احتجاجات إيران تصل محطة الـ100 يوم..اعتقالات وضغوط غربية
فنان يروي تجربة خوفه وقلقه من النظام لمدة 90 يومًا... وعائلات إيرانية تناشد العالم وقف أحكام الإعدام بحق ذويهم

السياق
رغم القمع العنيف من القوات الإيرانية، والتلويح بالإعدام لتهدئة المتظاهرات، فإن الاحتجاجات في البلد الآسيوي وصلت محطة المئة يوم، من دون أن تخمد جذوتها.
تلك الاحتجاجات استمرت مساء السبت، في مدن طهران ومشهد وكرج وسنندج والأهواز وأصفهان وبندر عباس، بين مدن أخرى، رغم تساقط الثلوج بغزارة وأمطار، مرددين شعارات مثل «الموت للديكتاتور» و«لا نريد جمهورية إسلامية».
في كرج، هتف حشد من المتظاهرين، في مقاطع فيديو حساب تصوير 1500: «قضاتنا قتلة، النظام بأكمله فاسد».
كانت الاحتجاجات، التي اندلعت في 16 سبتمبر الماضي، بسبب قتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد ما تعرف بـ«شرطة الآداب والأخلاق» في طهران، أحيت السبت 100 يوم، رغم ضغوط النظام على المتظاهرين.
وواصلت السلطات الإيرانية قمع الاحتجاجات، وفرضت قيودًا على الوصول إلى الإنترنت في بعض المناطق، وأصدرت أحكامًا بالإعدام.
وقال حساب تصوير 1500، إنه لم يتم إعلان جميع أحكام الإعدام الصادرة، لأن المعلومات عن العديد من المعتقلين لا تنشر من السلطات.
وقُتل أكثر من 500 متظاهر منذ بدء المظاهرات قبل 100 يوم، وفقًا لمنظمة نشطاء حقوق الإنسان في إيران، التي قالت إن العديد من المتظاهرين يجلسون في سجون إيرانية على ذمة الإعدام.
تحذيرات من داخل النظام
وحذر محمد صدر، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، الذي يقدم المشورة للمرشد الأعلى الإيراني، من أنه في حين تجنبت الاحتجاجات إلى حد كبير الشعارات الاقتصادية، فإن الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران قد يثير احتجاجات اقتصادية «وهو أمر خطير للغاية».
وشدد الصدر، في مقابلة مع صحيفة دنيا الإيرانية، على أن تلك الاحتجاجات كانت سببًا لعودة إيران إلى الاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة، من أجل تخفيف العقوبات على البلاد وتحسين اقتصادها، مشيرًا إلى أن «الحوار أفضل حل» للاضطرابات المستمرة.
«مئة بالمئة من مطالب المتظاهرين ليست غير عملية، ويمكننا تنفيذ بعض هذه المطالب بمرور الوقت، لفك التعقيد قليلاً والتحرك نحو دولة مسالمة»، بحسب المسؤول الإيراني الذي قال: "إذا لم نستخدم هذه الطريقة، سنكون مضطرين لمواصلة الأساليب الأمنية السابقة، حتى لو بدت هذه الاحتجاجات متقلصة أو مجمعة".
ويشير المحللون إلى استمرار الاحتجاجات رغم القمع، بينما يشير مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد أمريكان إنتربرايز –الجمعة- إلى أنه رغم ارتفاع معدل التظاهرات وانخفاضه، فإنه «لم يسجل يومًا واحدًا بلا احتجاجات منذ 16 سبتمبر الماضي».
وشدد المشروع على أن تقليص النشاط الاحتجاجي لا يشير إلى نهاية الحركة المناهضة للنظام، مؤكدًا أن النظام «سيكافح للحفاظ على هذا المستوى من القمع إلى أجل غير مسمى، لا سيما بالنظر إلى الدرجة التي أدت بها هذه الحملة القمعية إلى إجهاد جهاز أمن الدولة».
