هل تحاول الولايات المتحدة خوض حروب نووية؟

يزعم النقاد أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها الانتصار إن خاضت هذه الحرب

هل تحاول الولايات المتحدة خوض حروب نووية؟

ترجمات - السياق

لعقود من الزمان، اعتقد مجتمع نزع السلاح أن استراتيجية الردع المضادة للقوات للولايات المتحدة، التي تعرض الأصول النووية للعدو للخطر، في الواقع "استراتيجية قتال حرب"، لكن المنتقدين يرون أنه لا يمكن للولايات المتحدة "الانتصار" في حرب نووية، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية.

وأضافت المجلة، في تقرير بموقعها الإلكتروني: صحيح أن بعض اتفاقيات الحد من التسلح (مثل ستارت 1) تعمل على تحسين أمن الولايات المتحدة، ولكن نظراً للسجل الطويل من الغش السوفييتي والروسي الحالي وعدم الامتثال للمعاهدة، فإن ضمان التحقق من اتفاقيات الأسلحة أمر ضروري ولكنه صعب للغاية.

 

تنازلات ضارة

وأشارت إلى أنه من المهم أيضاً تجنُّب التنازلات الضارة، إذ تعد كل من قدرة روسيا الهائلة على تحميل الرؤوس الحربية الاستراتيجية بموجب معاهدة ستارت الجديدة، وآلاف الأسلحة النووية الإقليمية والمتوسطة المدى لموسكو أمثلة على ذلك.

وذكرت المجلة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع خطة عام 1998، حينما كان سكرتيراً لمجلس الأمن القومي الروسي، لتحديث الترسانة النووية الروسية، بما في ذلك تبني الأنظمة البرية متعددة الرؤوس الحربية، حتى بعد توقيع معاهدة ستارت2 من قِبل الرئيس الروسي يلتسين.

وأضافت: "حافظت الولايات المتحدة على الاستراتيجية العقلانية للردع المضاد، فمع عقد ست اتفاقيات للحد من الأسلحة، من عام 1987 حتى معاهدة ستارت الجديدة الممتدة لعام 2021، قللت الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية الأمريكية المنشورة في وقت واحد بنسبة 90% تقريباً".

 

ضربات انتقامية

رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن تعريض القدرة العسكرية للعدو للخطر، يعني أن الضربات الانتقامية الأمريكية تهدف إلى تقليص القوة العسكرية للعدو، وإزالة قدرته على القتال، ومع ذلك، فإنه بالنظر إلى أن خصوم الولايات المتحدة لديهم قوات نووية كبيرة، فإن تهديد نزع السلاح أو الاستباقية أو الضربة الأولى، لا يمكن تحقيقها حتى لو احتفظت الولايات المتحدة بقوة ردع مضادة هائلة.

وعلاوة على ذلك، فإن الاستراتيجية البديلة لشن ضربات انتقامية ضد مدن العدو، لا تضمن بالضرورة توقف أعداء الولايات المتحدة عن القتال، إذ يجب أخذ القادة الاستبداديين، الذين قد يقتلون الملايين للبقاء في السلطة، كما فعل جوزيف ستالين وماو تسي تونغ وأدولف هتلر، في الاعتبار، على حد قول المجلة.

ووفقاً للمجلة، فإنه غالباً ما يفترض معارضو استراتيجية الردع المضاد، أن أي استخدام للأسلحة النووية، سيتصاعد تلقائياً إلى حرب شاملة أو نهاية للعالم، لذلك فإن النقاد يؤكدون أنه لا يوجد تعريف معقول، يجعل أي استخدام للأسلحة النووية، جزءًا من استراتيجية يمكن الفوز بها.

 

تحقيق الفوز

ولفتت المجلة إلى أنه لفهم ما يسعى إليه دعاة نزع السلاح، يجب الاستماع إلى ما قاله بروس بلير، المؤسس المشارك لشركة "Global Zero"، في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي: إذا استخدمت روسيا أو الصين الأسلحة النووية ضد الولايات المتحدة، يجب على واشنطن الانتقام فقط باستخدام الأسلحة التقليدية وليس النووية.

أما بالنسبة لخصوم الولايات المتحدة من القوى العظمى، فقد تحدث الزعيم الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي، عن ضربات نووية محدودة كوسيلة لتصعيد، أو التهديد بتصعيد الصراعات التقليدية إلى المستوى النووي، لحمل الولايات المتحدة وحلفائها على الاستسلام بشكل استباقي، وهو ما أطلق عليه الجنرال الأمريكي جون هايتن "استراتيجية تصعيد لتحقيق الفوز"، حسب "ناشيونال إنترست".

وقالت المجلة: الخيار الرادع الوحيد هو إسقاط قوة العدو العسكرية المتبقية في حال الصراع، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، لم يكن يحبذ التخلي عن الاستراتيجية النووية للقوة المضادة، إذ دفع من أجل الدفاع الصاروخي كوسيلة للتأمين في حال الاستخدام المأساوي للأسلحة النووية، لاسيما من قِبل دولة مارقة أو معادية، كما اعتقد ريجان أن أي استخدام للأسلحة النووية، سيكون كارثة للعالم حتى باستخدام عدد محدود فقط من هذه الأسلحة، وهذه السياسة رفضها جورباتشوف مراراً وتكراراً في مؤتمرات القمة مع ريجان وجورج بوش، على وجه التحديد لأنه رأى أن الدفاعات الصاروخية تقضي على خيار الضربة النووية المحدود، الذي تفضله روسيا والصين.

وتابعت: "ولكن القادة الشموليين الموجودين في بكين وموسكو، لا يؤمنون بالحيازة الحميدة للأسلحة النووية، وكذلك مجتمع المتخصصين النوويين الأمريكيين، وقادة الولايات المتحدة الذين يطلقون التهديدات النووية باستمرار".

 

تسلح نووي

وذكرت المجلة أن دعم جهود التحديث النووي الحالية (التي بدأت عام 2010) يؤدي إلى سباق تسلح نووي، ومع ذلك، فإن الرادع النووي الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة بُني خلال إدارة ريجان قبل أكثر من أربعين عاماً، مشيرة إلى أنه في ذلك الوقت، أيد مجتمع نزع السلاح في الولايات المتحدة بحرارة تجميداً نووياً أمريكياً أحادي الجانب، كان سيتسبب في القضاء على الرادع النووي الأمريكي، في حال اعتماده.

وأضافت: "أنهت روسيا 88% من تحديثها النووي، وفي المقابل لن تُنشر المرحلة الأولى من الثالوث النووي الحديث للولايات المتحدة حتى عام 2029، أي بعد نحو ثلاثة وأربعين عاماً من نشر أول جندي حفظ سلام من آخر حشد نووي للولايات المتحدة".

ونهاية تقريرها، قالت المجلة: "يجب أن نتذكر أنه خلال تحديث الولايات المتحدة رادعها النووي، نجح ريجان في إحداث تخفيض غير مسبوق في القوات النووية، ووضع حد للإمبراطورية السوفييتية، فضلاً عن التبني الواسع للمبادئ الديمقراطية للحكم في جميع أنحاء العالم".