احتجاجات العراق.. إصابات واندساس مسلحين وتلويح بحظر التجول
احتجاجات العراق.. تظاهرات حاشدة وهتافات غاضبة وإصابات في صفوف الأمنيين والمواطنين

السياق
وسط انتشار أمني مكثف، انطلقت من ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، تظاهرات إحياء الذكرى الثالثة لانتفاضة تشرين الأول، وسط مخاوف من أن يلقي الانسداد السياسي في البلد الغني بالنفط، بآثاره الوخيمة على الاحتجاجات.
فعلى أنغام البكاء على الماضي، وتطلعات للتخلص من براثن الأزمة السياسية الراهنة، يحتشد الآلاف من العراقيين في ساحة التحرير بالمنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، أملًا في إعادة البلد الآسيوي إلى خارطة الطريق الصحيحة، وخوفًا من تكرار سيناريو 2019.
إلا أنه مع الانسداد السياسي الحالي، بات البلد مفتوحًا على كل السيناريوهات، وسط مخاوف من اندساس مسلحين في صفوف المحتجين، مما يدفع بالعراق مجددًا إلى أتون الصراعات، بعد أن سدت المسارات السلمية.
اندساس مسلحين
تلك المخاوف التي عبر عنها مراقبون ومغردون مساء أمس، يبدو أنها وجدت طريقها إلى المتظاهرين؛ فخلية الإعلام الأمني التابعة للحكومة العراقية، أعلنت اليوم السبت، رصد عناصر مندسة وسط المتظاهرين تستخدم المولوتوف وبنادق الصيد، داعية منضمي التظاهرات إلى تسليم هؤلاء المندسين للقوات الأمنية للحفاظ على سلمية التظاهرة.
وقالت الخلية الأمنية، في بيان اطلعت «السياق»، على نسخة منه، إن قواتها الأمنية رصدت عناصر مندسة وسط المتظاهرين قاموا باستخدام المولوتوف وبنادق الصيد، والاعتداء على القوات الأمنية المكلفة بحماية المتظاهرين، محذرة من أن هذا التصرف بهذا الواجب يعد مخالفة لسلمية الاحتجاجات.
ودعت الخلية الأمنية في بيانها المحتجين إلى «تسليم هؤلاء المندسين داخل صفوفهم الى الأجهزة الأمنية فورًا والحفاظ على التظاهرة ومنع الإساءة إليها»، مشيرة إلى أن أجهزتها الأمنية تواصل العمل بمهنية عالية المستوى في التعامل مع المتظاهرين في العاصمة بغداد، دون حمل السلاح أو استخدام أي نوع من القوة معهم.
وفي محاولة من الحكومة العراقية، لمنع ذلك السيناريو وتأمين المحتجين المحتشدين لإحياء ذكرى الانتفاضة الثالثة، أعلنت 10 توجيهات للقوى الأمنية، وناشدت المتظاهرين الالتزام بها، لضمان يوم هادئ دون اشتباكات أو عنف.
10 توجيهات
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، فإن القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي أصدر 10 توجيهات إلى الأجهزة الأمنية كافة، للتعامل مع المتظاهرين وتأمين الحماية لهم، مؤكدًا على حق التظاهرات السلمية التي كفل الدستور ممارستها في إطار القانون.
وقال البيان الذي نشرته خلية الإعلام الأمني، إن الكاظمي يدعو المحتجين إلى التعاون مع القوات الأمنية في حفظ مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة وحمايتها، مشددًا على ضرورة قيام القوات الأمنية بحماية المتظاهرين السلميين بنحو كامل.
وفيما أكد على منع استخدام الأسلحة النارية والسبل الأخرى غير القانونية في التعامل مع التظاهرات، أهاب بوسائل الإعلام بتجنب تداول الأخبار «الكاذبة» والانجرار لها، التي تهدف إلى خلق أجواء مقلقة تغذي إثارة الفوضى، وتسيء للسلم الأهلي.
تظاهرات حاشدة وهتافات غاضبة
ومن على جسر الجمهورية وسط العاصمة العراقية بغداد، شارك محتجون في تظاهرات إحياء ذكرى احتجاجات تشرين، بهتافات ضد تدخلات إيران في بلادهم.
وعبر المحتجون العراقيون عن غضبهم من التدخلات الإيرانية في العراق، مطالبين بوضع حد لها، وانتشال البلد الغني بالنفط، من براثن طهران، قائلين: «إيران برا برا بغداد تبقى حرة».
وقالت وكالة الأنباء العراقية، إن التظاهرات التي انطلقت في ساحة التحرير وسط انتشار القوات الأمنية في مناطق التظاهرات لحماية المتظاهرين، رفع فيها المحتجون الأعلامَ العراقيةَ ورددوا شعاراتٍ ضدَ الفسادِ والمحاصصة.
سيناريو العنف
ومع توقع سيناريو العنف الذي لم يغب عن أي احتجاج في العراق خلال الفترة الماضية، رجح المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، إغلاق بعض الطرق والجسور، ملوحًا بحظر التجوال حسب تطورات الوضع الأمني.
وقال اللواء رسول في تصريحات تلفزيونية، إن الخطة الأمنية تتجدد حسب تطورات الوضع الأمني، مشيرًا إلى أن تعليمات صدرت من قبل القائد العام للأجهزة الأمنية بمنع استخدام السلاح ضد المتظاهرين.
وأشار الى أن قيادة عمليات بغداد تؤمن كل الساحات للتظاهر السلمي، داعيًا المتظاهرين للتعامل الجاد مع القوات الأمنية لمنع أي محاولة لإثارة الفوضى خلال التظاهرات.
إصابات في صفوف الأمنيين والمحتجين
إلا أن مسؤولًا أمنيًا في وزارة الداخلية العراقية، قال في تصريحات صحفية، إن المحتجين ألقوا حواجز حديدية كانت نصبت كموانع على جسر الجمهورية في النهر، مؤكدًا إصابة 18 من أفراد شرطة مكافحة الشغب بجروح طفيفة بعد رشقهم بحجارة وعبوات زجاجية من قبل المتظاهرين.
ووثقت وسائل إعلام محلية في مقاطع مصورة، إصابات في صفوف المحتجين خلال التظاهرات في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية بغداد، فيما لم يكشف بعد أسباب الإصابات، ولا تطورات الوضع الميداني.
يأتي ذلك فيما توقع الباحث المحلل السياسي العراقي هيثم الهيتي أن تكون التظاهرات خلال الأيام الأولى من إحياء ذكرى «انتفاضة تشرين» محدودة، إلا أنه أشار إلى أنها ستتطور لأن تصبح تجمعات حاشدة فيما بعد.
تلك التطورات، قال عنها الهيتي إن الأجهزة الأمنية المختلفة أجرت تحضيرات مبكرة لها، فيما قالت المحللة السياسية هبة الدعيم، إن كل المؤشرات والأحداث تدفع بالعراقيين للنزول للشارع مرة أخرى، لاستعادة الفرصة الأخيرة.