دبلوماسي هندي: الإمارات تتجاهل واشنطن وتمد يدها لروسيا
أوراق واشنطن الجيوسياسية تتضاءل وزيارة الإمارات رفيعة المستوى إلى موسكو عززت دعم "أوبك بلس" لروسيا في حرب الطاقة التي تدور رحاها بين الشرق والغرب.

ترجمات - السياق
سلَّط السفير الهندي، إم كيه بهادراكومار، الضوء على العلاقة بين دول الخليج، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى سفر أربعة دبلوماسيين رفيعي المستوى، على مستوى وزراء الخارجية، من قطر وإيران وتركيا والإمارات إلى موسكو، الأسبوع الماضي، الذي وصفه بأنه عرض مثير للإعجاب، لإعادة الترتيب الاستراتيجي من دول المنطقة، على خلفية الصراع الأمريكي الروسي، الذي يتكشف في أوكرانيا.
اضطرابات العلاقات
ورأى بهادراكومار، في مقال بموقع "The Cradle.co"، أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد بن سلطان آل نهيان إلى موسكو الخميس، كانت الأكثر لفتاً للانتباه، مشيراً إلى أن العلاقات الأمريكية الإماراتية، شهدت بعض الاضطرابات، العام الماضي.
وأوضح بهادراكومار، الذي عمل ثلاثة عقود في السلك الدبلوماسي الهندي، وتولى مهام متعددة في الاتحاد السوفييتي السابق وباكستان وإيران وأفغانستان وتركيا، أن التوتر بين واشنطن وأبوظبي بدأ بعد وقت قصير من مغادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب البيت الأبيض، إذ إنه في آخر يوم عمل لترامب في يناير 2021، وقَّعت أبوظبي اتفاقية بـ 23 مليار دولار لشراء 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-35، و18 طائرة من دون طيار من طراز ريبر، وغيرها من الذخائر المتقدمة، إلا أن خلف ترامب، الرئيس الأمريكي جو بايدن، جمَّد الصفقة، بعد دخوله المكتب البيضاوي مباشرة.
ورأى الكاتب أنه ربما تكون هناك عوامل أثرت في حسابات إدارة بايدن، إذ بدأت واشنطن التعبير عن مخاوفها الجدية بشأن العلاقات الإماراتية الصينية، خاصة العلاقات الاقتصادية القوية، التي تنمو بين أبوظبي وبكين، كما أرادت الولايات المتحدة أن توقف الإمارات عقد شبكة الجيل الخامس "5G" مع عملاق التكنولوجيا الصيني "هواوي"، وهي الشركة الرائدة عالمياً بلا منازع في تكنولوجيا الجيل الخامس.
الحفاظ على الحياد
وقال الكاتب: دول الخليج عامة، والإمارات على وجه الخصوص، لا تحب الضغط عليها للانحياز إلى جانب واشنطن أو بكين، إذ يرون أن مصلحتهم تكمن في الحفاظ على الحياد وتحقيق التوازن في العلاقات.
وأضاف: "النتيجة النهائية -كما يعلم الجميع- كانت مزعجة لواشنطن بشكل كبير، إذ ردت أبوظبي بشراء 80 طائرة مقاتلة (رافال) من فرنسا، في صفقة تزيد قيمتها على 20 مليار دولار في ديسمبر الماضي، ثم جاءت القنبلة في فبراير الماضي، مع الكشف المثير عن أن الإمارات تخطط لطلب 12 طائرة هجومية خفيفة من طراز (إل-15) من الصين، مع إمكانية شراء 36 طائرة أخرى.
وقال بيان لوزارة الدفاع الإماراتية، إن عملية الشراء تعد جزءًا من جهود الدولة لتنويع موردي الأسلحة، وبعد أسبوع واحد فقط، قاومت الإمارات الضغط الأمريكي، وامتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بقيادة الولايات المتحدة، المتعلق بأوكرانيا، الذي يدين روسيا، كما ذكرت تقارير أن إدارة بايدن نقلت استياءها إلى أبوظبي".
وذكر بهادراكومار أنه بعد ذلك بوقت قصير، رفض ولي العهد الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان تلقي مكالمة من الرئيس الأمريكي، الذي أراد -على ما يبدو- مناقشة توقعات الولايات المتحدة بأن الإمارات ستضخ المزيد من النفط في السوق، لخفض الأسعار المرتفعة.
مثير للاهتمام
من الواضح أن الولايات المتحدة لا يمكنها الاعتماد على دعم منطقة الخليج، في حملتها لعزل روسيا أو لتفكيك "أوبك بلس" وهي هيئة ذات نفوذ متزايد تتكون من 13 عضواً في منظمة أوبك، إضافة إلى عشر من الدول المصدرة للنفط خارج "أوبك"، التي يرأسها أكبر منتجي النفط "روسيا والسعودية"، إذ يبدو أن دول الخليج تسعى -واحدة تلو الأخرى- إلى التقرب من روسيا، وإظهار رغبتها في التخلص من الهيمنة الأمريكية، حسب كاتب المقال.
ووصف بهادراكومار اتصال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الثلاثاء الماضي، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم تمركز الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في المنامة، بأنه مثير للاهتمام.
وأضاف بهادراكومار أن هذا الاقتراب، من المجتمع الدولي غير الغربي، يجلب بعض التغيرات الحيوية إلى رقعة الشطرنج الجيوسياسية العالمية.
ورأى كاتب المقال أن رحلة عبدالله بن زايد آل نهيان إلى موسكو، تصرف واضح لإظهار التحدي، على المستويين الرمزي والاستراتيجي، إذ تشير التقارير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي سافر إلى الإمارات والسعودية، الأسبوع الماضي، للضغط من أجل زيادة إنتاج النفط لخفض أسعاره، عاد خالي الوفاض.
وعلى عكس ما تأمله واشنطن، فإن هناك احتمالًا كبيرًا بأن تستمر "أوبك بلس" في تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية، في مواجهة الولايات المتحدة.
ونهاية المقال، قال بهادراكومار إن الاهتمام الكبير الذي أولته الدبلوماسية الروسية لمنطقة غربي آسيا في العقد الأخير، سيعود بالفائدة بالتأكيد، لأن موسكو قدَّمت لحلفائها في الخليج شراكة من غير ضغوط، قائمة على الاحترام المتبادل.