تناقض مواقف آبي أحمد.. رغم تعهده بالسلام تواصل قواته قصف تيغراي

من المؤكد أن الحرب الأهلية في إثيوبيا قد خفتت حدتها، فبعد أن كان المتمردون من منطقة تيغراي، أواخر عام 2021، على وشك اقتحام العاصمة وإطاحة حكومة أبي أحمد، تبدلت الأمور، ودفع الجيش الإثيوبي، المتمردين إلى التراجع، وبينما طالب حزب جبهة تحرير شعب تيغراي بوقف إطلاق النار، أعلن أبي أحمد النصر

تناقض مواقف آبي أحمد.. رغم تعهده بالسلام تواصل قواته قصف تيغراي

ترجمات - السياق

كشفت مجلة إيكونوميست البريطانية، حقيقة الأوضاع على الأرض في إثيوبيا، مشيرة إلى أنه رغم وعود رئيس الوزراء أبي أحمد -الحاصل على جائزة نوبل للسلام- بتحقيق السلام في شتى أنحاء البلاد، فإنه مازال يقصف بعض المناطق التي يصفها بالمتمردة، مما يوقع المزيد من الضحايا.

وقُتل 108 أشخاص على الأقل، منذ مطلع يناير في ضربات جوية يُعتقد أن القوات الإثيوبية هي التي شنّتها على إقليم تيغراي، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة 14 يناير 2022 متحدثةً عن احتمال أن تكون قد ارتُكبت جرائم حرب.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إليزابيث ثروسيل "يجب على طرفَي النزاع (...) تعليق كل هجوم إذا تبيّن أن هدفه ليس عسكريًا أو إذا كان الهجوم غير متناسب. عدم احترام مبادئ التمييز والتناسب يمكن أن يشكل جريمة حرب".

وذكرت "إيكونوميست" أن أبي أحمد "يعد بالسلام لكن قواته تواصل قصف المدنيين في إقليم تيغراي، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من تدهور الوضع الإنساني هناك، ودفع الملايين إلى حافة الموت".

وأوضحت المجلة البريطانية، أن حكومة أبي أحمد تحاول تصوير الموقف على أن الحرب انتهت من خلال بعض المراسم والأجواء بمطار أديس أبابا، باستقبال الركاب القادمين براقصات وموسيقى وطنية، وتزيين صالة الوصول بأكاليل الزهور والسجاد الأصفر اللامع، وسط لافتات منتشرة بأرجاء المطار تعلن "عودة إثيوبيا الكبرى"، في إشارة إلى إفشال محاولات التقسيم.

وأشارت إلى أن تلك محاولات ترعاها حكومة أبي أحمد، لإقناع الإثيوبيين الذين يعيشون في الخارج، بالعودة إلى الوطن لقضاء العطلات.

 

خفوت الحرب

وأوضحت "إيكونوميست" أنه من المؤكد أن الحرب الأهلية في إثيوبيا قد خفتت حدتها، فبعد أن كان المتمردون من منطقة تيغراي، أواخر عام 2021، على وشك اقتحام العاصمة وإطاحة حكومة أبي أحمد، تبدلت الأمور، ودفع الجيش الإثيوبي، المتمردين إلى التراجع، وبينما طالب حزب جبهة تحرير شعب تيغراي بوقف إطلاق النار، أعلن أبي أحمد النصر.

وأشارت، إلى أن أبي أحمد كان قبل الحرب معروفًا بأنه صانع سلام، لذلك حصل على جائزة نوبل عام 2019 لدوره في إنهاء الأعمال العدائية مع إريتريا المجاورة ، كما نال الإشادة لمساعدته بالتوسط في اتفاق لتقاسم السلطة في السودان.

لكن -تضيف المجلة- الحرب الأهلية في إثيوبيا التي استمرت عامًا، والتي ارتكب خلالها الجيش وحلفاؤه جرائم حرب، أضرت بسمعة أبي أحمد، لذلك فهو يحاول إصلاح هذه السمعة من خلال إعلانه عدم إعادة احتلال تيغراي، ثم قراره بإطلاق سراح العديد من قادة المعارضة من السجن، بما في ذلك جوار محمد، منافسه الرئيس من جماعة أورومو العرقية ، وستة من مسؤولي جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي.

ووصف رئيس الوزراء الخطوة بأنها من أعمال رحمة المنتصر ، قائلًا إنه كان من الضروري لإثيوبيا أن تكسر دائرة الحرب.

 

الحوار الوطني

وقالت "إيكونوميست": "تريد حكومة أبي أحمد أن يشارك زعماء المعارضة المفرج عنهم في ما يسمى "الحوار الوطني"، وهو ما قد يوازن بين أمور تحتاج لإعادة النظر، مثل نظام الدولة المثير للجدل القائم على الفدرالية العرقية".

لكن -حسب محللين تحدثت إليهم المجلة- من غير المرجح التوصل لهذا الحوار قريبًا، موضحين أنه لا يمكن لهذا الحوار الوطني المقصود أن يكون شاملاً أو محايدًا، إذ لا تزال شخصيات معارضة قوية رهن الاحتجاز.

وترى المجلة البريطانية، أن "التحدي الأكبر لأبي أحمد هي قوات تيغراي، التي تصفها حكومته بأنها جماعة إرهابية، حيث لم تتم دعوتها للحوار، لكنهم أوضحوا أنه من المحتمل أن الحكومة قد ترغب في بدء محادثات سلام منفصلة معها".

ورأت أن "هذه الخطوة ستكون مثيرة للجدل، إذ أثار إطلاق سراح مسؤولي الجبهة من السجن ضجة كبيرة، لا سيما بين حلفاء أبي أحمد في أمهرة، ثاني أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان ومحور القتال في الأشهر الأخيرة".

وقالت إن: "الحركة الوطنية لأمهرة، وهي حزب معارض، وصفت قرار الإفراج بأنه خطأ تاريخي، وأنه من المحتمل أن يثير التفاوض مع قوات جبهة تحرير شعب تيغراي المزيد من الغضب".

 

تناقض أبي أحمد

وحسب "إيكونوميست" ما يكشف تناقض قرارات أبي أحمد، أنه بعدما أفرج عن بعض قادة المعارضة، وطالب بفتح حوار وطني، مازالت قواته تقصف بعض المناطق في تيغراي وغيرها، بدعوى تتبع أفول التمرد.

وأضافت المجلة أن من الأمور التي تكشف تناقضه أيضًا، عدم وصول أي مساعدات من أي نوع إلى تيغراي منذ منتصف ديسمبر الماضي، بينما لم يُسمح بدخول أي دواء تقريبًا منذ يونيو 2021.

ونقلت "إيكونوميست"عن أحد الأطباء بأكبر مستشفى في تيغراي، قوله: "لقد نفدت إمدادات المستشفى"، مشيرًا إلى أنه بعد أكثر من عام من الحرب، يتضور نحو 400000 شخص جوعاً ونفد الطعام من ملايين غيرهم.

وفي غضون ذلك -تضيف المجلة- قصفت طائرات من دون طيار وطائرات مقاتلة تيغراي من الجو، ففي الثامن من يناير الجاري، قُتل ما لا يقل عن 56 شخصًا في غارة جوية على معسكر للنازحين داخليًا، ما دفع وكالات الإغاثة إلى تعليق عملها.

وختمت "إيكونوميست"تقريرها: "إذا كان أبي أحمد جادًا في منح السلام فرصة، عليه أولاً أن يتوقف عن القتال والقصف".