فيسبوك يروي ظمأ عطشى خوزستان.. ويسمح بنشر عبارة الموت لخامنئي
احتجاجات المياه في إيران... فيسبوك يسمح باستخدام عبارة الموت لخامنئي

السياق
احتجاجات مستمرة، دخلت يومها العاشر، انطلقت شرارتها من محافظة خوزستان غربي إيران، إلا أنها اجتاحت مناطق عدة في البلد الآسيوي، محاولة إطاحة النظام الإيراني.
تلك الاحتجاجات، استخدم فيها المتظاهرون الوسائل السِّلمية، محاولين إيصال أصواتهم إلى الناس، وكسب تأييد عالمي لقضيتهم التي وصفوها بـ«العادلة»، فلجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مشاركين صورًا ومقاطع فيديو، تحوي عبارة «الموت لخامنئي»، إلا أنهم قوبلوا بحذفها من المسؤولين عن نشر المحتوى، في تلك المنصات.
تغيُّر كلي
إلا أن موقف مواقع التواصل الاجتماعي من ذلك المحتوى، تغيَّر بشكل جذري، بعد تواصل ناشطين إيرانيين مع موقع فيسبوك، ليخبرهم بأنه سيسمح للأشخاص بنشر عبارة «الموت لخامنئي» أو عرض فيديو لأشخاص يقولون أو يردِّدون هذه العبارة، أسبوعين، في اختيار رأته صحيفة Motherboard غريبًا، ويسلِّط الضوء على قوة تلك المنصات.
وقال ممثِّل شركة فيسبوك، في رسالة بريد إلكتروني، إلى النشطاء الذين خاطبوه: ندرك أنه في السياق الحالي للاحتجاجات ضد نقص المياه، يتم استخدام خامنئي إلى حد كبير، كبديل للنظام الإيراني في هذه البيانات، وليس كتهديد مباشر ولا دعوة للعنف ضده كشخص.
استثناء محدود
وأكد المسؤول، في الرسالة التي نشرت صحيفة Motherboard مقتطفات منها: بناءً على ذلك، وضعنا استثناءً محدودًا ومقيَّدًا بالوقت للسماح بنشر هذا المحتوى، الأسبوعين المقبلين (خاضعًا لمزيد من المراجعة بناءً على الوضع على الأرض)، سنسمح باستخدام «الموت لخامنئي» في سياق الاحتجاجات السياسية في إيران».
وأضاف أن الشركة قدَّمت الاستثناء ذاته، بخصوص هتافات «الموت لخامنئي»، من دون أن يذكر متى تحديدًا.
وقال متحدِّث باسم شركة فيسبوك، في تصريح لصحيفة Motherboard: "نحن على عِلم بأن عبارة الموت لخامنئي تستخدم لانتقاد الحكومة والاحتجاج عليها، وليس كتهديد عنيف"، مؤكدًا استعادة المنشورات التي أزيلت في البداية.
طريقة شائعة
وقالت الصحيفة، إن «فيسبوك» يعرف أن الهتاف ليس دعوة حرفية لقتل خامنئي، وقد سمح بهذا الاستثناء من قبل، مشيرة إلى أنه سيتم السماح للناس الآن مؤقتًا بالتعبير عنها، لكن فقط طالما استمر النقص المريع في المياه.
إن عبارة «الموت لخامنئي» طريقة شائعة للغاية، لإظهار السخط على النظام الإيراني، لاسيما في مظاهرة، وفقًا لما قالته محساء علي مرداني، باحثة وخبيرة في الرقابة في إيران تعمل مع المادة 19، وهي منظمة غير ربحية تركز على حرية التعبير، في جميع أنحاء العالم، وأحد النشطاء الذين تم حذف منشوراتهم.
وقالت مرداني، إنها أرسلت نموذجًا إلى الأشخاص من مجموعة نشطاء 1500tasvir وغيرهم من المستخدمين الناطقين بالفارسية، تسألهم عمّا إذا كانوا قد شهدوا أي عمليات إزالة، مؤكدة أنها حتى يوم الخميس، جمعت 249 ردًا، 227 منها أفادت بإلغاء منشورات، بعضها تضمَّن تلك العبارة.
