بتكتيك جديد في المنطقة... هل بدأ تنظيم القاعدة إعادة بناء قواعده غربي إفريقيا؟

قال الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني السلطان البان، لـ-السياق-، إن منطقة غرب إفريقيا تعد بيئة خصبة لإعادة بناء تنظيم القاعدة، الذي يستغل الاضطرابات السياسية والفقر، لتشكيل قواعده.

بتكتيك جديد في المنطقة... هل بدأ تنظيم القاعدة إعادة بناء قواعده غربي إفريقيا؟

السياق "خاص"

مستغلًا الاضطرابات السياسية والفقر، يحاول تنظيم القاعدة بناء قواعده، غربي إفريقيا، عبر مقاتلين جدد، من الشباب الغاضبين على الأوضاع في بلدانهم، واليائسين من حدوث تغييرات إيجابية.

فمن بوركينا فاسو مرورًا بالنيجر إلى مالي وغيرها من بلدان غرب إفريقيا، يكثف تنظيم القاعدة الإرهابي جهوده، لإعادة بناء قواعده، في المنطقة التي تموج بالهجمات الإرهابية، وتشهد وجودًا مكثفًا لعديد من الجماعات والتنظيمات الراديكالية.

وبينما تحاول بلدان عدة كالصومال مكافحة تنظيم القاعدة، عبر دعم القوات المسلحة بالعتاد والأسلحة، كانت هناك بلدان أخرى كـ«بوركينا فاسو»، تتبنى نهجًا جديدًا يرتكز على مقاتلين من الشباب المتطوعين، للتعاون مع الجيش في مواجهة تمدد الجماعات الإرهابية، في استراتيجية شبيهة بتلك التي تعتمدها التنظيمات الإرهابية.

استراتيجيات مختلفة تبنتها الدول لمكافحة التنظيمات الإرهابية على أراضيها، بعضها أثبت نجاعته، بينما الآخر بدا أنه يحتاج إلى تطوير الرؤى والأفكار، لكن هل يعيد تنظيم القاعدة بناء قدراته غربي إفريقيا، التي تعد مسرحا لتنظيم داعش؟

قبل الإجابة عن ذلك السؤال، كانت هناك تطورات على هذا الطريق، أشارت إلى تلك الفرضية، أبرزها هروب 4 من تنظيم القاعدة من سجن في موريتانيا، بعد أن قتلوا عددًا من الحراس.

يأتي ذلك، بينما أعلنت بوركينا فاسو حظر التجول في مناطق عدتها مسرحًا للعمليات ضد القاعدة وداعش، كاشفة عن تصفية عشرات من جماعات مسلحة متمردة، أعلن عدد منها الولاء لتنظيم القاعدة.

 

بيئة خصبة

إلى ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني المقيم في بريطانيا السلطان البان، في تصريحات لـ«السياق»، إن منطقة غرب إفريقيا تعد بيئة خصبة لإعادة بناء تنظيم القاعدة، الذي يستغل الاضطرابات السياسية والفقر، لتشكيل قواعده، خاصة مع وجود جماعات موازية تحمل الأيديولوجية نفسها.

وأوضح المحلل السياسي الموريتاني، أن هذه المقومات وغيرها كانت في جغرافيا غربي إفريقيا، منذ ظهور التنظيمات المتطرفة بداية عام 2006.

بدوره، قال الدكتور محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، في تصريحات لـ«السياق» إن تنظيم القاعدة يوجد في دول عدة بمنطقة الساحل والصحراء، قبل ظهور داعش عام 2015 على يد أبو الوليد الصحراوي، الذي صفته فرنسا العام الماضي.

وأوضح الباحث المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن تنظيم القاعدة يوجد منذ عام 2003 بمنطقة الساحل الإفريقي، عبر إمارة الصحراء التابعة لفرع القاعدة بالجزائر، مشيرًا إلى أن هناك تنظيمات أخرى بايعت التنظيم منها «جماعة الجهاد غربي إفريقيا» و«جماعة أنصار الدين»، التي توحدت عام 2017 باسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة.

