فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة... ماذا يعني للعالم؟
من المتوقع أن يكون الإنفاق الدفاعي موضوعاً رئيسًا للحزب الجمهوري

ترجمات-السياق
توقعت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، فوز الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي المقبلة بالولايات المتحدة، المقررة في نوفمبر المقبل، وتساءلت: مَنْ الذي سيتولى زمام السياسة الخارجية، في الأغلبية المحتملة بمجلس النواب الجمهوري (وربما في مجلس الشيوخ) عام 2023، هل هم الانعزاليون أم الدوليون؟
وقالت المجلة -في تحليل- إن النقاد السياسيين يتفقون على أنه من المرجح أن يستعيد الجمهوريون أغلبية مجلس النواب الأمريكي، وأن تكون لهم فرصة جيدة في مجلس الشيوخ بانتخابات التجديد النصفي المقبلة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى دفع زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي إلى منصب رئيس مجلس النواب، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى منصب زعيم الأغلبية، ويعد الأخير الأكثر شهرة، فهو مشرِّع وبرلماني متمرِّس ومن مؤيدي الفكر الدولي في المدرسة القديمة، التي جرى تشكيل وِجهات نظرها بالسياسة الخارجية في ذروة الحرب الباردة، أما مكارثي، فإنه ربما يكون من الأدق القول إن سياسته الخارجية صيغت أثناء حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.
وأضافت المجلة أنه من المرجح أن تهيمن المحلية على السياسة في الكونجرس، إذ سيكون هناك اهتمام بقضايا مثل التضخم، والجريمة، والتعليم، والحدود، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا، أثبت -مثل العديد من النزاعات التي سبقته- أنه بقدر رغبة السياسيين الأمريكيين في التركيز على "بناء الأمة في الداخل"، فإن الحقائق العالمية غالباً ما تفرض نفسها، إذ لا تمثل كييف سوى قمة جبل الجليد، حيث يراقب الجمهوريون الكثير من القضايا أيضاً، بما في ذلك العلاقات مع الصين، والدفاع عن تايوان، والعزلة المستمرة لروسيا وقضايا الشرق الأوسط (الطاقة وإيران وإسرائيل)، وعلى نطاق أوسع، الإنفاق الدفاعي.
الانفاق الدفاعي
وتابعت: "سيكون التحدي الذي تطرحه الصين الموضوع الأساسي للحزب الجمهوري، إذ يحظى هذا التحدي باهتمام كبير من قاعدة ناخبيه، وبالنظر لأن تحرير التجارة غير مطروح على الطاولة في الوقت الحالي (لكلا الحزبين)، فإنه من المرجح أن ينحصر تحدي بكين في فك الارتباط الاقتصادي بين البلدين وتهديدها لتايوان".
وأضافت: "من الأمثلة على ذلك الرسالة الأخيرة التي كتبها أعضاء مجلس الشيوخ جو مانشين وشيللي مور كابيتو للرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تقترح تضمين تايوان في إطاره الاقتصادي المقترح حديثاً لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ومن الموقعين على الرسالة الجمهوريان جيمس ريش، الذي من المرجح أن يكون رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في المجلس الجديد، الذي من المتوقع أن يسيطر عليه الجمهوريون، وروجر ويكر، الرئيس المحتمل للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وماركو روبيو، الرئيس المحتمل للجنة مجلس الشيوخ المختارة للاستخبارات، ومعظم الأعضاء الجمهوريين في لجنة الاعتمادات الحالية بمجلس الشيوخ".
ووفقاً للمجلة، من المتوقع أن يكون الإنفاق الدفاعي موضوعاً رئيسًا للحزب الجمهوري، حيث أنه كثيرًا ما انتقد الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ الإنفاق الدفاعي لبايدن، لأنه غير كافٍ لمواجهة تحديات الأمن القومي في البلاد، وصعّدوا هذه الاتهامات منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، كما دعا ماكونيل إلى زيادة بنسبة 5% في الإنفاق الدفاعي أعلى من التضخم، بينما تحرك مكارثي بالقدر نفسه من النشاط، إذ يرى كل منهما -كما كان يرى ترامب- أن الاستثمار في الجيش يمكن أن يكون رادعاً، وكذلك دفعة أولى للنصر في أي صراع محتمل، ما يجذب قاعدة الناخبين للحزب.
