ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.. هل يساهم المقترح الأمريكي في حل الأزمة؟
قال مايكل هراري الباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية، في مقابلة مع السياق إنَّ هناك الكثير من التقدم حدث مؤخرًا، ولا سيما على مدار العام المنصرم؛ استنادًا على فهم كلا الجانبين بأن ذلك يخدم مصالحهما الخاصة.

السياق
بعد أشهر من المفاوضات «الشاقة» غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، يبدو أن سفينة أزمة ترسيم الحدود البحرية للبلدين حطت أخيرًا في أحد الموانئ، لتعلن عن انفراجة قريبة في الملف.
فمع توالي التصريحات الإيجابية خلال الأسابيع الماضية والتي تخللتها مناوشات من حزب الله، أعلنت الرئاسة اللبنانية، لأول مرة منذ عامين، تسلمها رسالة خطية من الولايات المتحدة التي تتولى منذ عامين وساطة بين بيروت وتل أبيب، أملًا في التوصل لاتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما.
مقترح أمريكي
وقالت الرئاسة اللبنانية في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن الرئيس ميشال عون استقبل سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، وتسلم منها رسالة خطية من الوسيط الأمريكي هاموس هوكستين حول الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وأوضحت أن الرئيس اللبناني ميشال عون تحدث مع كبار المسؤولين لتقديم رد لبناني في أقرب وقت ممكن، بشأن مسودة اتفاق لترسيم الحدود البحرية، مشيرة إلى أن عون اتصل بعد ذلك برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي للتشاور بشأن الاقتراح الأمريكي، وكيفية المضي قدمًا لتقديم رد لبناني في أسرع وقت ممكن.
وحول مضمون الرسالة، اكتفى مصدر في الرئاسة اللبنانية بالقول، إنها تتضمن عرضًا للمفاوضات التي جرت مع اقتراحات، من دون أن يفصح عن ماهيتها، مشيرًا إلى أن الرد اللبناني سيتم في أسرع وقت ممكن تمهيدًا للانتقال إلى الخطوة المقبلة.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن اجتماعًا سيعقد بين الرؤساء الثلاثة (الرئاسة، البرلمان، الحكومة) الأسبوع المقبل للبحث في مقترح الوسيط الأمريكي لاتفاق ترسيم الحدود البحرية، متوقعة التوقيع على الاتفاق قبل منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
الرد الإسرائيلي
يأتي ذلك، فيما رجَّحت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تحمل رسالة هوكستين الرد الإسرائيلي.
من جانبه، قال البرلماني اللبناني السابق فارس سعيد، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه «لا يجوز أن نعرف تفاصيل الاتفاق اللبناني الإسرائيلي حول ترسيم الحدود البحريّة من الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله خلال إطلالته الليلة».
يأتي تسليم الرسالة الخطية قبيل كلمة سيلقيها الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، اليوم في مناسبة دينية في الجنوب.
مطالبات بالمكاشفة
وطالب البرلماني اللبناني السابق الرئيس عون للخروج ومكاشفة الرأي العام، وطرح الاتفاق على المجلس النيابي للمشاركة ولو شكليًا، لإنهاء الصراع اللبناني الإسرائيلي.
من جانبه، قال مايكل هراري الباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية، إنَّ هناك الكثير من التقدم حدث مؤخرًا، ولا سيما على مدار العام المنصرم؛ استنادًا على فهم كلا الجانبين بأن ذلك يخدم مصالحهما الخاصة.
وأوضح في مقابلة مع "السياق"، أن كلا الجانبين يعلم أن كاريش داخل المنطقة الإسرائيلية الاقتصادية الخالصة EEZ وهذا لا يعني أنه أثناء المفاوضات كانت هناك اختلافات بين لبنان وإسرائيل، مشيرًا إلى أن السرد الصارم من حزب الله هو جزء من المفاوضات.
وقال الباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية، إن إسرائيل ولبنان ليس بينهما أي نوع من الاتصال المباشر، لذلك كان يتعين عليهما ابتلاع هذه الحقيقة.
وأشار إلى أن كلا الطرفين يفهم أن لديه نوعًا مختلفًا من الخطوط مثل الخط ٢٩ الخط ٢٣ وهكذا، مؤكدًا أن كلا الجانبين الآن يتفق أن الحدود البحرية ينبغي أن تمر عبر الخط ٢٣.
وأبلغت لبنان الوسيط الأمريكي تمسكه بالخط 23 وبحقل قانا كاملًا، فيما قدم هوكشتين اقتراحات جديدة إلى لبنان في ضوء نتائج الاتصالات التي أجراها مع الجانب الإسرائيلي.
وأكد أنه كان مهمًا من الجانب اللبناني الحصول على نوع من التأكيدات من الشركات الدولية المعنية أنها سوف تحاول الحفر في أقرب وقت ممكن بعد الوصول إلى اتفاق.
أزمة عميقة.. وحزب الله في الخلفية
وشدد الباحث الإسرائيلي على أن حزب الله أحد الأطراف الرئيسة في لبنان التي تفهم الأزمة العميقة والحادة التي يمر بها لبنان وأهمية الوصول إلى هذا الاتفاق إذا حدث ذلك، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعلم أن حزب الله لاعب رئيس في لبنان.
وأكد مايكل هراري أن لبنان ينظر إلى واشنطن باعتبارها فعالة وأنها اللاعب الوحيد الذي يملك «نفوذًا» على إسرائيل؛ بمعنى أنها تستطيع التأثير على تل أبيب عندما تكون هناك حاجة لدفع الأمور إلى الأمام.
ويتعلق النزاع البحري بحوالي 860 كيلومترًا مربعًا (330 ميلًا مربعًا) من البحر الأبيض المتوسط والتي تشمل حقول الغاز البحرية المربحة، ويبدو أن المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بشأن الحقوق في المنطقة، موضوع المفاوضات الطويلة بين القدس وبيروت والتهديدات المتكررة من حزب الله، قد أحرزت تقدمًا في الأسابيع الأخيرة.
ويوم الأحد، قالت أخبار القناة 13 الإسرائيلية إن مسؤولي الأمن يعتقدون أنه سيتم التوصل إلى اتفاق في الأسبوعين المقبلين.
جاء التقرير التلفزيوني عقب محادثات أجراها رئيس الوزراء يائير لابيد بشأن الاستعدادات لإنتاج الغاز من حقل كاريش، وسط تهديدات حزب الله بمهاجمة إسرائيل إذا بدأت الحفر هناك قبل التوصل إلى اتفاق على الحدود البحرية.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأسبوع الماضي، إن صواريخ منظمته الإرهابية المدعومة من إيران مستعدة للانطلاق صوب حقل كاريش.
وفيما يقول لبنان، إن حقل غاز كاريش يقع في منطقة متنازع عليها، تزعم إسرائيل أنه يقع ضمن مياهها الاقتصادية المعترف بها دوليًا.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تعهد مكتب لبيد بأن تمضي إسرائيل قدمًا في استخراج الغاز من كاريش مع أو بدون اتفاق على الحدود البحرية مع لبنان.