فورين بوليسي: لم يعد بإمكان بايدن تجاهل تنامي العلاقات بين إيران والصين

واشنطن ربما سئمت الشرق الأوسط رغم أن بكين بدأت توسيع نفوذها فيه

فورين بوليسي: لم يعد بإمكان بايدن تجاهل تنامي العلاقات بين إيران والصين
من خلال بناء العلاقات مع إيران، تعزز الصين موطئ قدمها في الشرق الأوسط، وتقوِّض الولايات المتحدة

ترجمات-السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن تنامي التعاون الأمني بين الصين وإيران، يمثل تهديداً خطيراً للمصالح الأمنية الأساسية للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج، قائلة إنه لمواجهة هذا التهديد فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة.

وأشارت المجلة، في تقرير، إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانج ون بين، صرّح بأن "بكين مستعدة للعمل مع طهران، لزيادة تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين".

النفط الإيراني

وذكرت "فورين بوليسي" أن الشراكة الاستراتيجية، التي استمرت 25 عاماً، والتي وقَّعتها بكين وطهران في مارس 2021، تقدِّم فوائد كبيرة لخصمين متحدين في معارضتهما للولايات المتحدة وسيادة القانون.

وتابعت: "من خلال بناء العلاقات مع إيران، تعزز الصين موطئ قدمها في الشرق الأوسط، وتقوِّض الولايات المتحدة، وتؤمن المزيد من الوصول إلى النفط الإيراني والسلع المهمة الأخرى، بينما ستحصل إيران على مليارات الدولارات من استثمارات الصين في الطاقة والبنية التحتية، ما يقوِّض فعالية العقوبات الأمريكية ضد النظام".

ووفقاً للمجلة، فإن جزءًا كبيرًا من تعاون بكين وطهران، يركز على العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، إذ قررت منظمة شنجهاي للتعاون، التي تقودها الصين وروسيا بالإجماع، في سبتمبر الماضي، ترقية إيران إلى الحصول على عضوية كاملة، ولذا فإنه سيكون من الخطأ إغفال التداعيات الأمنية للعلاقة الصينية الإيرانية.

استخدام إيران للصين

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن شراء الصين للطاقة الإيرانية، واستعدادها للاستثمار في طهران، سيكون لهما تأثير سلبي في الأمن سيزداد سوءًا بمرور الوقت، إذ سيوفر الاستثمار الصيني حافزاً اقتصادياً وإيرادات لإيران، وستستخدم طهران جزءًا كبيراً من تلك الإيرادات الإضافية، لبناء ترسانتها من الصواريخ والطائرات من دون طيار، وتعزيز برنامجها النووي، وتصدير الإرهاب، ومهاجمة جيرانها.

وأضافت: "كما أنه على نطاق أوسع، سيخفف الاستثمار الصيني الإضافي فعالية العقوبات الأمريكية ضد إيران، وهو ما سيؤدي لتكثيف التعنت الإيراني في أي مفاوضات بشأن برنامجها النووي، كما أن الدعم الصيني يزيد فرص فشل الدبلوماسية، ما يزيد الحاجة للعمل العسكري الأمريكي أو الإسرائيلي، لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية".

وبينما تظل البنود النهائية لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران سرية، فقد دعت نسخة مُسرَّبة من الاتفاقية، بعنوان "النسخة النهائية"، الصين وإيران إلى إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وتطوير أسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، الأمر الذي يجب أن تتابعه الولايات المتحدة، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات، حسب المجلة.

الصواريخ البالستية

وقالت "فورين بوليسي" إن التعاون العسكري الصيني الإيراني المتزايد يمكن أن يؤدي، بمرور الوقت، إلى تحسين القدرة العسكرية الإيرانية بشكل كبير، لافتة إلى أنه في حال اكتسبت القوات الإيرانية قدرات محسّنة، قد تعتقد أنها تستطيع ردع أو الدفاع ضد أي هجوم يهدف إلى وقف عدو طهران السريع نحو امتلاك الأسلحة النووية، وهو التصور الذي يمكن أن يجعل الاختراق النووي الإيراني أكثر احتمالًا وأكثر صعوبة في إيقافه.

