في ظل الاضطرابات المالية.. أردوغان لن يستطيع تحدي الواقع طويلًا
حتى لو نجح مخطط أردوغان في استقرار الليرة، فلن ينهي مشكلات تركيا، وسيستمر الزخم التضخمي الناجم عن انخفاض قيمة العملة والائتمان الرخيص وارتفاع الحد الأدنى للأجور.

ترجمات - السياق
رأت مجلة الإيكونوميست البريطانية، أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لن يستطيع الصمود في وجه الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بلاده، بسبب سياساته الاقتصادية، فترة طويلة، مشيرة إلى أن مخططه لإنقاذ الليرة التركية، لا يؤدي إلا لزيادة المخاطر.
وتطرقت "إيكونوميست"، في تقرير، إلى ما وصفته بـ"عناد" الرئيس التركي، منذ وصوله للسلطة قبل نحو عقدين، وعدم رغبته في سماع الأصوات الأخرى، وقالت: "خلال سنواته في السلطة، حبس آلاف المعارضين والمنتقدين، بينهم ضباط ومتظاهرون، ونشطاء أكراد، وأعضاء في حركة رجل الدين التركي، فتح الله غولن".
كما أسكت أو طهَّر منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة والقضاء، من أي دعوات تنتقد سياساته.
وأشارت إلى أنه مع كل تحدٍ يواجهه، مثل احتجاجات غيزي بارك عام 2013 ومحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، يزداد "غروره"، واستقال المستشارون العقلاء، وتركوه محاطًا بأقاربه فقط.
الاتجاه الخاطئ
وأوضحت "إيكونوميست" أنه يمكن لرئيس مثل أردوغان، إسكات الأصوات التي لا يرغب في سماعها، إلا أنه لا يستطيع أن يتخلى عن الواقع المرير الذي تعيشه بلاده.
وأكدت أنه منذ سبتمبر 2021، وهو يحاول تحدي قوانين الاقتصاد، التي لا يستطيع تغييرها برفضه رفع أسعار الفائدة، وهو أمر تفعله الاقتصادات الناشئة لمحاربة التضخم، لكن تركيا سارت في الاتجاه الآخر.
وأشارت المجلة إلى أنه رغم ارتفاع التضخم إلى 21 في المئة في نوفمبر الماضي، ضغط أردوغان على البنك المركزي، لخفض أسعار الفائدة بخمس نقاط مئوية، تماشيًا مع اعتقاده الغريب بأن المعدلات المرتفعة تسبب التضخم بدلًا من محاربته.
ونتيجة لذلك -حسب "إيكونوميست"- حوَّل الأتراك المزيد من الودائع من الليرة إلى الدولار واليورو، ما أدى إلى أزمة عملة، وانخفضت الليرة من ثمانية ليرات للدولار في أغسطس إلى 18 أواخر ديسمبر الماضي.
وأضافت، أنه في 20 ديسمبر، أعلن "خطة غريبة" لجذب المودعين، وهي أن أصحاب الودائع الذين لديهم ودائع بالليرة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ستعوِّضهم الحكومة عن أي خسائر ناجمة عن تردي العملة، ونتيجة لهذا القرار، انتعشت الليرة فترة وجيزة وأعلن أردوغان النصر، لكن لم يمض وقت طويل، قبل أن تبدأ الانهيار مرة أخرى.
عواقب أسوأ
وقالت "إيكونوميست": حتى لو نجح مخطط أردوغان في استقرار الليرة، فلن ينهي مشكلات تركيا، وسيستمر الزخم التضخمي الناجم عن انخفاض قيمة العملة والائتمان الرخيص وارتفاع الحد الأدنى للأجور.
وأضافت، أنه حتى إذا ظلت العملة مستقرة، فإن ارتفاع تكلفة السلع التركية لن يتم تعويضه بالليرة الأرخص، وسيؤدي ذلك إلى تآكل القدرة التنافسية لتركيا، وتقويض ميزانها التجاري، وتركها تعتمد بشكل خطير على الاقتراض الخارجي، لسد الفجوة بين وارداتها وصادراتها.
وإذا فشلت الخطة -حسب المجلة- "فقد تكون العواقب أسوأ"، إذ سيكون على دافعي الضرائب إنقاذ المودعين، وهو ما قد يتطلب تخفيضات "مؤلمة" والتقشف لصالح الأتراك المزدهرين نسبيًا الذين لديهم مدخرات، وإذا لم تستطع الحكومة تحمُّل هذا الخيار، يتعين عليها طباعة المزيد من الأموال، وسينتهي الأمر إلى المزيد من الحط من قيمة العملة.
لوبي الفائدة
وأمام كل هذه التحديات، يرفض أردوغان أي تفسيرات لسياساته الاقتصادية الخاطئة، ويعدها جزءًا من "لوبي الفائدة" الذي تسيطر عليه قوى أجنبية.
ويقول إن "مؤامرات الأعداء" سبب الانتكاسات التي يواجهها، بينما يحاول شعبه التكيُّف مع "سياساته المضللة"، على حد تعبير "إيكونوميست".
ويقول التقرير إنه في ذروة سلطته عام 2014، انتقل الرئيس التركي إلى قصر رئاسي جديد يتألف من 1100 غرفة، وكان من الصعب أن يسمع من داخل هذا القصر، الذي بلغت تكلفته 600 مليون دولار "صرخات يأس ناخبيه".
ويرفض أردوغان، أي آراء من المنتقدين له "فمثل كل الشعبويين، يتبع سياسات مضللة وينسب النكسات لمؤامرات يدبرها أعداؤه، بدلًا من إيجاد الحلول وتطبيقها على أرض الواقع".