بعد اختبار سارمات... هل العالم على أعتاب حرب نووية؟
روسيا تختبر صاروخًا قادرًا على ضرب أمريكا... إليكم 10 معلومات عن السلاح الخارق

السياق
صواريخ روسية بالستية عابرة للقارات، قادرة على شن ضربات نووية ضد الولايات المتحدة، ما يمثل استعراضًا للقوة، في وقت أدت فيه الحرب في أوكرانيا إلى توترات مع الولايات المتحدة وحلفائها، فماذا عن صواريخ سارمات؟
أعلن رئيس وكالة الفضاء الروسية دميتري راجوزين، أن بلاده ستنشر تلك الصواريخ مع وحدة في منطقة كراسنويارسك بسيبيريا، على بعد نحو ثلاثة آلاف كيلومتر شرقي موسكو.
فصاروخ سارمات -الذي اختبرته روسيا- قادر على حمل 10 أو أكثر من الرؤوس الحربية والشراك الخداعية، وضرب أهداف على بعد آلاف الأميال في الولايات المتحدة أو أوروبا.
اختبار هذا الأسبوع، بعد سنوات من التأخير بسبب مشكلات التمويل والتقنية، يمثل عرضًا للقوة من روسيا، في وقت أدت فيه الحرب في أوكرانيا إلى توترات مع الولايات المتحدة وحلفائها، حيث ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ الصاروخ الكوبي عام 1962.
وقال راجوزين في مقابلة مع التلفزيون الروسي، إن الصواريخ ستنشر مع وحدة في منطقة كراسنويارسك بسيبيريا على بعد نحو ثلاثة آلاف كيلومتر شرقي موسكو، مشيرًا إلى أنه سيجرى وضعها في المواقع نفسها والصوامع ذاتها مثل صواريخ فوييفودا، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية التي يقومون باستبدالها، وهو أمر من شأنه توفير الموارد والوقت.
وأضاف راجوزين أن إطلاق «السلاح الخارق كان حدثًا تاريخيًا سيضمن أمن أطفال روسيا وأحفادها خلال الثلاثين إلى الأربعين عامًا المقبلة».
حرب نووية
وازداد القلق الغربي من خطر اندلاع حرب نووية، منذ أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوه لأوكرانيا في 24 فبراير الجاري، بخطاب أشار فيه إلى القوات النووية الروسية، وحذر من أن أي محاولة لعرقلة طريق روسيا «ستقودكم إلى هذه العواقب التي لم تواجهونها في تاريخكم».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الشهر الماضي،: «احتمال نشوب صراع نووي، الذي لم يكن من الممكن تصوره في يوم من الأيام، عاد إلى الاحتمالات».
وجدد الاختبار الروسي الأخير لصاروخ نووي طويل المدى، المخاوف من تصعيد الحرب الحالية في أوكرانيا، بينما اعتبر بعض المحللين تجربة الصاروخ دليلاً على عزلة الرئيس فلاديمير بوتين مع استمرار حملته المشؤومة، أو حتى مجرد صخب نووي.
إلا أن صحيفة واشنطن بوست، قالت -في تقرير ترجمته «السياق»- إن إبلاغ روسيا الولايات المتحدة بتجربة الصاروخ هي في الواقع تذكير قوي بأهمية الحد من التسلح بين الخصوم، إلا أن السيئ في الأمر أن هذا النوع من الحد من التسلح معلق بخيط رفيع بين الولايات المتحدة وروسيا، ويكاد يكون غير موجود بين الولايات المتحدة والصين.
وتعمل روسيا على تطوير صاروخ بالستي عابر للقارات متعدد الرؤوس من طراز سارمات (ICBM) لسنوات، مدعية أنه يمكنه اختراق دفاعات أي خصم، بحسب «واشنطن بوست».
ورغم أن اختبار هذا الأسبوع لم يستخدم سوى الرؤوس الحربية الوهمية، فإن قدرة الصاروخ على حمل مركبات انزلاقية تفوق سرعة الصوت، دفعت بوتين إلى وصفه بأنه «فريد»، بينما وصف مسؤول روسي كبير الصاروخ بأنه «سلاح خارق».
سر الطمأنة الأمريكية
ورغم الضجيج الروسي بشأن الاختبار، كان رد فعل البنتاغون برباطة جأش، فلماذا؟
لتجيب «واشنطن بوست»، بأن روسيا أبلغت الولايات المتحدة بالإطلاق المخطط له بموجب نظام إخطار اختبار الصواريخ، الذي يعد جزءًا من اتفاقية ستارت الجديدة، التي مددها البلدان العام الماضي.
وبموجب هذا الإطار، تلتزم الولايات المتحدة وروسيا بتقديم تحذير مسبق بشأن تجارب الصواريخ، حتى لا يخطئوا في كونها عمليات إطلاق حقيقية، بينما يساعد ذلك في تجنُّب السيناريو الأسوأ، وهو: إذا اعتقد أحد الطرفين خطأً أن الآخر قد بدأ هجومًا نوويًا، وبناءً على هذه المعلومات الخاطئة، يرد بهجوم نووي.
وعمل نظام الحد من التسلح -هذا الأسبوع- على النحو المحدد له، بينما قالت وزارة الدفاع الأمريكية، في بيان بعد الإطلاق: «هذه الاختبارات روتينية وليست مفاجئة(...) لم نعد الاختبار تهديدًا للولايات المتحدة ولا لحلفائها».
الأزمة التي لم تحدث عندما اختبر الروس صاروخًا نوويًا وسط حرب تقليدية كبرى ضد أوكرانيا المدعومة من الولايات المتحدة، مثال على القيمة المستمرة لجهود الحد من التسلح العالمية، بحسب «واشنطن بوست».
