لمواجهة تهديدات الصين وروسيا.. مناورات بحرية ضخمة بمشاركة 6 دول
رئيس أركان القوات البحرية الفرنسية، الأميرال بيير فاندييه: إن الصراعات المستقبلية من المرجح أن يتم خوضها في البحر أو المجال السيبراني

ترجمات - السياق
"الحروب المقبلة قد تكون بحرية أو سيبرانية"، تحت هذا العنوان، سلَّطت صحيفة الغارديان البريطانية، الضوء على تفاصيل مناورة بحرية بريطانية فرنسية ضخمة في البحر المتوسط، لمواجهة "التهديدات الناشئة" لبكين وموسكو.
ونقلت "الغارديان" عن رئيس أركان القوات البحرية الفرنسية، الأميرال بيير فاندييه، قوله: إن الصراعات المستقبلية من المرجح أن يتم خوضها في البحر أو المجال السيبراني، مؤكداً أن "عمليات التسلح السريع" لدول مثل الصين وروسيا، تمثل مصدر تهديد محتمل.
تصريحات فاندييه، جاءت بعد مشاركة البحرية الفرنسية وقوات من 5 دول حليفة، بينها بريطانيا، في تدريبات "بولاريس 21" غربي البحر المتوسط، وهي مناورات "استثنائية" امتدت أسبوعين، وتهدف إلى الاستعداد لـ "تهديدات مركبة"، حسب الصحيفة.
وأشارت "الغارديان" إلى أن المناورات تأتي رغم تراجع العلاقات السياسية والدبلوماسية بين لندن وباريس إلى مستوى منخفض جديد، بعد الخلاف بشأن اتفاقية "أوكوس" التي تضمنت إلغاء أستراليا عقدًا لشراء غواصات فرنسية، بينما وقعت اتفاقية أمنية مشتركة مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة لشراء سفن أمريكية بدلاً من ذلك، مشددة على أن الروابط الدفاعية بين البلدين -رغم كل ذلك- تبقى ثابتة.
مواجهة البحرية الصينية
وقال فاندييه، في خطاب ألقاه أمام طاقم حاملة الطائرات "شارل ديغول" والصحفيين بعد انتهاء تدريبات "بولاريس 21": على مدى السنوات العشرين الماضية، شاهدنا مشاركة القوات البحرية في معارك وقعت على الأرض، مثل سوريا، والعراق، وليبيا.. اليوم، البيئة البحرية تواجه -أو ستواجه- تحدياً يتمثل في الغواصات، والهجمات السيبرانية، والهجمات الفضائية، والحرب البحرية، ومن ثم فإن مهمتنا هي فهم هذه العناصر في مسرح العمليات".
وتابع فاندييه: "نشاهد اليوم زيادة قوات بحرية إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، لقد شاهدنا نمو البحرية الصينية بثلاثة أضعاف في 10 سنوات، حتى أنها تجاوزت الآن البحرية الأمريكية".
وأكد رئيس أركان القوات البحرية الفرنسية، أن إعادة التسلح الدولي السريع، كادت تتسبب في إحداث الفوضى وتتلاعب بـ"حجر أساس الاستقرار الدولي".
وقال: "لا يمكننا الانتظار حتى فوات الأوان، لا يُمكن مباغتتنا، علينا إثبات مصداقيتنا، في عالم غير مُقيد، وغير واضح، ومتقلب، إذا أردنا الحصول على الاحترام، يجب أن نظهر شراستنا، علينا الاستعداد للقتال في جميع المواقف".
وحذر فاندير من أن "المسيرة الإجبارية" لتوسيع أساطيل معينة لم يذكر اسمها في البحر المتوسط (من الواضح أنها روسيا) والصين في المحيط الهادئ، تشكل التهديدات الرئيسة، حسب "الغارديان."
أما القائد دنكان أبوت، الضابط الوحيد في البحرية الملكية على حاملة الطائرات "شارل ديغول" في تدريبات بولاريس 21، فأكد أنه لم يشهد أي توترات بين لندن وباريس بعد اتفاقية أوكوس، مضيفًا: "هناك روابط لا تنفصم بين فرنسا والمملكة المتحدة، وهناك العديد من ضباط التبادل مثلي يعملون مع الجيش الآخر... كل هذه العلاقات تنم عن مستوى الثقة الكبير بين البلدين".
المناورة الأكبر
وأشارت "الغارديان" إلى أن تدريبات "بولاريس 21" من أكبر التدريبات البحرية الدولية، حيث يشارك فيها 6 آلاف جندي من 6 دول، جميعها في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ونصف البحرية الفرنسية وشاركت في التدريبات 24 سفينة حربية من الولايات المتحدة، وإيطاليا، وإسبانيا، واليونان، وبريطانيا.
وأوضحت الصحيفة، أنه تم تقسيم المشاركين إلى معسكرين للعدو وخاضوا "معركة" مكثفة ستة أيام، تحت قيادة "شارل ديغول".
ونقلت "الغارديان" عن طيار مقاتل شارك بالتدريبات التي استمرت 16 يومًا، قوله: إنها كانت تدريبات مكثفة، إذ تم تدافع سربين من الطائرات بشكل متكرر من دون إنذار كأنهم في معركة حقيقية، كما نُفذت مهمة محاكاة لإنقاذ طيار مقاتل من أراضي العدو.
وأضاف: "لقد كان تمرينًا فريدًا على مساحة كبيرة وفترة طويلة، إضافة إلى اختبار قدراتنا الخاصة، فقد أرسل رسالة عما يمكن أن نفعله نحن وحلفاؤنا في حالة الحرب، لقد سمح لنا برؤية قدرتنا على الرد على عدو مسلح بشكل جيد، أو حتى أفضل تسليحًا منا ".
تدريبات سابقة
كانت حاملة الطائرات "شارل ديغول"، وحاملة الطائرات البريطانية "إتش إم إس كوين إليزابيث"، شاركتا أيضًا في تدريبات "غاليك سترايك" غربي البحر المتوسط في يونيو الماضي، للتدريب على كيفية طريقة عمل البحريتين معًا.
وتعليقًا على ذلك، قال أبوت، إن "بولاريس 21" اختبرت قدرات البحرية الفرنسية على "التوصيل والقتال"، ما يعني القدرة على دمج القوات غير الفرنسية في انتشار وطني.
وأضاف: "كان هدف التمرين النظر إلى القتال في موقف شديد الكثافة، لاختبار قدرة الوحدات الفرنسية والحليفة على الاستجابة للتهديدات المختلفة غير المتوقعة بطريقة رشيقة وسريعة".
كانت صحيفة ساوث تشاينا مورننج بوست الصينية، ذكرت في تقرير، أن الصين تولي أهمية لمنطقة جنوب شرق آسيا، ونقلت عن الرئيس الصيني، شي جين بينج، قوله إن العلاقات بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" سترتقي من الشراكة الاستراتيجية لتصبح شراكة استراتيجية شاملة، ما يعني تعزيز التعاون الأمني.
بينما كانت الولايات المتحدة أجرت ما لا يقل عن "5 عمليات عبور" هذا العام، شملت عبور سفنٍ بحر الصين الجنوبي، حيث تطالب فيتنام والفلبين وتايوان بالسيادة.
وتشير "الغارديان" إلى أن هذه التحركات تؤكد لأي مدى بلغت التوترات الأخيرة بين القوى العظمى، تقابلها التدريبات العسكرية البحرية، وآخرها "بولاريس 21" غربي البحر المتوسط.