وقال الباحث المغربي، إن تنظيم القاعدة ينتشر في مناطق عدة بالساحل والصحراء، حيث يوجد في منطقة أزواد، وفي المنطقة الواقعة بين بوركينا فاسو والنيجر ومالى، كما يسيطر على مناطق شاسعة في بوركينا فاسو ومالي.

 

هل لهروب السجناء علاقة بإعادة بناء "القاعدة"؟

الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني المقيم في بريطانيا السلطان البان، رفض قصر ربط بين الفرضيتين على تلك الزاوية، قائلًا، إنه لا يمكن ربط بناء هذه (القواعد) فقط بفرار السجناء الأربعة من السجن المركزي بنواكشوط، إلا أنه قال إنها تنبئ بتكتيك جديد للتنظيم في المنطقة.

وأكد المحلل السياسي الموريتاني، أن ما وصفه بـ«ضعف» السجون الموريتانية يجعلها تشهد حوادث مشابهة لهروب منتمين للجماعات الإرهابية المتطرفة، مشيرًا إلى أنه في ذروة تنامي النشاط الإرهابي في المنطقة، تمكن ثلاثة سجناء سلفيين من الفرار، في مشهد تكرر عام 2015.

وأرجع المحلل الموريتاني تكرار تلك الحوادث إلى «اختلالات إدارية داخل المنظومة الأمنية الموريتانية، تتطلب المراجعة والتصحيح بدلًا من أن تكون تفسيرًا لبداية قوة التنظيم على المستوى الإقليمي».

 

نشاط مكثف

بدوره، قال الدكتور محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، إن هروب معتقلي السلفية الجهادية من سجن في موريتانيا ليس الأول، مشيرًا إلى أن موريتانيا التي تعد إحدى دول الساحل الإفريقي الخمس، وتشترك مع مالي في حدود طويلة من الشرق، تشهد نشاطًا مكثفًا وتحركـًا للجماعات الإرهابية.

وأوضح الباحث المغربي، أن موريتانيا تعرضت لهجمات تنظيم القاعدة، عبر ما تعرف بإمارة الصحراء التابعة للتنظيم بالجزائر بزعامة مختار بن مختار، الذي شن عمليات استهدفت العاصمة نواكشوط، وسفارات لبعض الدول الغربية.

وبينما قال إن موريتانيا شنت حملات اعتقال لعديد من خلايا التنظيم، أشار إلى أن نواكشوط أبرمت في عهد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، اتفاقًا مع تنظيم القاعدة، يقتضي عدم مهاجمتها مقابل شروط وامتيازات.

 

فشل عملية برخان... هل أثر في وضع "القاعدة"؟

وعن تأثر عمليات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء عقب انسحاب فرنسا، قالت الدكتورة شيماء محيي الدين أستاذة العلوم السياسية المساعدة في كلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، في تصريحات لـ«السياق»، إن عملية برخان منذ إطلاقها عام 2014، حتى انتهت في نوفمبر الماضي، لم تتمكن من احتواء تمدد نشاط وعمليات الجماعات الإرهابية بالمنطقة.

وأوضحت أستاذة العلوم السياسية، أنه على النقيض تمامًا، فقد تزايد نشاط هذه الجماعات وتسيطر على نحو 40%؜ من أراضي بوركينا فاسو، رغم تعزيزها أكثر من مرة بالسلاح والقوات، فضلًا عن الاعتماد على الدعم اللوجستي الأمريكي، وكذا دعم الشركاء الأوروبيين في إطار قوة تاكوبا.

وأشارت إلى أن ما يحدث في بوركينا فاسو ومن قبلها في مالي، يعود إلى حالة الاستياء الشعبي من الوجود العسكري الفرنسي، الذي لم يحقق نجاحًا يذكر على صعيد مكافحة الإرهاب، إضافة الى رغبة قادة انقلاب سبتمبر 2022 ببوركينا فاسو، في تنويع الشركاء الأجانب، في إشارة ضمنية إلى روسيا.