بعد التوترات الأخيرة.. هل تغرق العلاقات الصينية الأمريكية في بحر الصين؟

أهم فصول الخلاف هذه، قضية بحر الصين الجنوبي، وآخر مستحدث فيه، إعلان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن مطالبات بكين في البحر، لا أساس لها في القانون الدولي.

بعد التوترات الأخيرة.. هل تغرق العلاقات الصينية الأمريكية في بحر الصين؟

السياق
توترات منفصلة متصلة، بين الولايات المتحدة الأمريكية، وغريمها الجديد، جمهورية الصين الشعبية، فلا تمر أسابيع إلا وتتصاعد التصريحات الملتهبة بين البلدين، والتلويح باستخدام القوة، وأحيانا استعراضها.

ما يفرِّق القوتين العظميين، أكثر مما يجمعهما، فالخلاف الأساسي، أيدولوجي - ثقافي، امتد ليشمل قضايا عدة، تزداد بمرور الوقت، وتتغيَّـر بالمستجدات.

أهم فصول الخلاف هذه، قضية "بحر الصين الجنوبي"، وآخر مستحدث فيه، إعلان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن مطالبات بكين في البحر، لا أساس لها في القانون الدولي.

وتحدَّث أوستن عمّا وصفه بنفوذ الصين المتصاعد، الذي يتعدى على سيادة الآخرين، في المنطقة، وأكد أن أمريكا ستدعم الدول في الدفاع عن حقوقها، كما أكد أن بلاده لن تتردَّد عندما تكون مصالحها مهدَّدة.

وتصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة، بين بكين ودول أخرى، مشاطئة لها على البحر الجنوبي، بعد أن رصدت الفلبين مئات المراكب الصينية داخل مناطقها الاقتصادية الخالصة، وتتشاطر الصين مع خمس دول أخرى هي روناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام، وكل منها تعارض محاولات الصين السيطرة على هذا البحر المهم.

سنحمي مصالحنا بالقوة
لم تتوان الصين -من جانبها- عن الرد، إذ خرج عضو مجلس الدولة ووزير الدفاع الوطني "وي فنغ خه"، ليقول إن الصين لن تقدِّم تنازلات، في ما يتعلَّق بحماية مصالحها الوطنية.

وقال وي -نقلًا عن وكالة شينخوا الصينية الرسمية- فى الدورة الـ 18 من اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء فى منظمة "شانغهاى للتعاون"، إن القضايا المتعلِّقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ والتبت وبحر الصين الجنوبي، لن تقبل الصين مساومات، ولن تقدِّم تنازلات، مضيفًا أن بلاده لديها الطموح والشجاعة والثقة، لتحمُّل الضغوط الخارجية، وحماية مصالحها الوطنية بكل قوة.
 
القضايا التي عدَّدها وزير الدفاع الصيني، إضافة إلى قرصنة المعلومات، والهجمات السيبرانية، والاتهامات الأمريكية للصين بشأن منشأ كورونا، وأخرى متعلِّقة بانتهاك حقوق الإنسان، تلخِّص مستوى الاحتكاكات بين أمريكا والصين، إلا أن أكثر تلك القضايا الخلافية سخونة، هي "بحر الصين الجنوبي".

لماذا بحر الصين الجنوبي؟
السيادة والثروات والأهمية الاستراتيجية، والجيواستراتيجية، إذ يُـعَـدُّ الصين الجنوبي، من أكبر بحار العالم مساحة، بـ 3 ملايين ونصف المليون كيلو متر، ويمر عبره ثلث شحنات التجارة العالمية، بـ 5 تريليونات دولار سنويًا، نصيب الولايات المتحدة منها تريليون و200مليار دولار، فضلًا عن عبور 40% من تجارة بكين من خلاله.

وتشير تقديرات، إلى أن قرابة 80% من الواردات النفطية للصين، تمرّ عبر البحر الجنوبي.

كما يتمتع باطن الأرض بثروة هائلة من الطاقة، تقدرها بكين بـ 17 مليار طن من النفط، وتدَّعى كل دولة مشاطئة للبحر أحقيتها فيه، إضافة لكونه سلة غذاء مهمة لاحتوائه على كميات كبيرة من الأسماك، التي بدورها تحدث احتكاكات مستمرة بين تلك الدول.

