العراق.. تهديدات المليشيات الموالية لإيران تربك المشهد السياسي
إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، يقول إن تهديد كتائب حزب الله، يربك إلى حد كبير مجموعة التفاهمات والحوارات الجارية في البلاد.

السياق
بعد أيام من عقد مجلس النواب العراقي أولى جلساته، وانتخاب محمد الحلبوسي رئيسًا له بأغلبية الأصوات، أطلقت مليشيات عراقية موالية لإيران تهديدات تستهدف أمن البلاد.
هذه التهديدات التي صدرت من حزب الله العراقي بأن "أيامًا عصيبة تنتظر العراق"، جاءت عقب تصريحات مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري صاحب الأغلبية في البرلمان الجديد، التي وصف فيها المرحلة المقبلة أمام البرلمان والحكومة بأنها "منعطف صعب".
وهو ما دفع مراقبين عراقيين، إلى تأكيد أن تهديدات مليشيات إيران، وتصريحات الصدر، تمثلان واقعًا سيلقي بظلاله على تشكيل الحكومة، رغم انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان وانتخاب الحلبوسي ونائبيه بيسر ومن دون معوقات.
انقسام شيعي
الكاتب والخبير العراقي حمزة مصطفي، قال لـ"السياق"، إن ما حدث خلال الجلسة الأولي للبرلمان من ملاسنات وتدافع بين النواب، عبَّـر عن انقسام في التيار الشيعي.
ويرى مصطفى، أن هذا الانقسام تجلى في إصرار مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية، بدت ملامحها من خلال الجلسة الأولى، باختيار محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، بتوافق سُني شيعي من الكتلة الصدرية، وكردي من الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ولفت إلى أن ما يجسد انسلاخ التيار الصدري عن الجانب الشيعي، الموالي معظمه إلى إيران، اختيار نائبين للحلبوسي من التيار الصدري وكردستان.
ويرى الخبير العراقي، أن هذا الأمر يمكن فهمه في الإطار التنسيقي المتوقع في الفترة المقبلة، حيث التوافق بين السُّنة وجانب من الأكراد، وهو ما يمكن معه تفسير رفض دولة مثل إيران لإجراء الانتخابات، لما ستسببه من انقسام أكبر داخل البيت الشيعي، بجانب إطلاق بعض الفصائل للتهديدات في هذا الاتجاه.
وكتب مقتدى الصدر تغريدات، أكد خلالها أن الحكومة المقبلة ستكون "أغلبية وطنية".
وأعلن الصدر في تغريداته، رفض أي تهديد لشركاء الوطن، في إشارة إلى التهديدات التي يتعرَّض لها السُّنة والكرد، لأنهم -من وجهة نظر هذه الجهات- المسؤولون عن تكريس الانقسام داخل البيت الشيعي.
ويرى حمزة مصطفى أن "الأمور لا تزال معقدة ومفتوحة على كل الاحتمالات".
وأشار المحلل العراقي، إلى محاولات للتهدئة، داخل الطرف الشيعي، فهناك وساطات لتقريب وجهات النظر بين الشيعة أنفسهم، كذلك بين الكرد والسُّنة من زاوية عدم التدخل في الصراع الشيعي، وهو ما قد يساعد في عدم التصعيد، لأن السُّنة والكرد لا يريدون أن يكونوا مع طرف على حساب آخر في تشكيل الكتلة الأكبر.
عزل الفصائل
إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، يقول لـ"السياق": "تهديد كتائب حزب الله، يربك إلى حد كبير مجموعة التفاهمات والحوارات الجارية في البلاد".
ويرى الشمري أن "هناك قلقًا من إقليم كردستان العراق، عبر الحزب الديمقراطي الكردستاني، قد يدفعهم إلى إجراء تفاهمات مع القوى السُّنية، لإبداء مزيد من المرونة، لمحاولة إشراك قوى السلاح في الحكومة الجديدة".
وأضاف رئيس مركز التفكير السياسي في العراق: "السُّنة متخوفون من التهديدات التي يدفع بها كتائب حزب الله، لكن ما يطمئنهم، هو الموقف الأخير لمقتدي الصدر، الذي يتبني خيار الأغلبية وعزل الفصائل المسلحة".
وبحسب الشمري، فإن التهديدات لن تنفع، وبذلك مسألة تشكيل الحكومة ستمضي، لأن تهديد الصدر سيعمل على كبح تهديدات حزب الله، مشيرًا إلى أن خطة عزل الفصائل المسلحة ماضية، لإبعادها عن الدولة العراقية.
وقت طويل
محمد أرسلان، الخبير العراقي المتخصص في الجماعات الإرهابية يقول لـ"السياق": خسارة التيارات الموالية لإيران في الانتخابات الأخيرة، سبب الشد والجذب بين القوى السياسية العراقية.
ويرى أرسلان أن "الجلسة الأولى للبرلمان شهدت ملاسنات وتوترًا بين الطرفين الشيعيين، وهما الإطار التنسيقي والتيار الصدري"، وتابع: "بشكل عام أعتقد أن جلسات البرلمان سوف تستمر، وعملية تشكيل الحكومة سوف تستغرق وقتًا طويلًا، حتى يتفق الطرفان الشيعيان على صيغة ما، على الأقل لتجنيب العراق فترة صراع ستكون دموية على الطرفين، إن أصرّ كل طرف على الامتيازات التي يريد الحصول عليها، بصرف الطرف عن النتائج الرسمية للانتخابات".
وأضاف: "عدم اتفاق الطرفين سيكون له تأثير مباشر في العراق، وربما يتحول إلى ميدان حرب بالوكالة، تصل شراراتها إلى لبنان وسوريا واليمن".
وأثار أرسلان قضية الصراع الكردي على الاستحقاق الرئاسي، فمن المتعارف عليه أن حصة رئاسة العراق كانت من نصيب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان يتزعمه الراحل جلال طالباني، لكن منذ الرئاسة السابقة، ظهرت نية لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، في الاستحواذ على هذا المنصب.
ويرى الخبير العراقي أن "كل هذه النزاعات السلطوية، إن كانت على تشكيل الحكومة أو منصب الرئاسة، ستتأثر بشكل مباشر بالتجاذبات الإقليمية والدولية، والصراعات التي بينها في الوقت نفسه".