ملف التسفير.. هل تنجو قيادات النهضة التونسية من مقصلة الإرهاب؟

ملف التسفير يثير التكهنات مجددًا.. غضب تونسي ومخاوف من تبرئة قيادات النهضة.

ملف التسفير.. هل تنجو قيادات النهضة التونسية من مقصلة الإرهاب؟
راشد الغنوشي

السياق

تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر والإرهاب، قضية مازالت تشغل حيزًا من الجدل في الشارع التونسي الذي يضغط من أجل محاكمة عناصر حركة النهضة الإخوانية، المتورطين في الملف الذي أضر بسمعة البلد الإفريقي عالميًا.

ذلك الملف والذي شهد حراكًا كبيرًا خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع قرارات الاستدعاء التي وجهت إلى قيادات تنظيم الإخوان في تونس، شهد تطورًا نظر إليه الشارع التونسي بكثير من الريبة والخوف.

 

فماذا حدث؟

مساء الخميس، أعلن الحبيب الطرخاني الناطق باسم محكمة الاستئناف التونسية، أن دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب، قررت إرجاء البت في استئناف النيابة العمومية لقرار إبقاء 39 متهمًا في قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي، إلى يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول القادم.

ذلك القرار تسبب في حالة من الاستهجان والجدل داخل الشارع التونسي، وأعاد للأذهان جرائم تنظيم الإخوان والتي لم يحاسب عليها حتى الآن، بسبب اختراق عناصره لصفوف السلطة القضائية، مما دفع الرئيس التونسي قيس سعيد في فبراير/شباط الماضي إلى حل المجلس الأعلى للقضاء، وإعادة تشكيله في مارس/آذار الماضي.

 

استنكار وترقب

وإلى ذلك، قالت ضحى طليق المحللة السياسية والإعلامية التونسية في تصريحات لـ«السياق»، إن قرار دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس، لا يعني إلغاء التهمة، مؤكدة أن القرار يحظر على المتهمين بالقضية، حتى وإن كانوا في حالة إطلاق سراح، مغادرة البلاد إلى حين مثولهم أمام القضاء.

وأوضحت المحللة السياسية التونسية، أن إبقاء المجموعة الموجه إليها الاتهام، وفي مقدمتهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، في حالة سراح، لاقى استنكارًا كبيرًا من قبل شرائح واسعة بالشعب التونسي، ولا سيما أن آلاف الملفات المتعلقة بملفات الاغتيالات والإرهاب والتسفير قد تمَّ إتلافها من قبل من عينتهم «النهضة» خلال العشرية الأخيرة.

وفيما قالت، إن الموالين لحركة النهضة مازالوا يتحركون بكل حرية فيما يتعلق بسلك القضاء، شددت على أنه من الصعب أن يجازف القضاء بتبرئة المتورطين.

وحول إمكانية اللجوء إلى المحاكم الخاصة، استبعدت المحللة التونسية ذلك السيناريو، إلا أنها قالت إنه قد يلجأ التونسيون إذا ما تمادى بعض القضاة في التلاعب بهذا الملف، إلى مطالبة الرئيس قيس سعيد بإصدار قانون ينظم المحاكم الخاصة إذا ما كان هناك ضرورة لذلك.

 

تعافي القضاء

بدوره، قال أيمن الزمالي الكاتب والمحلل السياسي التونسي في تصريحات لـ«السياق»، إن هذه الإجراءات لا تعني أن المتهمين الذين يفوق عددهم الـ820 شخصًا، بين منتمين لحركة النهضة وأمنيين سابقين ودعاة ورجال أعمال، تم تبرئتهم.

وأوضح أن القضاء ماض عبر توجيه التهم إلى الكشف عن أبعاد وحقائق هذه القضية، بعد أن طال الصمت عن الملف والمماطلة في التحقيقات خلال فترة استحواذ حركة النهضة على الحكم.

ويراهن المحلل السياسي على القضاء التونسي قائلا، إنه بدأ اليوم في التعافي والتحرر من هيمنة حركة النهضة عليه، مشيرًا إلى أنه انطلق في فتح مختلف الملفات التي وصفها بـ«الخطيرة»، وخاصة المالية منها بالإضافة إلى تلك المتعلقة بقضايا الإرهاب والتسفير.

وتوقع المحلل التونسي إجراء محاكة عادلة للمتهمين في قضية التسفير دون تمييز أو محاباة، كما كان عليه الحال قبل 25 يوليو/تموز 2021، زمن سيطرة حركة النهضة على مفاصل القضاء.

وبعد سنوات من مراوحته مكانه في أروقة المحاكم بدأت الدولة التونسية قبل أيام إجراء تحقيقات مكثفة في هذا الملف الذي وصف بـ«الأكثر خطورة»، والذي يتشابك مع ملفات أخرى كـ«الاغتيالات السياسية» والجهاز السري لحركة النهضة، والحوادث الإرهابية التي استهدفت المؤسستين الأمنية والعسكرية.

وبحسب التقديرات الرسمية التونسية، فإنَّ نحو 6000 تونسي توجهوا إلى دول سوريا والعراق في العقد الماضي، للانضمام إلى جماعات إرهابية، منها تنظيم «داعش».

وعلى الرغم من محاولات تنظيم الإخوان الحثيثة خلال الفترة الماضية لإغلاق هذا الملف الشائك بالترغيب تارة والترهيب تارة، إلا أن الدولة التونسية ماضية قدمًا في طريقها لاقتلاع جذور التنظيم، بعد أن أفقدتها الثقل السياسي بقرارات 25 يوليو/تموز 2021.