وتزعم الصين أحقيتها في ثلاثة أرباع البحر، وتستند في قولها إلى وثائق تاريخية-حسب بكين- تثبت ملكيتها لجزر في "الصين الجنوبي" ما يمنحها الحق في السيطرة على المساحة العظمى منها.

رغبة الصين تلك، تتنافى مع قانون الأمم المتحدة للبحار، الذي لا تعترف به بكين. 

من جانبها، فإن الدول الأخرى تستند أيضًا إلى التاريخ في أحقيتهم بالبحر وما تحته، كما أن الصين مضت في طريق بناء جزر صناعية، كقواعد عسكرية ومهابط طائرات وأرصفة بحرية، ومخازن ذخيرة، ومخابئ صواريخ، ومواقع رادار.

عقوبات على الصين
 ويرى الأميركيون، أن ما تقدم عليه الصين، انتهاك لحقوق جيرانها، وإعاقة لحركة الملاحة الدولية.
 كما أن بكين درجت على تسيير دوريات بحرية وجوية عسكرية، تفضي أحيانًا لمناوشات مع دول جوارها، في حين تعزِّز الولايات المتحدة وجودها العسكري هناك، بدعوى الحفاظ على حرية الملاحة الدولية وحماية حلفائها في المنطقة، وهو ما ترفضه الصين.
 
وكان "ديفيد ستيلويل" مساعد وزير الخارجية الأميركي لشرق آسيا، قد صرح بأن واشنطن، يمكن أن تفرض عقوبات على الصين، بسبب الإجراءات غير القانونية في المنطقة.

لكن أكثر مايقلق بكين، من الحضور العسكري الأمريكي في محيطها، هو الموجود في تايوان، إذ ترفض الصين الاعتراف بها كدولة مستقلة، وترى أنها إقليم صيني، يجب أن يخضع لسيادة دولته الأم، وتطلق عليها تايوان الصينية.

في المقابل ترعاها الولايات المتحدة عسكريًا، بمناورات وتدريبات مشتركة بصفة دورية، كما أن معظم تسليح الجيش التايواني، قائم على معدات وتقنيات وآليات أمريكية.

لا توجد سوى صين واحدة
 ودائمًا ما ترفض الصين هذا التنسيق الأمريكي التايواني، الذي كانت آخر حلقاته اليوم 29 يوليو، إذ أعربت المتحدِّثة باسم مكتب "شؤون تايوان" التابع لمجلس الدولة الصيني، عن معارضة بكين الشديدة، لأي شكل من أشكال الاتصال العسكري، بين الولايات المتحدة ومنطقة "تايوان الصينية" حسب وكالة الأنباء الصينية.

وأضافت تشو فنغ ليان: لا يوجد سوى صين واحدة في العالم، وتايوان جزء من الصين.

وحذَّرت في بيانها، الحزب الحاكم في تايوان، من أن أي محاولات لما يسمى "استقلال تايوان" بمساعدة الولايات المتحدة، ومحاولة استخدام القوة لمقاومة إعادة "التوحيد الوطني"، ستوقع أهالي تايوان في كارثة، حسب الوكالة.

وتحدَّثت الصين، عن أن نشر الجيش الأميركي، لهذه الأعداد غير المسبوقة من قواته، في منطقة آسيا والمحيط الهادي، تزيد خطر وقوع صدام عرضي بحري، بين الصين والولايات المتحدة.

ولحق هذا التصريح، إعلان بكين عن تدريبات بحرية "مكثَّفة جداً"، أثارت قلق ومخاوف جيرانها، وصحبه تصعبد كلامي صيني، إذ قال عميد في بحرية الجيش الشعبي الصيني، إن الخلافات المستمرة على ملكية شرقي بحر الصين الجنوبي، يمكن حلها من خلال إغراق اثنتين من الحاملات الأميركية الضخمة، مؤكداً أن مجموعة الصواريخ الصينية، فائقة القدرة البالستية والمضادة للسفن، قادرة على ضرب حاملتي الطائرات الأميركيتين، المرابضتين غربي المحيط الهادئ.