تعيين أول مسيحي رئيسًا لأعلى سلطة قضائية في مصر.. ما ملابسات القرار؟

هذه المرة الأولى، طوال تاريخ المحكمة الدستورية العليا في مصر، التي أنشئت قبل أكثر من 50 عامًا، يتولى فيها مسيحي رئاستها.

تعيين أول مسيحي رئيسًا لأعلى سلطة قضائية في مصر.. ما ملابسات القرار؟
بولس فهمي يؤدي اليمين أمام السيسي

السياق

في أول قرار من نوعه، أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مساء الثلاثاء قرارين جمهوريين، بإحالة رئيس المحكمة الدستورية العليا للتقاعد، وتعيين رئيس جديد خلفًا له، ليكون أول مسيحي يتولى هذا المنصب.

وبدءًا من اليوم يسري القرار الجمهوري، بتعيين المستشار بولس فهمي رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا بدرجة وزير، وإحالة المستشار سعيد مرعي عمرو إلى المعاش، مع إضافة باقي الفترة الزمنية المتبقية له حتى سن السبعين كمدة خدمة استثنائية.

وهذه المرة الأولى، طوال تاريخ المحكمة الدستورية العليا في مصر، التي أنشئت قبل أكثر من 50 عامًا، التي يتولى فيها مسيحي رئاستها.

من جانبه، قال رئيس القسم القضائي بصحيفة الشروق المحلية محمد بصل، إن القرار الجمهوري، جاء بعد وعكة صحية ألمت بالمستشار سعيد مرعي عمرو، أعجزته عن مباشرة مهام عمله كرئيس للمحكمة الدستورية العليا، مشيرًا إلى أن القرار ليس مسبوقًا، فهو حصيلة مستجدات قانونية طرأت في السنوات الأخيرة، مضافة إلى حالة استثنائية منصوص عليها في قانون السلطة القضائية.

وأوضح الصحفي المصري المتخصص في شؤون القضاء، أن القصة بدأت بمعاناة رئيس المحكمة المستشار سعيد مرعي عمرو من وعكات صحية متتالية في الفترة الأخيرة، دخل إثر آخرها المستشفى، مشيرًا إلى أنه ثبت طبيًا تردي حالته الصحية بشكل يعجزه عن مباشرة مسؤولياته.

 

المادة 20

وأشار إلى أن السلطات القضائية رصدت هذا التطور، الذي يمنع رئيس أعلى جهة قضائية في مصر من ممارسة مهام عمله، إلا أنه قال إن قانون المحكمة الدستورية العليا، يخلو من نص ينظم مثل هذه الحالة.

وبناءً على المادة 20 من قانون المحكمة الدستورية العليا، استعرضت الجمعية العمومية للمحكمة هذه الحالة، لتطبق عليها المادة 91 من قانون السلطة القضائية، بحسب بصل، الذي قال إن هذه المادة تنص على أنه «إذا لم يستطع القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله، يحال إلى المعاش بقرار جمهوري يصدر بناءً على طلب وزير العدل، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى».

وكان من المقرر أن يبلغ المستشار سعيد مرعي (67 عامًا)، سن التقاعد في أغسطس 2024.

 

قرار استثنائي

وأوضح رئيس القسم القضائي بصحيفة الشروق المحلية محمد بصل، أنه يجوز لمجلس القضاء الأعلى، أن يزيد على خدمة القاضي المحسوبة في المعاش أو المكافأة، مدة إضافية بصفة استثنائية، مشيرًا إلى أنه بتطبيق هذا النص، فإن وزير العدل طلب إحالة رئيس المحكمة إلى المعاش، وهو ما وافقت عليه الجمعية العمومية، التي أقرت ضم المدة الباقية، حتى قبل بلوغ المستشار مرعي المعاش، بصفة استثنائية.

وبخلو منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وجب اختيار رئيس جديد لها، بحسب الصحفي القضائي، مشيرًا إلى أن هذا التعيين هو الثاني من نوعه، من دون تطبيق الأقدمية المطلقة، ومن دون أن تخطر الجمعية العمومية الرئاسة بشيء.

وعام 2019 صدر القانون 78 وفقًا للتعديل الدستوري الأخير، الذي يمكن رئيس الجمهورية من اختيار رئيس المحكمة من أقدم 5 أعضاء، من دون ترشيح المحكمة، ومن دون التقيد بالأقدمية، وهو النص الذي اعتمد عليه القرار الجمهوري بتعيين رابع أقدم عضو، المستشار بولس فهمي، أول رئيس مسيحي للمحكمة منذ إنشائها عام 1969.

 

من هو المستشار بولس؟

ولد المستشار بولس فهمي (65 عامًا) في يناير 1957. وعين بالنيابة العامة عام 1978 وتدرج في وظائفها حتى أصبح مستشارًا بالاستئناف عام 1997 ثم رئيسًا بالاستئناف عام 2001.

ظل المستشار بولس في منصبه، حتى عين نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا عام 2010، ليخرج من تشكيلها بموجب دستور 2012 عائدًا كرئيس لمحكمة استئناف القاهرة.

أعيد تعيين المستشار بولس، بعد إزاحة تنظيم الإخوان عن حكم مصر، نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا عام 2014.

عمل مستشارًا فنيًا لوزير العدل، ومساعدًا للوزير لشئون التنمية المالية والإدارية، ورئيسًا لمحكمتي جنوب القاهرة وحلوان الابتدائيتين.

للمستشار بولس فهمي العديد من المؤلفات والأبحاث، وشارك في إصدار العديد من الأحكام المهمة والتاريخية، كما أشرف على الأمانة العامة للمحكمة منذ أكتوبر 2014.