ورأت المجلة أن التعاون العسكري بين البلدين، ليس مجرد مصدر قلق نظري أو مستقبلي، لكنه يحدث بالفعل، إذ أجرت إيران والصين وروسيا مناورات عسكرية مشتركة بالمحيط الهندي في ديسمبر 2019 وبروسيا في سبتمبر 2020، وبحسب ما ورد، فإنه من المقرر إجراء تدريب عسكري مشترك، تشارك فيه القوات الإيرانية والصينية في الخليج العربي.

ووفقاً لما نقلته المجلة عن تقرير لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية، فإن صاروخاً واحداً على الأقل من الصواريخ البالستية، التي زعمت إيران أنها استخدمتها في هجوم عام 2020 على القوات الأمريكية في قاعدة عين الأسد الجوية بالعراق، كان "من المرجح جداً أن تطويره كان باستخدام تكنولوجيا الصواريخ البالستية الصينية".

تفاصيل غامضة

ولفتت المجلة إلى أنه ليس من قبيل المصادفة، أن تظل التفاصيل الدقيقة للتعاون الأمني ​​الصيني الإيراني غامضة، مشيرة إلى أنه لدى بكين سبب وجيه للتقليل من شأن تعاونها المتزايد مع طهران، لأن الحزب الشيوعي الصيني حريص على بناء علاقات مع حكومات دول الخليج، ومن غير المرجح أن تنال مساعدة بكين للجيش الإيراني أي إعجاب، في الرياض أو أبوظبي.

وتابعت: "هذا التوازن يفسر سبب وجود وزراء خارجية السعودية والكويت وعمان والبحرين في الصين هذا الأسبوع، حيث تحاول بكين تنمية العلاقات مع طهران ودول الخليج في وقت واحد، وهو ما يجعل من الضروري للصين تأطير تعاونها الأمني الثنائي المتنامي مع إيران، بطريقة لا تثير غضب قادة دول الخليج، وهو ما يمثل تحدياً لبكين، وعلى واشنطن أن تسعى لجعل هذا التحدي أكثر صعوبة".

ورأت المجلة أنه من أجل ذلك، فإن الخطوة الأولى لواشنطن، أن تفهم أن رفض تزويد شركاء الخليج بوسائل الدفاع عن أنفسهم، لن يؤدي إلا إلى تحفيزهم على اللجوء إلى الصين وروسيا للحصول على أسلحة، وهو ما سيقوي خصمي الولايات المتحدة الرئيسين ويقلل نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط، وقد ظهرت هذه الديناميكية بالفعل في مصر، حيث إنه عندما لم تتمكن القاهرة من الحصول على الطائرات والدبابات والصواريخ الأمريكية عام 2013، لجأت إلى موسكو وباريس للحصول على الطائرات الحربية ولبكين للحصول على الطائرات من دون طيار.

ووفقاً للمجلة، فإن الإجراءات القانونية للإبلاغ عن العلاقات بين الصين وإيران موجودة بالفعل، لكن يمكن تحسينها وتنفيذها بشكل أفضل، مطالبة واشنطن بضرورة تبادل المعلومات الاستباقية عن التعاون العسكري الصيني الإيراني مع إسرائيل وشركائها في الخليج.

ونهاية تقريرها، قالت "فورين بوليسي" إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران، والانضمام الإيراني إلى منظمة شنجهاي للتعاون، فضلاً عن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى الصين هذا الأسبوع، تؤكد ثلاثة أشياء: وجود تحالف متزايد بين بكين وطهران، وتوسع نفوذ بكين في الشرق الأوسط، وأن منافسة واشنطن مع الصين، لن تكون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وحدها، وتابعت: "ربما سئمت واشنطن الشرق الأوسط، لكن بكين بدأت توسيع نفوذها فيه".