حرب تصريحات.. ما قصة اتفاق واشنطن وطهران على تبادل السجناء؟
تخضع إيران لمئات من العقوبات الأمريكية، التي قطعت طهران عن النظام المالي العالمي، وجمدت مليارات الدولارات من عائدات النفط.

ترجمات – السياق
الساعات الماضية شهدت حرب تصريحات بين أمريكا وإيران على خلفية صفقة تبادل الأسرى بين البلدين، فبينما أعلنت طهران قرب التوصل إلى اتفاق، نفت واشنطن ذلك، واصفة التصريحات بالكاذبة.
صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، سلطت الضوء على ما سمتها "قصة الاتفاق المتعثر لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران"، مشيرة إلى أن إيران أعلنت أن كل شيء "جاهز" لتبادل السجناء مع الولايات المتحدة، إلا أنه لم تمض بضع دقائق وخرجت واشنطن لتنفي الأمر.
ونقلت الصحيفة مقتطفات من تصريح لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للتلفزيون الحكومي، بأن بلاده في المراحل الأخيرة للتوصل إلى اتفاق لتبادل السجناء، مع الولايات المتحدة، واصفًا الصفقة بأنها "حساسة للغاية ومهمة جدًا".
وقال عبداللهيان: "توصلنا إلى اتفاق خلال الأيام الأخيرة فيما يتعلق بقضية تبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة، وإذا سارت الأمور على ما يرام من الجانب الأمريكي، أعتقد أننا سنشهد تبادلًا للأسرى في فترة وجيزة"، وأضاف: "من ناحيتنا كل شيء جاهز، في حين تعمل الولايات المتحدة على التنسيق الفني النهائي".
عقبات دبلوماسية
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن حسين عبداللهيان، قال خلال حديث مع وسائل الإعلام المحلية، إنه رغم التوتر بين بلاده وواشنطن، في ما يتعلق بالملف النووي، والعلاقات مع روسيا، فإنهما اقتربا من توقيع الاتفاق.
ورغم ذلك، فإنه سريعًا ما ظهرت "عقبات دبلوماسية" -وفق الصحيفة- بعد أن سارع البيت الأبيض إلى نفي الأمر، ونقلت عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، قوله -ردًا على تصريحات عبداللهيان- "إنها كذبة أخرى قاسية تزيد فقط آلام أسر السجناء".
وأضاف المتحدث: "نحن نعمل بلا كلل لتأمين الإفراج عن الأمريكيين الثلاثة المحتجزين ظلمًا في إيران"، متابعًا: "لن نتوقف حتى يجتمع شملهم مع أحبائهم".
ومن الأمريكيين المحتجزين في إيران سياماك نمازي، رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، وصدر عام 2016 حكم بسجنه عشر سنوات، بتهمة التجسس والتعاون مع الحكومة الأمريكية.
وكذلك عماد شرقي، رجل أعمال إيراني أمريكي اعتُقل أول مرة عام 2018 عندما كان يعمل في شركة استثمار تكنولوجي، مسجون أيضًا في إيران، وكذلك عالم البيئة الإيراني الأمريكي مراد طهباز الذي يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب الجنسيتين الأمريكية والإيرانية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الجانب الأمريكي مهتم بتأمين إطلاق سراح السجناء الثلاثة على الأقل -الذين يحملون الجنسيتين الأمريكية والإيرانية- كما أن إيران أعلنت أنها مستعدة لإطلاق سراحهم، مقابل الإفراج عن أموالها المُجمدة في كوريا الجنوبية.
وبينت أن إيران لديها ما يقرب من 7 مليارات دولار من عائدات النفط رهن التجميد لدى سول، منذ إعلان الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليها، بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب -من جانب واحد- من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقَّعته إيران مع القوى العالمية.
وعام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى دولية، وأعاد فرض العقوبات التي أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل.
وفرض الاتفاق قيودًا على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية. وردًا على العقوبات، انتهكت طهران تدريجًا القيود المفروضة على برنامجها النووي بموجب الاتفاق، بينما توقفت المحادثات غير المباشرة بين طهران وإدارة الرئيس جو بايدن لإحياء الاتفاق منذ سبتمبر الماضي.
اتفاق نهائي
ونقلت "فايننشال تايمز" عن دبلوماسي غربي في طهران، قوله إن اتفاق تبادل السجناء، اكتسب "زخمًا جديدًا"، بينما أكد آخر ضالع في المحادثات، عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، رغم حدوث تقدم.
وأكدت المصادر -التي تحدثت للصحيفة البريطانية- أن سبب تأخر التوصل لاتفاق نهائي، اختلاف وجهات النظر بين الجانبين بشأن كيفية الإفراج عن الأموال المجمدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد يواجه انتقادات شديدة في الداخل، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، خاصة من الجانب الإسرائيلي، لو قرر الإفراج عن مليارات الدولارات الإيرانية المجمدة.
وسعت طهران -على مدى سنوات- إلى الإفراج عن أكثر من 12 إيرانيًا مُحتجزين في الولايات المتحدة، بينهم سبعة إيرانيين أمريكيين مزدوجي الجنسية، وإيرانيان يحملان إقامة دائمة في الولايات المتحدة، وأربعة إيرانيين ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة.
وبينت الصحيفة، أن المفاوضات عُقدت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قبل نحو ستة أشهر، وكانت قطر مشاركة في تسهيلها، لأن لها علاقات جيدة بالجانبين.
في الشهر التالي (أكتوبر)، أفرجت طهران مؤقتًا عن سياماك نمازي، رجل الأعمال الإيراني الأمريكي، ورفعت حظر السفر عن والده باقر (85 عامًا)، لكن الجهود الدبلوماسية أُحبطت مع قمع النظام الاحتجاجات، واتهامه ببيع طائرات مُسيرة مُسلحة إلى موسكو، استخدمتها القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن محللين إيرانيين قولهم: إن النظام الإيراني -الذي يتعرض لضغوط اجتماعية واقتصادية متزايدة- شعر بخيبة أمل بأن الإفراج عن باقر نمازي لم يؤد بالتبعية إلى الإفراج عن الأموال المجمدة في كوريا الجنوبية.
وحسب الصحيفة، يأتي أي اتفاق لتبادل الأسرى، على خلفية التوترات المتصاعدة بين إيران والقوى الأمريكية والأوروبية، والتسريبات الأخيرة بأن طهران تقترب من الوصول إلى تخصيب يورانيوم قادر على صُنع قنبلة نووية، فضلًا عن الدور الإيراني لمساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وتخضع إيران لمئات من العقوبات الأمريكية، التي قطعت طهران عن النظام المالي العالمي، وجمدت مليارات الدولارات من عائدات النفط.
في الوقت نفسه، أثارت حملة قمع إيران للاحتجاجات العام الماضي وقرارها بيع طائرات مُسيرة لموسكو غضب الدول الغربية.
كما ألقى الغرب باللوم على إيران في إحباط جهود إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، إذ رفضت طهران مسودة اتفاق الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق في سبتمبر الماضي، الذي صدقت عليه جميع الأطراف حينها عدا إيران.
وفي ذلك، يقول محللون لـ"فايننشال تايمز": إن نجاح تبادل الأسرى قد يساعد في إرساء الأسس لاستئناف المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.