احتجاجات إيران بين الدعم الأوروبي والتحذير الأمريكي... خارطة طريق من 5 خطوات

تحولت صفوف مدارس طهران –السبت- إلى افتراضية، بعد استمرارًا إغلاق المدارس، بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات على إعدام المتظاهرين

احتجاجات إيران بين الدعم الأوروبي والتحذير الأمريكي... خارطة طريق من 5 خطوات

السياق

«الموت لخامنئي... الموت لجمهورية الإعدام»، شعارات لم يختفِ أثرها منذ أكثر من ثلاثة أشهر في إيران، رغم حملة القمع العنيفة التي يشنها النظام على المتظاهرين، وتنفيذه أحكام إعدام، بحق عدد منهم.

تلك الحملة التي غلفها النظام -في الآونة الأخيرة- ببعض أساليب الخداع، التي بينها إلغاء شرطة الآداب والأخلاق ومراجعة قوانين الحجاب، لم تكن لتنطلي على المحتجين، الذين هرعوا إلى الشوارع بعد قتل الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي، أملًا في اقتلاع النظام -الذي سئموه- من جذوره.

جديد الاحتجاجات

بعد ليلة حاشدة من احتجاجات، اندلعت في مختلف أحياء طهران وبعض المناطق، لمتظاهرين رددوا فيها شعارات «الموت للقاتل خامنئي والموت للديكتاتور»، وضع متظاهرون لافتة «من أجل الحرية» في حي تشيتكر بطهران، تخليدًا لذكرى قتلى الاحتجاجات، بينما أضرم آخرون النار في قائم مقامية بهارستان بمحافظة طهران.

ومن ليلة غاضبة إلى صباح لم يختلف كثيرًا عن، حسب مقاطع فيديو، تداولها مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المتظاهرات في مدينة شاهينشهر، وسط إيران، وضعوا لافتة علی جسر کتب علیها «لنستيقظ» و«دعوة إلی 19 و20 و21 دیسمبر» للإضرابات والاحتجاجات.

وتحولت صفوف مدارس طهران –السبت- إلى افتراضية، بعد استمرارًا إغلاق المدارس، بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات على إعدام المتظاهرين، بينما طالب 90 من أساتذة جامعة طهران للعلوم الطبية، بإلغاء دلیل السلوك التأديبي الجديد للطلاب، كونه أصبح أداة لإسكات الاحتجاجات الطلابية.

مدينة زاهدان، جنوب شرقي إيران، التي شهت مذبحة على يد الشرطة الإيرانية أواخر سبتمبر الجاري، لم تكن بعيدة عن تلك الاحتجاجات، فالمئات من نسائها هرعن إلى الشوارع عقب صلاة الجمعة، رافعات شعارات مثل: «الموت لجمهورية الإعدام»، تنديدًا بأحكام الإعدام الواسعة ضد المتظاهرين، وهتفن ضد الباسيج والحرس الثوري.

وتداول مغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في إيران صورة لأحد المشاركين في تجمعات زاهدان، رفع فيها لافتة عليها: «بلوشستان المكان الذي لم يهتز بزلازل 7.8 درجة، فلا تهددنا بمدافعك ودباباتك».

وشارك المئات من البلوش في مسيرات بالشوارع، أعربوا فيها عن إدانتهم لإعدام المتظاهر محسن شكاري، هاتفين: «خامنئي، اخجل وارحل عن البلاد».

وأعلنت منظمة العفو الدولية، الجمعة، أن قرابة 26 شخصًا من المواطنين الذين اعتقلتهم إيران خلال الاحتجاجات معرضون لخطر الإعدام، مشيرة إلى أنه صدرت أحكام بإعدام 11 شخصاً منهم على الأقل، بينما اتهم 15 شخصاً بـ«الفساد في الأرض، والانتفاضة المسلحة ضد الحكومة، والحرابة».

5 خطوات على طريق

يأتي ذلك، بينما قال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، إن الوقت حان لأن يقف المجتمع الدولي إلى جانب الشعب الإيراني، ويقبل إرادته ويعترف بحقه في المقاومة والدفاع عن نفسه، مضيفًا: «يمكن تحقيق ذلك من خلال إغلاق سفارات النظام وتصنيف الحرس الثوري جماعة إرهابية، لمحاسبة النظام ووضع حد لإفلاته من العقاب».

وأكد المجلس الوطني، أن «الوقت قد حان لإحالة ملف جرائم الملالي إلى مجلس الأمن الدولي، واتخاذ خطوات لطرد هذا النظام القاتل من الأمم المتحدة».

