على وقع الصراع السياسي... حركة الشباب الصومالية تدخل خط الأزمة بالقنابل

يأتي هذا التصعيد الإرهابي، بالتزامن مع ذروة الصراع السياسي بين الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو ورئيس وزرائه حسين روبلي، على خلفية اغتيال موظفة وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية إكرام تهليل فالح، التي أشارت تقارير ومصادر محلية، إلى ضلوع رئيس الوكالة السابق، مراسل الجزيرة السابق، فهد ياسين، في اختفائها ومقتلها.

على وقع الصراع السياسي... حركة الشباب الصومالية تدخل خط الأزمة بالقنابل
مسلحو حركة الشباب

السياق

في تطور ملحوظ، نشطت حركة الشباب الإرهابية، الموالية لتنظيم القاعدة، مرة أخرى داخل الصومال، بعدما شنت هجوما على مطار بولوبورتي وسط البلاد، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين، فضلًا عن تدمير المطار.

يأتي هذا التصعيد الإرهابي، بالتزامن مع ذروة الصراع السياسي بين الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو ورئيس وزرائه حسين روبلي، على خلفية اغتيال موظفة وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالية إكرام تهليل فالح، التي أشارت تقارير ومصادر محلية، إلى ضلوع رئيس الوكالة السابق، مراسل الجزيرة السابق، فهد ياسين، في اختفائها ومقتلها.

فتاة المخابرات

ويرى مراقبون أن حادثة إكرام تهليل، وهي موظفة بقسم رصد المعلومات في المخابرات الصومالية، تسبَّبت في استدعاء فهد ياسين رئيس المخابرات المقال، لحلفائه من حركة الشباب الإرهابية، خصوصًا أن الشبهات تحوم حول ضلوعه في مقتل إكرام، وهو ما قد يفتتح ملفات، ربما تكشف مزيدًا من الأسرار عن العلاقات المشبوهة بحركة الشباب الإرهابية.

ومما يدعم هذه النتيجة، مواجهة فرماجو لقرار رئيس وزرائه بإقالة فهد ياسين، وفتح تحقيق في اختفاء ومقتل إكرام تهليل، بإصدار مرسوم رئاسي يقلِّص صلاحيات حسين روبلي.

وأصدر فرماجو، قبل أسبوع، قرارًا يقضي بسحب صلاحيات تنفيذية أقرها الاتفاق السياسي، لرئيس الوزراء محمد حسين روبلي، مبررًا ذلك بأن الأخير اتخذ إجراءات مخالفة للدستور المؤقت.

وهنا يقصد القرارات التي اتخذها روبلي، في ما يتعلق بالقيادات العسكرية، حيث أطاح عددًا من القادة الموالين لفرماجو، الذي يتحصن بهم للاستمرار في السُّلطة، رغم انتهاء ولايته، وأيضاً مماطلته في تحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية.

لذا يمكن تفهم المرسوم الرئاسي، الذي قرر تعليق سلطات روبلي في حالات الإقالة أو التعيينات، حتى الانتهاء من انتخابات اللجان المستقلة المعنية في الصومال.

في المقابل، يثير تصعيد حركة الشباب الإرهابية -خصوصًا بهذا الحادث- المزيد من الأسئلة عن استخدام فرماجو للحركة الإرهابية، لا سيما مع تعقُّد المشهد السياسي، في شقيه التنفيذي والتشريعي الخاص بالانتخابات.

تصعيد متزامن

بحسب مؤشر العمليات الإرهابية، الصادر عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، تزامن تصعيد حركة الشباب الصومالية، مع بدء الصراع السياسي هذا الشهر، إذ نفَّذت 15 عملية إرهابية في الصومال، علمًا بأن معظم هذا الهجمات اتخذت نمطين أساسيين، هما المواجهات المسلحة، وتفجير العبوات الناسفة، بخلاف عمليات الاغتيال والتفجيرات الانتحارية، التي تأتي خطوةً استباقية للمواجهات المسلحة.

وأسفرت تلك العمليات، عن مقتل نحو 50 شخصًا وإصابة ما يزيد على 50 آخرين، حيث تستمر الحركة في تكثيف نشاطها الإرهابي لتحقيق مكاسب على الأرض بشكل يومي.

بدوره قال الدكتور إيهاب شوقي، مدير وحدة الشأن الإفريقي بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في تصريحات خاصة لـ"السياق": إن الضربات التي توجهها حركة الشباب، لمؤسسات الدولة في الصومال، تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتأليب الرأي العام ضد الحكومة، مستغلة في ذلك الخلاف بين محمد عبدالله فرماجو الرئيس الصومالي ورئيس وزرائه محمد حسين روبلي.

وأضاف شوقي أن تصاعد العمليات الإرهابية، التي نفَّذتها حركة الشباب الشهر الحالي، ربما يؤدي مع استمرارها إلى فرض أجندتها، التي تخدم مصالحها وأهدافها، وجعلها أمرًا مفروضًا على الشعب الصومالي.

ويري مراقبون أن حركة الشباب، شهدت تطورًا في الهيكل والتكتيك، فانتقلت من مجرد مجموعة مقاتلة في الصومال، إلى منظمة متمردة قوية، تمكنت من بسط سيطرتها على نِصف أراضي البلاد، وتسعى إلى الحُكم من خلال محاولاتها عرقلة الانتخابات الصومالية، المزمع إجرائها خلال أكتوبر المقبل، خاصة مع ما تبثه من رعب في نفوس الصوماليين، عبر تحذيرها من المشاركة في الانتخابات.

اختراق اللعبة السياسية

ووجَّه المتحدِّث باسم الحركة، تحذيرًا مباشرًا وصف خلاله الصوماليين بـ"الكفار" حال مشاركتهم في الانتخابات، كاشفًا أن استهداف شيوخ العشائر كان لمشاركتهم في تشكيل الحكومة السابقة.

ويقول مدير وحدة الشأن الإفريقي بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف لـ "السياق": إن "الشباب الصومالية" تمثِّل عائقًا كبيرًا أمام حل أزمة الصومال، خاصة مع استمرار الدعم المالي، الذي فشلت جميع محاولات تجفيف منابعه حتى الآن.

وأشار شوقي، إلى أن حركة الشباب استغلت الخلاف بين القوات الصومالية وقوات بعثة السلام "أميصوم"، من خلال تركيز هجماتها على الأماكن الاستراتيجية، متخذة في ذلك نمطين هما المواجهات المسلحة وما تسبقها من تفجيرات انتحارية وعمليات اغتيال، إلى جانب تفجير العبوات الناسفة، لتزيد حدة الخلاف بينهما بما يخدم أهدافها.

وفى المقابل كثَّفت القوات الصومالية -المدعومة من "أميصوم"- عملياتها العسكرية، للسيطرة على الحركة ونشاطها، إذ وجَّهت لها ضربات قوية، أسفرت عن مقتل نحو 430 إرهابيًا العام الجاري.

وخرجت حركة الشباب الصومالية، من رحم تنظيم القاعدة، أوائل 2004، وأخذت تتطور حتى صارت المهدِّد الأكبر لأمن شرق إفريقيا.