فورين بوليسي: هل يضرب تحالف أوكوس الصين بشكل مؤلم؟

يمكن لصفقة الغواصات أن تعيد تشكيل ميزان القوى في المحيط الهادئ وتدخل أستراليا في صراعات

فورين بوليسي: هل يضرب تحالف أوكوس الصين بشكل مؤلم؟

ترجمات-السياق

سلَّطت مجلة فورين بوليسي الأمريكية الضوء، على العلاقة بين الولايات المتحدة وفرنسا، بعد إعلان واشنطن والمملكة المتحدة وأستراليا، شراكة استراتيجية جديدة تشمل بيع غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى كانبيرا، وهو ما نتج عنه إلغاء أستراليا صفقة غواصات، كانت تعمل على عقدها مع باريس، ما أزعجها ودفعها لاستدعاء سفيريها في كانبيرا وواشنطن.

ووصفت المجلة، في تقرير، الأزمة الحالية في العلاقات الفرنسية الأمريكية، بأنها "الأسوأ" منذ الستينيات، قائلة إنه لحُسن الحظ، تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر الهاتف، ما رأت أنه يشير إلى أمل برأب الصدع في العلاقة.

صدمة فرنسية

أضافت المجلة، أنه ليس من الصعب معرفة سبب انزعاج الفرنسيين، موضحة أنه على الجانب الاقتصادي، فقد خسروا عقد دفاعي بـ 60 مليار دولار، المبلغ الذي كان سيدعم الوظائف والصادرات في فرنسا، أما على الجانب الدبلوماسي، فإن باريس تعرَّضت لصدمة كبيرة، إذ تركت إدارة بايدن مسألة الإخطار للأستراليين، الذين لم يخبروا الفرنسيين بالإعلان.

تبدو هذه الصفقة جيدة للولايات المتحدة والعالم الحر، وذلك بالنظر لتحول ميزان عسكري في آسيا لصالح الصين، ولرغبة واشنطن في الحفاظ على توازن ملائم في المنطقة، لكنها لم تكن تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها، لذا فإنها كانت بحاجة إلى المزيد من حلفائها، وستساعد صفقة الغواصات هذه، في تحقيق هذا الهدف، وفقًا لتقرير المجلة الأمريكية.

وقالت المجلة: رغم أن هذه الخطوة مفيدة للولايات المتحدة على المدى الطويل، حتى لو جاء تنفيذها بشكل سيئ، فإن هناك بعض المخاوف التي يجب أخذها في الاعتبار.

من خلال هذه الشراكة، فإن بايدن يعمل على استعداء فرنسا، التي ليست واحدة من أكثر أعضاء "الناتو" قدرة عسكرية فحسب، بل تمثل قوة أيضاً من الناحية الفنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي يعيش فيها 1.5 مليون فرنسي، وذلك أحد الأسباب التي جعلت باريس تستجيب لدعوات الولايات المتحدة لأوروبا، لبذل المزيد من الجهد في هذه المنطقة، بحسب المجلة.

 

إغراق البحرية الصينية

أشارت المجلة، إلى أنه من المؤكد أن الغواصات التي ستصل أستراليا، لها صِلة بالمشكلة العسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إذ أن تزويد البلاد بالدفع النووي، يمنحها النطاق والسرعة اللذين تحتاجهما لتغطية مسافات طويلة.

ونقلت المجلة عن وكيلة وزارة الدفاع الأمريكية السابقة ميشيل فلورنوي قولها: إن "أفضل طريقة لردع الصين عن غزو تايوان، امتلاك القدرة على إغراق البحرية الصينية في غضون 72 ساعة".

وتابعت: "تبدو الغواصات الجديدة جيدة في إغراق سفن العدو، خاصة أن الصين تبدو سيئة للغاية في الحرب ضد الغواصات، ورغم جهود بكين البحرية، فإنها تعاني بعض المشكلات المتمثلة في اكتشاف الأهداف المتنقلة تحت الماء وتدميرها".

كما أن الجغرافيا عامل مهم أيضاً، حيث تتم محاصرة البحرية الصينية بتضاريس يسيطر عليها في الغالب حلفاء وشركاء الولايات المتحدة، كما يتمتع أعداء الصين بميزة الاقتراب من البحار والمحيطات الشاسعة والعميقة، لذا فإن هذه الصفقة تضرب بكين بشكل مؤلم للغاية.

 

استخدام القوة

رأت المجلة أن هذه الصفقة، رهان كبير على الاستقرار المستقبلي للشراكة الدفاعية، بين الولايات المتحدة وأستراليا، قائلة: يبدو أنهم يركزون بشكل أكبر على الردع، وربما على الدفاع إذا لزم الأمر، أكثر من تركيزهم على القدرات الهجومية لهذه الغواصات.

ولفتت المجلة، إلى أنه من المرجَّح أن يتم استخدام قدرات هذه الغواصات، وقت السِّلم، لتسيير دوريات في بحر الصين الجنوبي، والحفاظ على خطوط الاتصال البحرية مفتوحة، ولكن في حال حدوث صراع كبير، ستدفع هذه الصفقة أستراليا للانضمام إلى القتال، إذ أنه طالما قاتل الأستراليون جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، في كل حرب كبرى خلال القرن الماضي، بما في ذلك الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، والحروب في كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان.

وتابعت: "الصين لديها نزاعات بحرية وإقليمية مع العديد من جيرانها، كما أنها دائماً ما تقول إنها ستستخدم القوة لحل هذه النزاعات، فضلاً عن حشدها العسكري الهائل، وامتلاكها لعدد من السفن الحربية والصواريخ في المنطقة، أكثر من أي دولة أخرى، لذا فإن تعزيز القوى بناءً على الوضع الراهن، مثل تعزيز أستراليا قدراتها الدفاعية، يسهم في تحقيق الاستقرار الذي تعمل بكين على زعزعته".