وبحسب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإن خمسة من ضحايا الاحتجاجات تقل أعمارهم عن 10 سنوات، ومعظمهم من الذكور، مشيرًا إلى أن أكبر عدد من الضحايا من الأطفال كانوا من زاهدان، بينما لقي معظم الأطفال حتفهم بسبب أعيرة نارية، لكن بعضهم قُتل بالهراوات أو بالضرب المبرح من قوات الأمن.

أوروبا تنتفض لدعم الاحتجاجات

تضامن سياسيون من أوروبا مع المتظاهرين الإيرانيين المسجونين، على أمل تسليط الضوء على حالات الظلم الفردية، ما قد يدفع السلطات إلى التراجع عن إصدار أحكام بالسجن أو تنفيذ عمليات إعدام.

ويحاول النواب الأوروبيون الراعون، الضغط من أجل سلامة السجناء الأفراد، والمطالبة بمعلومات عن مكانهم والإعلان عن محنتهم، بحسب «الغارديان»، التي قالت إن هناك ما يصل إلى 30 إيرانيًا في السجن لديهم الآن راع أوروبي.

ويأمل النواب الأوروبيون تسليط الضوء على كيفية عدم اتباع إيران لقانون العقوبات المكتوب في إقامة العدل، واعتقال المحامين، أو حرمان المتهم من التمثيل القانوني الذي يختارونه.

وتبنى مارتن ديدنهوفن النائب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (SDP) قضية محمد بروغني البالغ من العمر 19 عامًا، وتعهد -في رسالة إلى السفير الإيراني الخميس- بمواصلة القتال من أجل حياة الرجل.

ويواجه بروغني تهديدًا وشيكًا بالإعدام في سجن رجائي شهر في كرج، بعد إعدام محسن شكاري الأسبوع الماضي.

يي وان ري مشرع آخر في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، يرعى مغني الراب المعارض المسجون توماج صالحي، عن طريق إيصال رسائل احتجاج إلى السفير الإيراني.

وأعلنت كارمن ويجي، من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، نفسها راعية لأرميتا عباسي، 20 عامًا، التي نقلتها قوات الأمن إلى مستشفى في كرج في 18 أكتوبر بإصابات عدة، بما في ذلك النزف الداخلي بعد «الاغتصاب» المتكرر.

مصطفى نيلي محام إيراني محتجز في السجون الإيرانية منذ 7 نوفمبر الماضي، يرعاه اختصاصي الشؤون الخارجية في الاتحاد المسيحي الديمقراطي، نوربرت روتغن.

في هولندا، قال شورد ويمر شوردسما النائب الليبرالي، إنه كان يرعى حامد قره حسنلو، اختصاصي الأشعة الإيراني المحكوم عليه بالإعدام، مشيرًا إلى أنه كان يكتب رسائل إلى السفير الإيراني وممثل الاتحاد الأوروبي الخاص لحقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان.

وفي فرنسا، قالت النائبة اليسارية إلسا فوسيلون إنها تقبل رعاية رضا أريا، قائلة إن إعدامه ممكن في أي لحظة، بينما قالت النائبة الفرنسية عن حزب الخضر صوفي تايلي بوليان إنها تطالب بالإفراج عن الشقيقين فرهاد وفرزاد تحازدة.

وفي النمسا، يرعى الناطق باسم حقوق الإنسان، والحزب الاشتراكي الديمقراطي هارالد تروش، محمد حسيني، المتهم بقتل أحد أفراد قوات الباسيج.

تحذيرات أمريكية

تلك التحركات الأوروبية جاءت في أعقاب تصريحات لرئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، الذي قال إن النظام الإيراني قد يكون قادرًا على قمع الاحتجاجات الأخيرة في إيران على المدى القصير، لكن على المدى الطويل لیس لديه استجابة لمطالب الشعب لاسیما الشباب.

وعن الاحتجاجات في إيران، قال وليام بيرنز: إطالة أمدها ونطاقها لفتا انتباه محللینا في وكالة المخابرات المركزية، مشيرًا إلى أن الإيرانيين سئموا التدهور الاقتصادي والفساد والقيود الاجتماعية، التي تؤثر بشكل خاص في الإيرانيات.

وأضاف: لقد تعبوا من الاضطهاد السياسي، وسئموا إنكار كرامة الإنسان، لا أعتقد أن النظام الإيراني يواجه تهديدًا فوريًا بالاختناق على المدى القصير، ولا يزال لديه بعض أساليب القمع الوحشي التي يواصل استخدامها.

وتقدر منظمات حقوق الإنسان أنه جرى اعتقال ما لا يقل عن 18000 شخص، خلال الاحتجاجات الحالية في إيران، بينها منظمة هرانا لحقوق الإنسان، التي تراقب تطورات الاحتجاجات بإيران، والتي أكدت -في آخر إحصائياتها- قتل 495 شخصًا في هذه الاحتجاجات حتى الآن.