قيس سعيد يكشف عن محاولة لاغتياله... وأصابع الاتهام تشير إلى حركة النهضة
تصعيد في تونس.. قيس سعيد يكشف عن محاولة لاغتياله وحركة النهضة ترد

السياق
«هناك محاولات لاغتيالي وإن مت سأكون شهيدًا»، تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيد، كشفت التصعيد الذي تشنه حركة النهضة، المناوئة للتغييرات والقرارات التي اتخذها الأول، قبل شهر تقريبًا.
وانتقد الرئيس سعيد، في مقطع بثته الرئاسة التونسية عبر «فيسبوك»، مَنْ اتهمهم بـ«الكذب والتعرُّض لأعراض غيرهم والادِّعاء بأن مرجعيتهم الإسلام»، في إشارة إلى حركة النهضة، متسائلًا: «أين هم من الإسلام ومن مقاصده؟ كيف يتعرَّضون لأعراض النساء والرجال ويكذبون؟ الكذب لديهم أصبح من أدوات السياسة».
ووجَّه الرئيس التونسي، رسالة، قال فيها: «أقول لهم أعرف ما تدبِّرون، أنا لا أخاف إلا الله رب العالمين، ورغم محاولاتهم اليائسة، التي تصل إلى التفكير في الاغتيال والقتل والدماء، سأنتقل شهيدًا إن مت اليوم أو غدًا، إلى الضفة الأخرى من الوجود، عند أعدل العادلين».
وتعهد قيس سعيد، بأنه لا عودة للخلف، ولا التراجع عن القرارات التي اتخذها، قائلًا: «ليتأكد المواطنون أنه لا عودة إلى الوراء، ولن يعود التاريخ إلى ما كان عليه، ولن نتراجع عمّا عاهدنا الله والشعب عليه»، متهمًا بعض الأطراف داخل الدولة بالتآمر، مشدِّدا على أنهم سيتلقون جزاءهم بالقانون، وسيقع التصدّي لهم.
وقال الرئيس التونسي، إن «هناك مَنْ اعتادوا العمل تحت جنح الظلام، ودأبوا على الخيانة وتأليب دول أجنبية على رئيس الجمهورية والنظام في تونس وعلى وطنهم، لكن تفهموا في العديد من العواصم، أننا لسنا على الإطلاق من سفاكي الدماء، ولا من الذين يفكرون في المتفجرات، أو يعدون لزرع القنابل».
كما تعهد سعيد بالتصدي لـ«المتاجرين والمضاربين بحقوق التونسيين في أسواق النخاسة والبتات السياسية»، مشيرًا إلى أن البعض، الذي يقدِّم نفسه فقيهًا، لا يقبل النقاش، هم في حالة غيبوبة فِكرية عميقة، ويعيشون بفِكر ومفاهيم تجاوزها الزمن.
وبينما كشف الرئيس التونسي، عن نيته إعلان حكومة جديدة خلال الأيام المقبلة، أكد أن القانون يتيح للرئاسة، اتخاذ إجراءات للحفاظ على الدولة التونسية، لا الحكومة.
النهضة ترد
وبعد ساعات من تصريحات الرئيس التونسي، دعت حركة النهضة التونسية، بالتحقيق فيما قيل إنه محاولة اغتيال الرئيس قيس سعيد، وإطلاع التونسيين على نتائج التحقيق.
وقال المتحدث باسم الحركة فتحي العيادي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الحركة منشغلة بتصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد حول المؤامرات والتخطيط لاغتياله، ودعا النيابة العمومية إلى التحقيق في الموضوع وإنارة الرأي العام باعتبار أنها ملفات تستهدف أمن البلاد وأمن رئيس الجمهورية.
وتعليقا على تصريح الرئيس سعيد حول «خارطة الطريق»، أكد العيادي أن عراقة الدولة التونسية تفرض تسييرها وفقا لوجهة عمل ورؤيا للمستقبل، معتبرًا أنه دون خارطة طريق ودون حوار لا يمكن لتونس أن تكون في وضع أفضل.
وأشار إلى أن خارطة الطريق يحب أن تنص على رفع الإجراءات الاستثنائية وعودة البرلمان وتشكيل حكومة «وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة».
الجدل المتصاعد بين الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة التونسية، يأتي بعد أيام من بيان للأخيرة، ناشدت فيه سعيد برفع تجميد البرلمان التونسي، والعودة السريعة للعمل بالدستور وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.
تأتي تصريحات الرئيس قيس سعيد، بعد أيام من بيان لحركة النهضة التونسية، ناشدت فيه سعيد رفع تجميد البرلمان التونسي، والعودة السريعة للعمل بالدستور وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.
وقالت حركة النهضة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها «تطالب رئيس الجمهورية برفع التجميد عن البرلمان التونسي، والعودة السريعة للعمل بالدستور، وإنهاء الخرق الجسيم، لما يمثِّله من تهديد لاستمرار تجربتنا الديمقراطية، وانتهاك للحقوق والحريات وتعدٍّ على أبسط مبادئ الجمهورية والفصل بين السُّلطات».
