باشاغا رئيسًا للحكومة الليبية.. هل يسلم الدبيبة السلطة؟
قبل ساعات عملية التصويت، تعرَّضت سيارة رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى إطلاق رصاص في طرابلس، في وقت متأخر ليلة الخميس، وفق وسائل إعلام، ولم يتضح ما إذا كان داخلها عند ذلك، ولم يصدر أي إعلان رسمي عن إطلاق النار، ولم يصب الدبيبة بأذى.

السياق
اختار مجلس النواب الليبي -بالإجماع- وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، رئيساً جديدا للحكومة خلفاً لعبد الحميد الدبيبة، في عملية تصويت تثير جدلًا ومن شأنها تأجيج النزاع على السلطة في ليبيا.
وقال عبدالله بليحق، المتحدث باسم المجلس في تصريح صحفي، إن مجلس النواب "صوت بالإجماع على منح الثقة للسيد فتحي باشاغا، رئيساً للحكومة".
كان رئيس الحكومة الليبية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، قال إنه لن يسمح بمرحلة انتقالية جديدة، وأنه لن يقبل بسلطة "موازية".
في المقابل يعد مجلس النواب حكومة الدبيبة "منتهية الولاية" لإرجاء الانتخابات.
وكان مجلس النواب استبقى مرشحين من سبعة هما باشاغا (59 عامًا) وخالد البيباص (51 عامًا) وهو موظف كبير سابق في وزارة الداخلية.
وقبل التصويت، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن البيباص انسحب تاركًا باشاغا مرشحًا وحيدًا.
وكشف صالح عن تسلُّمه رسالة مما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" يزكي فيها المرشح فتحي باشاغا رئيسًا لحكومة الاستقرار الجديدة.
وبعد التصويت على منصب رئيس الحكومة، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي، تعليق جلسة البرلمان إلى موعد لاحق يبلغ به الأعضاء.
لحظة اختيار مجلس النواب الليبي بالإجماع #فتحي_باشاغا رئيسا للحكومة.#السياق #ليبيا pic.twitter.com/RVltwiZHbl
— السياق (@alsyaaq) February 10, 2022
إطلاق رصاص
وقبل ساعات عملية التصويت، تعرَّضت سيارة رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى إطلاق رصاص في طرابلس، في وقت متأخر ليلة الخميس، وفق وسائل إعلام، ولم يتضح ما إذا كان داخلها عند ذلك، ولم يصدر أي إعلان رسمي عن إطلاق النار، ولم يصب الدبيبة بأذى.
ونشرت وسائل إعلام تقارير عن تعرُّض سيارة الدبيبة إلى إطلاق رصاص، بينما كانت تتجه إلى منزله.
ولم تذكر التقارير إذا كان رئيس الحكومة كان في سيارته، وقت تعرُّضها لإطلاق النار.
ولم تنشر المنصات الحكومية أي تعليق على الواقعة حتى الآن، بينما لم ينشر الدبيبة أي تعليق عبر "تويتر".
وتواصلت "فرانس برس" مع المتحدث باسم الحكومة الليبية محمد حمودة، لكنها لم تحصل على رد.
وأكد مصدر أمني مسؤول لـ "فرانس برس" عدم "تلقي بلاغ يفيد بإطلاق نار في طرابلس".
كان الدبيبة قال في كلمة متلفزة الثلاثاء إن الحكومة "مستمرة في عملها حتى التسليم إلى سلطة منتخبة".
فتحي باشاغا
وُلد باشاغا في مدينة مصراتة غربي ليبيا، عام 1962، وتخرج في الكلية الجوية، بعد إتمام المرحلة الثانوية برتبة ملازم ثان طيار مقاتل.
اختير ضمن 5 ضباط للاستمرار بتدريب الطلبة، بعد اجتيازه دورة التدريب وبقي فيها إلى أن استقال من السلاح الجوي عام 1993، لينتقل إلى تجارة الاستيراد.
وبعد أحداث عام 2011 تشكلت اللجنة القضائية، وهي اللجنة التي استدعت الضباط العاملين والمستقيلين لتكوين لجنة عسكرية، وكان أحد أعضاء المجلس العسكري لمصراتة، قبل أن يعلن ترشحه إلى لانتخابات البرلمانية عن مدينة مصراتة، عام 2014.
اعتذر عن عدم ترشيحه من قبل رئيس المجلس الرئاسي السابق لرئاسة مجلس الأمن القومي، كأحد الأجهزة الأمنية العاملة على توحيد المؤسسة الأمنية في البلاد، ليتولى في أكتوبر 2018، وزارة الداخلية بحكومة الوفاق.
بدأ تنفيذ برنامج دؤوب لتفكيك المليشيات المسلحة، حظي بتأييد ودعم عربي وغربي، إلا أن برنامجه وجهوده لم تكلل بالنجاح، بسبب المليشيات المسلحة التي فهمت تحركاته في إطار مساعي قادة مصراتة للسيطرة على طرابلس وإقصائها.
نجا من محاولة اغتيال في فبراير الماضي، عندما فتحت عربة مصفحة النار على موكبه غرب العاصمة طرابلس، ليبدأ منذ ذلك الحين الاشتباك مع القضايا السياسية والأمنية في بلاده.