تحدي النظام
وعلى النقيض من ذلك، يستكشف منسقو ومنظمات الاحتجاج طرقًا، للحفاظ على أعمال التحدي السياسي المنتظمة، ويشكلون الشبكات والبنية التحتية المطلوبة لأشهر، كما كتب برنامج التحويلات النقدية، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات الملاحظة قد تصبح مؤشرًا أقل فائدة لحالة المناهضين لحركة النظام في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وبحسب تقارير غربية، فإن الاحتجاجات الحالية أخطر ما واجهته إيران منذ إنشائها بعد ثورة 1979، مشيرة إلى أن التظاهرات التي رفعت شعارات «الموت لخامنئي» لم تتوقف حتى في مواجهة المحاكمات الصورية، التي أدت إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق شابين اعتُقلا خلال الاحتجاجات "محسن شكاري وماجد رضا رهنورد"، وكلاهما يبلغ من العمر 23 عامًا.
من جانبه، قال نيما باهيلي المحلل الجيوسياسي بجامعة لا سابينزا في روما: في الأشهر الأخيرة شهدنا شيئًا فريدًا في تاريخ إيران، يتمثل في اتحاد جميع الأقليات العرقية (خاصة الأكراد والبلوش) والنساء والأكاديميين والمدافعين عن البيئة، التي تمكنت الحكومة من توجيهها وإدارتها.
وأوضح باهيلي: «النظام على دراية بكل المحاولات التي قام بها الشاه لعرقلة الثورة الإسلامية»، مثل تعيين رئيس الوزراء شابور بختيار في 79 يناير بدلًا من تهدئة الاحتجاجات وتأجيجها من خلال إسقاط النظام الملكي البهلوي، مشيرًا إلى أنه لهذا السبب، حتى الآن رُفضت محاولات بعض دعاة المؤسسة لفتح حوار، ما أدى بدلاً من ذلك إلى زيادة القمع ومناخ الإرهاب.
يلاحظ باهيلي أن الكثيرين داخل إيران يدركون أن تقديم التنازلات لن يكون كافياً، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات ستستمر وأن نظام الشاه استغرق أكثر من عام لينهار.
ومن الخيارات التي ستدرسها أجهزة النظام، لتغيير التوازن والخروج من هذه المرحلة، الاستيلاء التدريجي على السلطة من القوات المسلحة، لا سيما من حراس الثورة الإيرانية، في ضوء خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي البالغ من العمر 83 عامًا لتغيير التوازن الداخلي لإيران، التي يهيمن عليها رجال الدين.
ويقول المحلل الإيراني، إن استبدال الجيش برجال الدين، كان حاضرًا منذ الوقت الذي كان فيه قائد فيلق القدس بالحرس الثوري اللواء قاسم سليماني على قيد الحياة، لكنه جُمد بعد قتله بغارة أمريكية على بغداد في يناير 2020.
أحكام إعدام وحبس
يأتي ذلك، بينما يواجه طبيب إيراني حكم الإعدام، رغم أنه ساعد عضوًا من الجهاز الأمني الإيراني «قوات الباسيج»، بحسب صحيفة واشنطن بوست، التي قالت إن قوات الأمن الإيرانية داهمت منزل الطبيب وزوجته واعتقلتهما وضربتهما أمام ابنتهما البالغة من العمر 14 عامًا.
ويقول بهراد سادوغيان، زميل سابق لغار حسنلو في إيران ويعيش في كندا ويتابع القضية، إن أحد أفراد قوات الأمن أمسك غار حسنلو، اختصاصي الأشعة المعروف بعمله الخيري، من شعره، ووضع سكينًا على رقبته، وطلب معرفة مكان احتفاظ الزوجين بالأسلحة.
وقالت الناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد، المقيمة في الولايات المتحدة، إن النظام الإيراني أودع المدونة الإيرانية بيتا حقاني نسيمي معتقل كيمشاه بتهمة الإفساد في الأرض، وإن ذويها قلقون من أن يحكم عليها النظام بالإعدام.