسوم ترخيص الموسيقى.

ورغم أن «تيك توك» ينمو بسرعة في شعبيته، وينظر إليه على أنه منافس شرس من قبل منافسيه الأقدم على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يكافح المخاوف الأمنية على مستوى العالم، ما أدى إلى دعوات من كبار السياسيين في الولايات المتحدة لحظر التطبيق، بينما قالت المنصة الصينية إنها تعمل مع الحكومة الأمريكية لمعالجة المخاوف.

وحظرت الهند المنصة في يناير 2021 لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ما أدى إلى حرمان «تيك توك» من قرابة 470 مليون شخص في الهند يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، أي أكثر من ثلث سكان الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات شركة التحليلات الإعلامية «كوم سكور».

 

مزايا "يوتيوب"

ويقول ثلاثة من منشئي المحتوى إلى «فايننشال تايمز»، إن الوصول إلى الهند من مزايا «يوتيوب»، بينما تقول أفني ديشموخ أحد الثنائي البريطاني الهندي Iconicakes: «عندما ظهرت يوتيوب للمقاطع القصيرة، كانت منصة يمكن رؤيتها بأعين جديدة، لا سيما أنها توغلت في بلدان مثل الهند لم نكن نصل إليها».

ويعمل «يوتيوب» أيضًا على دمج مزايا التسوق في المقاطع القصيرة، ما يسمح للمعلنين والمبدعين بوضع علامات على المنتجات في مقاطع الفيديو، يخطط لعرضها في وقت لاحق من هذا العام.

ويعتقد ابن فوستر، الشريك الإداري في وكالة الإعلام «ذا كيت فاكتوري»، أن «يوتيوب للمقاطع القصيرة بالغ الأهمية لجهود الشركة الأم، ألفابت، للحفاظ على هيمنتها كمحرك بحث مع ابتعاد الأجيال الجديدة عن غوغل».

وأضاف ابن فوستر: «يستخدم الجمهور الأصغر سنًا الآن تيك توك، للبحث عن المنتجات ومقاطع الفيديو»، مشيرًا إلى الأنشطة كانت تسيطر عليها غوغل... «لذا، فإن (يوتيوب) للمقاطع القصيرة يعد آلية لحماية دخل الإعلانات الأوسع بكثير».