وغالبًا ما يُفهم الحد من التسلح على أنه قيود ثنائية أو تخفيضات في الترسانات النووية لدولتين، فهذا هو الشكل الذي اتخذته جهود الحد من التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بداية من المحادثات الأولى للحد من الأسلحة الاستراتيجية (SALT I) عام 1972.
ولاحظ الباحثان توماس شيلينج ومورت هالبرين، في دراسة كلاسيكية عام 1961، أن الحد من التسلح يمكن أن يكون أوسع بكثير، ويشمل المفهوم «جميع أشكال التعاون العسكري بين الأعداء المحتملين لتقليل احتمال نشوب حرب، ونطاقها وعنفها إذا حدثت، والتكاليف السياسية والاقتصادية للاستعداد لها».
ولا يتطلب الحد من التسلح علاقات سياسية وثيقة أو ودية، بحسب «واشنطن بوست»، التي قالت إنه يعتمد على الاعتراف بأن علاقتنا العسكرية مع أعدائنا المحتملين ليست علاقة صراع ومعارضة خالصة، لكنها تنطوي على أسباب قوية ذات اهتمام مشترك.
الحد من المخاطر
على مدى عقود، كانت لدى الولايات المتحدة وروسيا آليات أخرى للحد من المخاطر النووية، رغم العلاقات السياسية السيئة، فعلى سبيل المثال، بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، طور الجانبان خطاً ساخناً لتمكين كبار القادة السياسيين من التواصل بسرعة وبشكل مباشر في أي أزمة.
وبالمثل، أنشأت الولايات المتحدة وروسيا خطًا ساخنًا لمنع التضارب أثناء الحرب في سوريا لتجنُّب ضرب قوات الطرف الآخر عن غير قصد، حتى أن الولايات المتحدة حذرت روسيا من هجومها على قاعدة جوية سورية تأوي قوات روسية عام 2017، لتجنُّب أي خسائر روسية.
كان من الممكن أن تؤدي الوفيات الروسية -في هذه الضربة الرفيعة المستوى- إلى تصعيد الضغط بشكل كبير من أجل رد روسي، ما يهدد بتصعيد أوسع.
أهمية الحد من المخاطر
وتقول «واشنطن بوست»، إن احتمال توقيع واشنطن وموسكو وبكين اتفاقًا ثلاثيًا واسع النطاق، للحد من قوتها النووية في أي وقت قريب، احتمال ضعيف، مشيرة إلى أن العلاقة السياسية المتصاعدة بين الولايات المتحدة وروسيا، مقترنة بظهور الصين كقوة عظمى ثالثة مسلحة نوويًا، تعقد -إلى حد كبير- آفاق الحد من الأسلحة التقليدية القائمة على المعاهدات.
وأشار المسؤولون في بكين -مرارًا وتكرارًا- إلى القليل من الاهتمام بالسعي إلى معاهدة للحد من التسلح، فكانت الصين أيضًا شديدة التحفظ على المشاركة حتى في أشكال محدودة للحد من المخاطر، مثل الحوار المنتظم رفيع المستوى بين القادة السياسيين، أو الاتصالات العسكرية في المياه المزدحمة بشكل متزايد غربي المحيط الهادئ.
وتُظهر الحرب في أوكرانيا قيمة هذه التبادلات، حتى بين الأعداء اللدودين المتورطين في صراع، فمن الأفضل وضع تدابير الحد من المخاطر بين الخصوم وقت السلم، بحيث يكون هناك أساس لمزيد من التواصل في أزمة أو حرب.
ويمكن أن تكون هذه الآليات جزءًا من ترتيبات ملزمة قانونًا، مثل نظام الإخطار باختبار الصواريخ الذي جرى توضيحه هذا الأسبوع، أو يمكن أن تتطور بشكل غير رسمي على غرار قنوات عدم التضارب التي ظهرت في سوريا والآن أوكرانيا.
ومهما كان الشكل الذي تتخذه، فإن إجراءات الحد من المخاطر لضمان المزيد من الأحداث، تشكل مصلحة متبادلة قوية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
10 معلومات عن «سارمات»
اختير هذا الاسم، لأنه يمثل اسم شعب من البدو الرحل عاش في العصور القديمة حول البحر الأسود، بين روسيا وأوكرانيا حاليًا، وهذه أهم المعلومات عن الصاروخ الروسي الجديد:
- سارمات صاروخ بالستي عابر للقارات قادر على حمل شحنات نووية.
- يمكن نشر السلاح بعشرة رؤوس حربية أو أكثر على كل صاروخ.
- كان الصاروخ بعيد المدى قيد التطوير منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
- صُمم سارمات ليراوغ أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ بمرحلة تعزيز أولية قصيرة، ما يمنح أنظمة مراقبة العدو نافذة صغيرة للتتبع.
- يزن أكثر من 200 طن وقادر على نقل رؤوس حربية، ويمكنه إصابة أي هدف على الأرض.
- قالت وزارة الدفاع الروسية إن سارمات أقوى صاروخ بأطول مدى لتدمير أهداف في العالم.
- إجراء اختبار صاروخ سارمات في ساحة بليسيتسك الفضائية شمالي روسيا.
- يعزز الإمكانات القتالية لقوات روسيا المسلحة، ويضمن -بشكل موثوق- أمنها من التهديدات الخارجية.
- سارمات من صواريخ الجيل التالي الروسية التي وصفها بوتين بأنها لا تقهر، وتشمل أيضًا صواريخ Kinzhal وAvangard التي تفوق سرعة الصوت.
- يفترض أن يتفوق في الأداء على صاروخ فويفودا الذي يبلغ مداه 11 ألف كيلومتر.