حكومة كفاءات
وأضافت أن هناك حاجة فورية، لتكليف رئيس حكومة كفاءات وطنية و«رفع الحصار عن مقر رئاسة الحكومة بالقصبة، والكف عن إعاقة المرفق العام، بما يعطِّل السير الطبيعي لدواليب الدولة».
وعبَّـرت الحركة الإخوانية، عن رفضها لما وصفتها بـ«الإجراءات التعسفية»، من وضع في الإقامة الجبرية من دون إذن قضائي، ومن دون تعليل، ووفقًا لقانون غير دستوري، ومنع عشرات الآلاف من التونسيين من السفر بناءً على صفاتهم المهنية أو نشاطهم السياسي أو الحقوقي.
وأشارت إلى أن الأزمات السياسية، لا تحل إلا بالحوار، وأن مقتضى المسؤولية الوطنية، هو الحفاظ على وحدة التونسيين وسِلمهم الأهلي، واستئناف المسار الديمقراطي، وحماية المصالح العليا للبلاد، على حد وصف البيان.
جماعات متطرفة
وقال الباحث في الفسلفة السياسية، رامي الخليفة العلي، إن حركة النهضة لديها علاقات بجماعات متطرفة، بشكل غير مباشر.
وأضاف، في مقابلة مع "السياق"، أن تلك الجماعات المتطرفة -للأسف وأرجو ألا يتحقَّق ذلك- قد تقوم بأعمال مخلة بالأمن، بما يضع العراقيل أمام الحكومة التونسية الجديدة، ويمنعها من القيام بمهام ينتظرها الشعب التونسي، سواء من الناحية الاقتصادية، أو من الناحية الصحية.
وتساءل العلي: إلى أي مدى هناك فصل بين النهضة والسلفية الجهادية؟ وأضاف أن هذا الأمر غير واضح، لافتًا إلى أن الجماعات التي نشأت في تونس، كانت تحت أنظار الحكومات، التي شاركت فيها النهضة "وباعتقادي أن هناك قلقًا وتخوفات كبيرة، من أن تلك الجماعات، ربما تعمد إلى خلل أمني، يؤثِّر بشكل أو آخر في عمل الحكومة المقبلة".
إقامة جبرية
من جهة أخرى، أعلن الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس شوقي الطبيب، أن وزارة الداخلية أصدرت قرارًا يقضي بوضعه تحت الإقامة الجبرية.
وقال الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد، عبر «فيسبوك»: «ترابط مجموعة أمنية أمام باب شقتي، أعلمني رئيسها أنه صدر قرار عن المكلف بتسيير وزارة الداخلية، يقضي بوضعي تحت الإقامة الجبرية، في خرق واضح لحقوقي المكفولة دستوريًا وقانونيًا».
وأوضح المسؤول التونسي السابق، أن «ما يهمني في هذه اللحظة، هو أن أتوجَّه برسالة أولى إلى أهلي وأصدقائي: ليس هناك أي موجب أن تخجلوا من قرابتكم ولا صداقتكم لي، بل على العكس من ذلك... ورسالة ثانية إلى الذين اتخذوا هذا القرار المعيب والظالم في حقي: سألاحقكم أمام عدالة البشر في تونس وخارجها وأمام عدالة السماء، إن لم أظفر بحقي منكم على هذه الأرض... والدوام ينقب الرخام».
وكانت قوات الشرطة التونسية، طوَّقت مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وأخلتها من الموظفين، في محاولة من السُّلطة التنفيذية، قالت وسائل إعلام تونسية عنها، إنها تأتي لعدم إتلاف أي ملفات فساد.
تطويق الشرطة لمقر هيئة مكافحة الفساد التونسية، جاء بعد ساعات من قرار جمهوري، أصدره الرئيس قيس سعيد، بإنهاء مهام أنور بن حسن الكاتب العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
قرارات استثنائية
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن قبل قرابة شهر، تجميد أعمال البرلمان شهرًا، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية، والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، وأعفى مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.
وقرَّر الرئيس التونسي إعفاء الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئاسة الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة، ووكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري، ورئيس الهيئة العامة لقتلى وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، وعدد من المكلفين بمأمورية بديوان رئيس الحكومة من مهامهم.
وينتظر التونسيون بشغف، إعلان اسم رئيس الحكومة الجديدة، الذي يُعَدُّ أهم منصب في تونس، معلِّقين عليه الآمال، في انتشال بلادهم من الأزمة الاقتصادية التي أثرت فيها، ودفعتهم إلى الانتفاض والخروج إلى الشوارع، مطالبين بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان، الأمر الذي استجاب له الرئيس قيس سعيد، وأعلن القرارات التي وُصفت بـ«الاستثنائية».