واشنطن بوست: سياسات أردوغان السيئة وراء انهيار الليرة التركية

يتردد أن البنك المركزي التركي ينفق مليارات الدولارات من احتياطياته لدعم الليرة، لكن التضخم وصل إلى معدل سنوي يبلغ 36 في المئة، وقد تكون الأمور خرجت عن السيطرة بالفعل.

واشنطن بوست: سياسات أردوغان السيئة وراء انهيار الليرة التركية

ترجمات – السياق

شهدت تركيا خلال الفترة الماضية، احتجاجات متفرقة ضد ارتفاع الأسعار والقرارات المدمرة، التي تسببت فيها إجراءات أردوغان، إلا أن الرئيس التركي مازال يرد على كل ذلك، بمزيد من الاعتقالات في صفوف المعارضين، ولم يستثنِ أحدًا من المسؤولين والاقتصاديين والصحفيين، الذين ينتقدون سياساته عبر الإنترنت.

صحيفة واشنطن بوست، سلَّطت الضوء على سياسات أردوغان، وذكرت أن الحكم التعسفي للرئيس التركي، سواء في تعامله مع معارضيه، أم تمسكه بقراراته الاقتصادية بشأن أسعار الفائدة، لم يتسبب في إطاحة قيمة الليرة فقط أمام العملات الأخرى، وإنما يضرب بسُمعة تركيا على المستويات كافة.

وقالت "ظاهريًا، لا توجد علاقة بين أكبر قصتين إخباريتين في تركيا: اضطهاد الحكومة للمعارض السياسي، عثمان كافالا، والانهيار المذهل لليرة التركية، لكن في الواقع يستمد الاثنان من المصدر نفسه، وهو حكم الرئيس رجب طيب أردوغان التعسفي والمتقلب".

وشددت الصحيفة، على أنه "ما لم تتمكن الضغوط الموازية -داخل بلاده وخارجها- من إقناع أردوغان بتغيير هذا المسار المتعسف، فقد تتجه بلاده نحو أضرار سياسية واقتصادية".

 

أزمة كافالا

وعن أزمة كافالا، قالت "واشنطن بوست": إن الرجل تلقى تعليمه في تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وله سجل طويل من النشاط في المنظمات غير الحكومية الليبرالية في بلاده.

وأشارت إلى أن الحكومة التركية، تتهمه بتمويل الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء البلاد عام 2013، ودعم محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 ضد أردوغان.

في المقابل ينفي كافالا هذه التهم التي لم يُدَن بها حتى الآن، ورغم ذلك ما زال في السجن على ذمة المحاكمة منذ عام 2017.

كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قد أصدرت تعليمات لتركيا بالإفراج عن كافالا في ديسمبر 2019 ، لكن حكومة أنقرة رفضت.

وأوضحت "واشنطن بوست" أنه عندما حاول 10 سفراء من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، الضغط لتحريك القضية في أكتوبر 2021 والإفراج عن كافالا، هدد أردوغان بطردهم بسبب تدخلهم في القضية، لكنه تراجع.

ومع ذلك أمرت محكمة تركية، باستمرار احتجاز كافالا أواخر نوفمبر 2021، ما دفع مجلس أوروبا إلى التحذير من احتمال إعلان تركيا رسميًا (دولة تنتهك القانون الدولي).

وأعلن مجلس أوروبا إطلاق إجراء تأديبي بحق تركيا، على خلفية رفضها الإفراج عن المعارض البارز عثمان كافالا، في خطوة لم يسبق أن استُخدمت إلا مرة واحدة في تاريخ المنظمة.

واتفقت لجنة الوزراء الحقوقية، التابعة للمنظمة الأوروبية على الخطوة، بعدما رفضت تركيا الامتثال إلى حكم صدر عام 2019 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بالإفراج عن كافالا، وفق بيان المجلس.

جاءت هذه الخطوة، وسط تصاعد القلق من انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، خصوصًا بعد انقلاب 2016 الفاشل ضد أردوغان، الذي استهدف كافالا بشكل شخصي في خطاباته.

 

انهيار الليرة

وعن أزمة انهيار الليرة، قالت "واشنطن بوست": في غضون ذلك، أمر أردوغان  -بعد أن وضع البنك المركزي التركي تحت سيطرته المباشرة- بسلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة بدعوى محاربة التضخم، على عكس كل الممارسات الاقتصادية السليمة.

وذكرت أن قرارات أردوغان بخفض أسعار الفائدة، جاءت بعد أن ألمح الرئيس التركي، إلى أن عقيدة المسلمين ترفض سياسة الغرب في دعم الفائدة، مدعيًا أن خفضها سيعزز الصادرات التركية، ويحفز النمو.

ونتيجة لذلك، لجأ الأتراك إلى تحويل المزيد من ودائعهم، من الليرة إلى الدولار واليورو، ما أدى إلى أزمة عملة، وانخفضت الليرة من ثمانية ليرات للدولار في أغسطس إلى 18 أواخر ديسمبر الماضي.

وأضافت "واشنطن بوست"أنه في 20 ديسمبر الماضي، أعلن أردوغان "خطة غريبة" لجذب المودعين، وهي أن أصحاب الودائع الذين لديهم ودائع بالليرة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ستعوِّضهم الحكومة عن أي خسائر ناجمة عن تردي العملة، ونتيجة لهذا القرار، انتعشت الليرة فترة وجيزة وأعلن أردوغان النصر، لكن لم يمضِ وقت طويل حتى بدأت الليرة الانهيار مرة أخرى.

يتردد أن البنك المركزي التركي ينفق مليارات الدولارات من احتياطياته لدعم الليرة، لكن التضخم وصل إلى معدل سنوي يبلغ 36 في المئة، وقد تكون الأمور خرجت عن السيطرة بالفعل.

 

حكم الرجل الواحد

في مواجهة كل هذا التدني الاقتصادي والأخلاقي، أوضحت "واشنطن بوست" أن تركيا شهدت خلال الأعوام الأخيرة، احتجاجات متفرقة ضد ارتفاع الأسعار والقرارات المدمرة، التي تسببت فيها إجراءات أردوغان، إلا أن الرئيس التركي مازال يرد على كل ذلك بمزيد من التعسف والاعتقالات في صفوف المعارضين، ولا يستثني أحدًا من المسؤولين والاقتصاديين والصحفيين، الذين ينتقدون سياساته عبر الإنترنت.

وتقول "واشنطن بوست": "يؤكد السلوك الأخير لأردوغان مخاوف أولئك الذين حذروا من حكم الرجل الواحد في تركيا"، مشيرة إلى أن أفكاره الاقتصادية المتشددة تستنزف ثروة الأمة.

وأضافت: "في الديمقراطية، يواجه القائد المسؤول عن هذه الكوارث ضوابط وتوازنات، والأهم هو التعبير الحر عن المعلومات الصادقة وسياسات المعارضة، ولكن مما لاشك فيه فإن تركيا بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، وقضية كافالا أكبر دليل على ذلك".