تسليح أوكرانيا
والشيء نفسه بالنسبة لأمن الطاقة، إذ إنه في حين أن هناك جمهوراً من الحزبين يؤيد الابتعاد عن الشرق الأوسط، كما توجد معارضة متزايدة من الحزبين لتجديد الاتفاق النووي الإيراني، فإن الجمهوريين أقل تركيزاً على قضايا مثل تغيُّـر المناخ، ويركزون بشكل أكبر على التحديات الأساسية التي تواجهها واشنطن، وهو ما يعني المزيد من الحماس لاستعادة استقلال الطاقة الأمريكية، وتجنُّب المشاحنات غير الضرورية مع المملكة العربية السعودية (المنتج الرئيس للنفط)، وتخفيف لوائح إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، حسب المجلة.
وتساءلت: "ماذا عن أوكرانيا والقضايا الشبيهة بها؟"، وأجابت: "من السهل نسبياً التكهن بأن الأغلبية الجمهورية ستستمر في دعم تسليح أوكرانيا ومساعدتها، لأن التصويت حدث بالفعل، لكن هناك حالات سيكون التعامل معها أصعب، مثل التهديد الصيني الذي يلوح في الأفق لتايوان، على سبيل المثال، فهناك أغلبية في المجلسين ترغب في إدراج تايوان بالترتيبات التجارية للبلاد، وهناك مؤيدون صريحون في المجلسين لإنهاء سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في الغموض الاستراتيجي تجاه تايبيه، لكن أين سيكون الحزب الجمهوري من الدفاع عن تايوان، في حال تعرضها لهجوم من الصين؟ هل ستكون للانعزاليين من اليسار واليمين القدرة على توجيه المسار؟ يبدو أن الجواب سيكون بالنفي، لكن كما يُقال فإن الشيطان يمكن في التفاصيل، إذ إن العقوبات المفروضة على الصين ستضرب القاعدة الجمهورية بشدة، ما يرفع تكاليف السلع الأساسية بشكل أكبر".
الاستثمارات الدفاعية
وبينما تركز الأنظار على بعض النواب، فإنه لا يزال هناك فريق قوي من الصقور في الحزب الجمهوري، يتم تمثيلهم بشكل جيد في الكابيتول هيل، ورغم أن هؤلاء الأعضاء قد لا يكونون من دعاة التدخل، على غرار الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، فإنه ينبغي ألا يكون هناك شك في أنهم من صقور الأمن القومي الحريصين على الدفاع عن المصالح الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة، وهو ما يعني بذل مزيد من الجهود لزيادة ميزانية الدفاع، والضغط لزيادة جودة وسرعة تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، وتبني نهج أكثر تشدداً تجاه الصين، كما أنه من المحتمل أن يشمل عقوبات إضافية على بكين (رغم تذمر بعض الجهات).
ونهاية التحليل، قالت المجلة: "من المفيد تذكر فترة ترامب في البيت الأبيض"، مشيرة إلى أنها لا تقصد بذلك التغريدات، أو المشاحنات، أو حتى شخصية الرئيس السابق نفسه، لكن تذكر سياسة الأمن القومي الفعلية لإدارته، المدعومة إلى حد كبير من الحزب الجمهوري في الكونجرس وقاعدته، إذ كانت إدارة ترامب قاسية تجاه الصين وروسيا وإيران، وتتبنى الاستثمارات المؤيدة للدفاع، والمؤيدة لإسرائيل، وربما يكون ذلك دليلاً أفضل لرؤية المستقبل في عهد الحزب الجمهوري.