قطع الشريان الاقتصادي لحكومة آبي آحمد.. هل تنجح خطة تيغراي؟
يوجد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في محاولة للتوسط في الصراع، في وقت لا تزال فيه الاشتباكات بين الجيش الإثيوبي ومسلحي جبهة تيغراي مستمرة شمالي البلاد.

السياق
قطع الشريان الاقتصادي لإثيوبيا، خطة لجبهة تحرير تيغراي، يبدو أنها اقتربت من حسمها، في محاولة من الأخيرة لإخضاع حكومة آبي أحمد، بالتزامن مع التقدم الميداني لتلك القوات، التي على أبواب العاصمة أديس أبابا.
وقالت مصادر إخبارية، مدعومة من جبهة تحرير تيغراي، إن قوات الجبهة الشعبية تقدمت باتجاه الطريق الاستراتيجي الرابط بين إثيوبيا وجيبوتي، مشيرة إلى أن المقاتلين تمكنوا من التقدم إلى مدينة ميل، التي تقع في منطقة عفار بإثيوبيا.
وأشارت إلى أن هذا الطريق الرابط مع جيبوتي، يمر عبر مدينة ميل التي تقدمت قوات تحرير تيغراي صوبها، مؤكدة أن الجزء الأكبر من الواردات والصادرات الإثيوبية، يمر على طول هذه الطريق من جيبوتي وإليها، وهو ما يحاول المقاتلون السيطرة عليه.
وأكدت المصادر، أنه حتى الآن لم تصدر الحكومة الإثيوبية أو حكومة تيغراي أي بيانات رسمية بهذا الصدد، مشيرة إلى أن تقدم قوات تحرير تيغراي يعد «تطورًا هائلًا» في الحرب الجارية التي بدأت منذ ما يقرب من عام.
محاولات للتوسط
في غضون ذلك، يوجد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في محاولة للتوسط في الصراع، في وقت لا تزال فيه الاشتباكات بين الجيش الإثيوبي ومسلحي جبهة تيغراي مستمرة شمالي البلاد، وتحديداً في منطقتي أمهرة وعفر وبعض مناطق إقليم أوروميا.
وبحث الرئيس الكيني أوهورو كينياتا إلى أديس أبابا مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وقف إطلاق النار والسلام مع تيغراي، وبينما لم يكشف آبي أحمد تفاصيل هذه الزيارة التي لم يعلن عنها، إلا أن مراقبين ربطوها باجتماع كينياتا المرتقب مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين.
وتوترت العلاقات بين أديس أبابا وواشنطن، على خلفية العقوبات الأخيرة المفروضة على إريتريا إثر المعارك المستمرة في إثيوبيا الدولة المجاورة بين الحكومة المركزية ومقاتلي جبهة تحرير تيغراي.
ويسافر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى كينيا، لمناقشة الصراع في إثيوبيا المجاورة، بينما طالبت أمريكا مواطنيها في أديس أبابا، بمغادرة إثيوبيا «في الوقت الذي تتوفر فيه الرحلات التجارية بسهولة»، على حد تعبير وزير بريطاني.
ضغط دبلوماسي
ويتزايد الضغط الدبلوماسي الإفريقي والأمريكي، لأن ما يحدث في إثيوبيا له تداعيات هائلة على المنطقة والعالم، بينما قال مبعوث الاتحاد الإفريقي أولوسيغون أوباسانجو، إن الجانبين (الحكومة الإثيوبية وقوات تيغراي) أعربا عن رغبتهما في السلام والاستقرار، داعيًا «أصحاب النيات الحسنة والقادة في إفريقيا والمجتمع الدولي، إلى مواصلة دعم جهود الوساطة الإفريقية والامتناع عن الأعمال أو الخطابات التي قد تؤدي، بقصد أو بغير قصد، إلى تفاقم الصراع».
ويواجه ما لا يقل عن 400 ألف شخص، ظروفًا شبيهة بالمجاعة في الشمال، بحسب تقارير أشارت إلى أن 80% من الأدوية الأساسية غير متوفرة، مؤكدة أن أكثر من مليوني شخص أجبروا على ترك منازلهم، إضافة إلى أن هناك أدلة على عمليات القتل غير المشروع والتعذيب والعنف الجنسي التي ارتكبها الجانبان.