كان أول من أعلن ترشحه لمنصب رئيس البلاد، في الانتخابات الرئاسية التي أرجئت، ورغم عدم عقد الاستحقاق الدستوري بموعده، ظل المرشح الأوفر حظًا عن الغرب الليبي لقيادة الحكومة الانتقالية، لما له من تأثيرات قوية في المليشيات المسلحة، ولبرنامجه الطموح الذي بدأه إبان توليه مسؤولية وزارة الداخلية.
احتفالات بمدينة #مصراتة عقب إعلان اختيار #فتحي_باشاغا رئيساً للحكومة الليبية. #السياق #ليبيا pic.twitter.com/hHgvjZwAIW
— السياق (@alsyaaq) February 10, 2022
برنامج باشاغا
ارتكز برنامج باشاغا، على محاور عدة: أمنية، وسياسية واقتصادية، إلا أن خلفيته الأمنية كان لها تأثير واضح في عرضه برنامجه الانتخابي، فأخذ منه ركيزة للدخول إلى كل المحاور.
وقال فتحي باشاغا، إن استراتيجيته تتمثل في توحيد المؤسسات بجيش وطني موحد وقوي، ومؤسسة أمنية موحدة ومتكاملة، مشيرًا إلى أن المحور الأمني يبدأ بتوحيد المؤسسات الأمنية، كون الاستقرار الأمني يرتبط بالتنمية خصوصًا في الجنوب الليبي الذي يؤثر في ليبيا كلها.
وأشار المرشح لرئاسة الحكومة، إلى أنه لن يترشح لمنصب رئيس ليبيا، لأنه لا يمكن الوثوق في حكومة مسؤولة عن تأمين الانتخابات وهي صاحبة مصلحة، مؤكدًا أن أيًا من وزرائه سيعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة سيعده مستقيلًا من المنصب.
وبينما قال إن الشعب الليبي يتمتع بوعي، ويدعم الحكومة متى كانت صادقة، أكد أن الحكومة التي لا يحترمها الشعب لن تنجح، معلنًا التزامه بالمدد الزمنية المحددة بخارطة الطريق، والحرص على إجراء الانتخابات في الآجال المحددة.
محور الشباب كان حاضرًا ضمن برنامجه الانتخابي، فأكد ضرورة استيعاب الشباب وتوزيع الثروات بشكل عادل بين الليبيين، في جميع مناطق ليبيا.
لم يكن مشروع المصالحة الوطنية بعيدًا عن برنامجه، فأكد أن مشروعه لرئاسة الحكومة، يتضمن الكثير من النقاط، أبرزها إطلاق العنان للمصالحة الوطنية، وبناء ليبيا الجديدة بجهود الجميع، وبالتوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.
سيناريوهات عدة
معارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، خطوات مجلس النواب لإقالته، كشفت سيناريوهات، قد تكون مخيفة بعض الشيء، وتحذيرات من شبح الانقسام وعودة البلاد إلى مربع الاقتتال مرة أخرى.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن حظوظ التسليم بسلاسة تكاد تكون منعدمة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر بدا جليًا في تلميحات العديد من المسؤولين بالحكومة ومن يرتبط بها بشكل أو بآخر.
وأوضح المحلل الليبي، أن الدبيبة في أكثر من مناسبة، أظهر عدم احترامه لمجلس النواب، ووصفه بالمعرقل لمسيرته السياسية، مشيرًا إلى أنه لن يغير رأيه ويحترم رغبة الجسم التشريعي، خاصة أنه كان سببًا رئيسًا في تأجيل الانتخابات لكي يستمر أطول فترة ممكنة على كرسي رئاسة الوزراء.
وقال بلعيد إنه بحسب المعطيات على الأرض فإن باشا هو الأقدر على مواجهة الدبيبة حاليًا، كونه يمتلك قوة على الأرض، مشيرًا إلى أن نشأة الدبيبة وباشاغا في مصراتة، قد تدفعهما إلى الاتفاق بشكل أو بآخر.
فرص الانقسام
ورغم أن فرص حدوث الانقسام ما زالت قائمة وتطل برأسها، حال رفض الدبيبة تسليم السلطة، فإن البرلماني الليبي المبروك الخطابي، قال إنه لا يعتقد أن يحدث انقسام بعد منح الثقة للحكومة الجديدة.
وأضاف البرلماني الليبي، أن ليبيا ستصبح أمام حكومة شرعية اختيرت وفق القواعد والنصوص الدستورية المعمول بها، وأخرى انتهت ولايتها، ستكون مغتصبة للسلطة إذا حاولت رفض التسليم.
المحلل المحسوب على الإخوان محمد الهنقاري، توقع ألا يتأخر عبدالحميد الدبيبة، رئيس الحكومة في تسليم السلطة، مشيرًا إلى أن اختيار البرلمان لحكومة جديدة أصبح أمرًا واقعًا.
وأوضح الهنقاري، أن مجلس الدولة سيوافق على خطة البرلمان، بعد مشاركته في خارطة الطريق التي أقرها البرلمان، في أمر يحدث لأول مرة.
إلا أنه قال إن العقبة الكبرى، التي ستقف في طريق باشاغا، اختيار الوزراء والنواب الثلاثة من الشرق والجنوب والغرب، الذي يحتاج إلى 120 صوتـًا لكسب ثقة أعضاء البرلمان.