ومع ذلك، لم يرد المتحدث باسم «فيسبوك» على أسئلة عن الوقت الذي سمحت فيه الشركة بهذا الاستثناء من قبل، ولا لماذا لم تفعل الاستثناء نفسه هذه المرة، قبل إزالة المنشورات.
خامنئي المسؤول الأول
شخص منخرط في مجموعة نشطاء 1500tasvir، طلب عدم الكشف عن هويته لتجنُّب انتقام الحكومة، قال لصحيفة Motherboard، إن الناس يرون أن خامنئي مسؤول عن عمليات القتل وإطلاق النار هذه، باعتباره المرشد الأعلى، دوره واضح للغاية ويجب أن يحاسب.
وأضافوا أن "فيسبوك وإنستغرام" ينظران إلى شعارات الناس ولغتهم، على أنها تهديدات بالقتل، ويجب إعادة النظر فيها وتغييرها بشكل دائم، وليس فقط أسبوعين، فمن المهم للغاية، مراعاة السياق وتنوع المفاهيم اللغوية، في قواعد هذه المنصات.
تمييز من "فيسبوك"
وقالت جيليان يورك، مديرة حرية التعبير الدولية في مؤسسة Electronic Frontier Foundation، مؤلفة كتاب Silicon Values الأخير، إن ذلك مثال آخر على أن «فيسبوك» لا يعرف كيفية التعامل مع قضايا حرية التعبير المتعلِّقة بالسياسة، وليس فقط في إيران.
يورك أضافت أن هذا هو السبب، في أن لدينا قيمًا تتعلَّق بحرية التعبير في المقام الأول، متسائلة: أي سُلطة، تقرِّر ما هو الاستخدام المناسب لـ«الموت»؟!
وأشارت إلى أن تمني موت شخص، ليس بالضرورة أمرًا جيدًا، إلا أن الدولة –في الوقت نفسه- تتمتع بالسُّلطة المطلقة في معظم هذه الأماكن، متسائلة: ما الخيار الآخر المتاح أمام الناس غير ترديد ذلك؟
تحذير للمحتجين
وكان المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، حذَّر الجمعة سكان المنطقة التي ضربها الجفاف في الجنوب الغربي، من إعطاء الذخيرة لـ«العدو»، بعد أيام من الاحتجاجات، التي شهدت مقتل متظاهرين.
وتعاني خوزستان -المنطقة الرئيسة المنتجة للنفط في إيران والأغنى بين 31 محافظة- الجفاف منذ مارس الماضي، واعترف خامنئي بخطورة مشكلة المياه، وقال إن سكان خوزستان ليسوا مسؤولين عن التعبير عن استيائهم، لكنه حثَّهم على توخي الحذر.
وقال خامنئي -في تصريحات نشرت على موقعه الرسمي على الإنترنت- إن «العدو سيحاول استخدام أي أداة، ضد الثورة والأمة ومصالح الشعب، لذا يجب الحرص على عدم إعطائه أي ذريعة».
قوة مفرطة
وبثَّت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية ومقرها الخارج، مقاطع فيديو قالت إنها احتجاجات في بلدات ومدن عدة في خوزستان، تظهر مئات الأشخاص يردِّدون شعارات ضد السُّلطات، بينما تحيط بهم شرطة مكافحة الشغب.
في غضون ذلك، أكدت منظمات مراقبة الحقوق العالمية و"العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" أن قوات الأمن الإيرانية استخدمت القوة غير القانونية والمفرطة، لقمع الاحتجاجات في خوزستان.
وقالت منظمة العفو الدولية: إن ما لا يقل عن ثمانية متظاهرين ومارة، بينهم صبي، لقوا مصرعهم في الاضطرابات.
سكان الأحواز
ويبلغ عدد سكان الأحواز في إيران نحو 5 ملايين نسمة، يتركزون في موقعين استراتيجيين مهمين، مقاطعة خوزستان (موطن إنتاج النفط والغاز الطبيعي في إيران والموانئ الرئيسة)، ومنطقة الخليج الفارسي بين بوشر وبندر عباس، التي تشهد حركة بحرية كبيرة.
ووفقًا للاستطلاعات، فإن الأحواز من أقل الأقليات العِرقية في إيران اندماجًا، فنحو 82% من الأحواز يتحدَّثون العربية.