واتُهمت الحكومة الفيدرالية بتعمُّد منع المساعدات من الوصول إلى تيغراي، وهو ما نفته، وسط مخاوف من أن القتال قد يؤدي إلى أعمال عنف أوسع في هذه الدولة متعددة الأعراق، قد تؤدي إلى تفككها.
وتنشر قوات في مهمة مشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لمحاربة «إرهابيي» الصومال، وسط مخاوف مخاوف من احتمال انسحابهم، إذا اقتضت الضرورة عودتهم إلى بلادهم.
وقبل مغادرته في جولته الإفريقية، حذر بلينكين من أن الصراع الدائم سيكون «كارثيًا على الشعب الإثيوبي وأيضًا على الآخرين في المنطقة».
خطوة تركية
كانت وكالة رويترز للأنباء، قد قالت إن تركيا وافقت على بيع طائرات مسيرة عسكرية لإثيوبيا، مشيرة إلى أن هذه الصفقة هددت علاقة تركيا بمصر، التي لها خلافها الخاص مع إثيوبيا بشأن سد ضخم على نهر النيل.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، طالما كان يُنظر إلى إثيوبيا على أنها حليف موثوق به، خاصة خلال ما تسمى الحرب على الإرهاب.
وأشارت «بي بي سي»، إلى أنه كان للحكومة المستقرة في إثيوبيا دور حيوي في تلك العلاقة الجيدة مع أمريكا، حيث دعمتها الولايات المتحدة مالياً، مقدمة أكثر من 4.2 مليار دولار (3.1 مليار جنيه استرليني) من المساعدات بين عامي 2016 و 2020.
لكن المبعوث الأمريكي إلى المنطقة، جيفري فيلتمان لم يتردد في انتقاد الحكومة الفيدرالية، قائلاً إن سياساتها أدت إلى مجاعة جماعية، وشبهها بنظام بشار الأسد السوري.
هل العاصمة مهددة؟
بعد سلسلة من التقدم من مقاتلي جبهة تحرير تيغراي الشعبية، على طول الطريق السريع الرئيسي المؤدي من الشمال إلى أديس أبابا ، تصاعد التوتر.
وأصدرت الولايات المتحدة نداءً لإجلاء مواطنيها وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حالة الطوارئ، وطلب المزيد من المجندين، ودعت سلطات أديس أبابا الناس إلى حمل الأسلحة.
وقالت جماعة متمردة أخرى متحالفة مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إنها تقترب أيضًا من العاصمة.
وبينما زادت الطبيعة المتعددة الأعراق للمدينة من التوترات هناك، حيث اتهم البعض السلطات باستهداف أهالي تيغراي في سلسلة اعتقالات، إلا أن قوات تيغراي لا تزال على بعد أكثر من 300 كيلومتر من المدينة، حول بلدة كومبولتشا.
هل هناك محادثات سلام؟
القلق الآن هو أن الصراع يدخل مرحلة جديدة ويصبح من الصعب على أي من الجانبين التراجع، كما أن هناك مخاوف من انتشار القتال في جميع أنحاء البلاد.
وتحالفت جبهة تحرير تيغراي مع سلسلة من الجماعات المعارضة للحكومة، في تحالف جديد يسعى إلى إنهاء رئاسة آبي للوزراء.
وتحدث مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى المنطقة، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، عن «نافذة فرصة» صغيرة، قائلًا لمجلس الأمن الدولي بعد محادثاته مع الجانبين خلال زيارة أخيرة لإثيوبيا: «الوقت قصير لأي تدخل».
ولخص رد سفير إثيوبيا لدى الأمم المتحدة، تاي أتسكي سيلاسي، الصعوبات التي سيواجهها الوسطاء، قائلًا إنه يحترم الدعوة للحوار، لكنه ذهب بعد ذلك إلى وصف الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بأنها «جماعة إجرامية».