زرع قلب خنزير في إنسان.. هل يفتح باب الأمل لملايين البشر أم طلقة في الهواء؟

الخنزير المستخدم في عملية الزرع، عدل وراثيًا، لإخراج العديد من الجينات، التي الممكن أن تؤدي إلى رفض جسد المريض للعضو.

زرع قلب خنزير في إنسان.. هل يفتح باب الأمل لملايين البشر أم طلقة في الهواء؟

السياق

بعد ثلاثة أيام من الإجراء التجريبي، الذي استمر سبع ساعات، أصبح أمريكي أول شخص في العالم، يجري عملية زرع قلب من خنزير معدل وراثيًا.

وعُدَّت عملية الزرع، الأمل الأخير لإنقاذ حياة ديفيد بينيت (57 عامًا)، رغم أنه لم تتضح فرصه في البقاء على قيد الحياة، على المدى الطويل.

وقبل يوم من الجراحة، قال بينيت: «إما أنها ماتت أو أجروا عملية الزرع هذه، أعلم أنها رصاصة في الهواء، لكنها خياري الأخير».

وحصل الأطباء في المركز الطبي بجامعة ماريلاند، على إعفاء خاص من المنظم الطبي الأمريكي لتنفيذ الإجراء، على أساس أن بينيت - الذي يعاني مرضًا قلبيًا عضالًا- كان سيموت لولا ذلك، بحسب تقرير لـ«بي بي سي»، قالت فيه، إن بينيت غير مؤهل لعملية زرع بشرية، وهو القرار الذي يتخذه الأطباء غالبًا، عندما يكون المريض في حالة صحية سيئة للغاية.

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، أن الخنزير المستخدم في عملية الزرع عُدِّل وراثيًا، لإخراج العديد من الجينات، التي الممكن أن تؤدي إلى رفض جسد بينيت للعضو.

جهد سنوات

وبالنسبة للفريق الطبي الذي أجرى عملية الزرع، فإنها تمثل تتويجًا لسنوات من البحث، ويمكن أن تغير حياة الناس في جميع أنحاء العالم.

من جانبه، قال الجراح بارتلي جريفيث، إن الجراحة ستقرب العالم «خطوة من حل أزمة نقص الأعضاء»، بينما يموت 17 شخصًا كل يوم في الولايات المتحدة بانتظار عملية الزرع، مع وجود أكثر من 100 ألف شخص على قائمة الانتظار.

وقالت الدكتورة كريستين لاو، رئيسة قسم الجراحة في كلية الطب بجامعة ميريلاند، التي كانت في غرفة العمليات أثناء الجراحة، «إنه معرض لخطر أكبر لأننا نحتاج إلى المزيد من كبت المناعة، وهو أمر مختلف قليلاً عما نفعله عادةً في عملية زرع من إنسان إلى آخر، وما مدى جودة أداء المريض من الآن، كما تعلم، لم يتم إجراؤه من قبل».

 وقالت كريستين في تصريحات لـ«بي بي سي»: «لا أعرف، يموت الناس طوال الوقت في قائمة الانتظار، في انتظار الأعضاء، إذا تمكنا من استخدام أعضاء خنازير معدلة وراثيًا، فلن يضطروا إلى الانتظار، يمكنهم الحصول على العضو الذي يحتاجون إليه».

وأضافت الطبيبة: «إضافة إلى ذلك، لن نضطر إلى السفر في جميع أنحاء البلاد ليلاً لاستعادة الأعضاء لوضعها في المتلقين»، بعد إعادة النظر في إمكانية استخدام أعضاء حيوانية في ما تسمى زراعة الأعضاء لتلبية الطلب، كما أن استخدام صمامات قلب الخنزير أمر شائع بالفعل.

 

مخاطر هائلة

وفي أكتوبر 2021، أعلن الجراحون في نيويورك أنهم نجحوا في زرع كلية خنزير في شخص، إلا أنه في ذلك الوقت، كانت العملية هي التجربة الأكثر تقدمًا في هذا المجال.

ومع ذلك، كان المتلقي في تلك المناسبة ميتًا دماغيًا، مع عدم وجود أمل في الشفاء، إلى جانب مخاطر هائلة.

وتمنح هذه اللحظة الفاصلة، الأمل في إيجاد حل للنقص المزمن في الأعضاء البشرية المانحة، لكن لا يزال هناك طريق طويل، لتحديد ما إذا كان إعطاء الناس أعضاء حيوانية هو الطريق الصحيح.

وتتشابه قلوب الخنازير من الناحية التشريحية مع قلوب البشر، لكنها غير متطابقة لأسباب مفهومة، بحسب «بي بي سي» التي قالت إن ذلك النوع من العمليات ليس مثاليًا، مقارنة بمبادلة قلب متبرع بشري، لكن من الممكن توصيلهم وتشغيلهم.

إلا أن المشكلة الأكبر هي رفض العضو، فالخنازير تربى لتفتقر إلى الجينات التي يمكن أن تسبب الرفض، بينما يتم استنساخها مع إخراج جينات معينة وتربيتها، حتى تصل إلى سن تكون فيها أعضاؤها كبيرة بما يكفي لذبحها.

ومن السابق لأوانه معرفة كيف يتصرف بينيت بقلبه الخنزير، بينما كان أطباؤه واضحين عندما قالوا إن الجراحة مقامرة، مؤكدين أن المخاطر هائلة، لكن المكاسب المحتملة كذلك.

واقع ضبابي

مع ذلك، يأمل بينيت أن تسمح له عملية الزرع بمواصلة حياته، فقد ظل طريح الفراش ستة أسابيع قبل الجراحة، ورُبط بجهاز أبقاه على قيد الحياة، بعد تشخيص إصابته بمرض في القلب.

وقال بينيت الأسبوع الماضي: «إنني أتطلع إلى النهوض من السرير بعد أن أتعافى»، بينما بدأ بينيت يتنفس من تلقاء نفسه أثناء مراقبته بعناية، لكن ما سيحدث بعد ذلك غير واضح.

وقال غريفيث إنهم يتقدمون بحذر ويراقبون بينيت بعناية، بينما أخبر ابنه ديفيد بينيت جونيور وكالة أسوشيتيد برس بأن الأسرة كانت «في المجهول في هذه المرحلة»، لكنه أضاف، أنه يدرك حجم ما حدث ويعي أهميته.

وتابع غريفيث: «لم نقم بذلك في الإنسان، وأعتقد أننا قدمنا له خيارًا أفضل مما كان يمكن أن يكون عليه استمرار علاجه، لكن هل يعيش يومًا، أسبوعًا، شهرًا، سنة؟ لا أعرف».