بعد تعثر إجراء الانتخابات.. هل ينجح نواب ليبيا في إقصاء حكومة الدبيبة؟
طالب النواب الـ15، بإيقاف الحكومة والتحقيق معها من قبل النائب العام الصديق الصور، في الجرائم والمخالفات القانونية وشبهات الفساد المثارة عبر وسائل الإعلام، التي تعد -وفق القانون- بلاغًا للنائب العام

السياق
بعد تعثر خارطة الطريق الأممية في ليبيا، وتأجيل الانتخابات الرئاسية، أثير الجدل مجددًا بشأن مصير الحكومة الليبية، التي تحوَّلت إلى سلطة مؤقتة، إثر إخفاقها في سبتمبر الماضي في حيازة ثقة البرلمان.
ذلك الجدل احتدم في الساعات الماضية، إثر صدور بيان من 15 نائبًا بمجلس النواب الليبي، طالبوا فيه البرلمان بتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ذات مهام محددة، أهمها الترتيبات الأمنية لرفع القوة القاهرة وتوحيد المؤسسات.
وأعلن 15 نائبًا ليبيًا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، «براءتهم» مما وصفوها بـ«حكومة الفساد» برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مشيرين إلى أنهم لا يتحملون مسؤلية «عبثها وفسادها» خاصة بعد تاريخ سحب الثقة منها.
وطالب النواب الـ15، بإيقاف الحكومة والتحقيق معها من قبل النائب العام الصديق الصور، في الجرائم والمخالفات القانونية وشبهات الفساد المثارة عبر وسائل الإعلام، التي تعد -وفق القانون- بلاغًا للنائب العام.
حكومة جديدة
كما طالبوا بتضمين بند اختيار رئيس حكومة جديد، لجدول أعمال الجلسات المقبلة، لتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ذات مهام محددة، أهمها الترتيبات الأمنية لرفع القوة القاهرة، وتوحيد المؤسسات ورفع المعاناة عن كاهل الشعب ووقف الفساد، لتهيئة الساحة الليبية للانتخابات في أسرع وقت.
وفي سياق متصل، دعا رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أعضاء المجلس إلى جلسة رسمية الاثنين المقبل، في مقر مجلس النواب بمدينة طبرق، شرقي ليبيا.
وتعد هذه الجلسة الأولى التي سيرأسها عقيلة صالح، بعد عودته للعمل، إثر توقفه قبل أشهر بسبب ترشحه لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، إلا أن إرجاء الاستحقاق الدستوري، جعل السياسي الليبي يعود إلى منصبه.
وبحسب مراقبين، فإن الجلسة التي سيعقدها البرلمان الليبي، ستناقش نقاطًا عدة أبرزها موقف حكومة تصريف الأعمال، وسط الغضب الشعبي من أدائها، خاصة في الفترة الأخيرة، ومحاولتها تصدير الأزمات.
النقطة الثانية، مناقشة خارطة الطريق، خاصة بعد اللقاءات التي عقدتها اللجنة المكلفة من البرلمان الليبي لمناقشة الخطوات المقبلة، بعد تعثر إجراء الانتخابات في موعدها.
أمر صعب
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن إقالة الحكومة صعبة في الوقت الحالي، إلا في حال تدخل النائب العام وفتح تحقيقات في ملفات الفساد الخاصة برئيس الحكومة ووزرائها.
وأوضح المحلل الليبي، أن خطوة إقالة الحكومة قد تؤدي إلى تصعيد عسكري من المليشيات المسيطرة على طرابلس، التي ترى في حكومة الدبيبة الغطاء المناسب لها، مشيرًا إلى أن أمراء المليشيات سيسعون لبقاء هذه الحكومة أطول فترة ممكنة.
وعن بيان الـ15 نائبًا، قال الأوجلي، إن هذا البيان لا يتعدى كونه مطالبة ودية للنائب العام، مطالبًا أعضاء البرلمان بالاتفاق -في جلستهم المقبلة- على مخاطبة النائب العام بشكل رسمي ليباشر التحقيق مع هذه الحكومة، بالتزامن مع الاتفاق على إقالتها وتشكيل حكومة مصغرة تضمن تسيير أمور البلاد وتطبيق خارطة الطريق، التي من المفترض أن تنتهي بوضع قاعدة دستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
أزمات عدة
وتواجه حكومة الدبيبة مآزق عدة، آخرها «الصدام» مع الجيش الليبي، بعد تأخيرها صرف رواتب القوات المسلحة للشهر الرابع على التوالي.
وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب، في بيان قبل أيام: رغم تدخل ومخاطبة مجلس النواب واللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5»، فإن رئيس الحكومة «يتلكأ ويتحجج ويمنع» للشهر الرابع على التوالي، صرف مرتبات القوات المسلحة التي أمّنت قوت الليبيين (في إشارة للنفط الليبي) وأعادت ضخه عبر المؤسسة الوطنية للنفط.
وأوضح مدير إدارة التوجيه المعنوي، أن الدخل العام من النفط الذي تؤمنه القوات المسلحة تجاوز 100 مليار دينار ليبي (21.6 مليار دولار)، مشيرًا إلى أن آخر «تحايلات» رئيس الحكومة عدم وجود رصيد يغطي الصك الصادر بالخصوص.
الاتهامات التي وجهها الجيش الليبي إلى حكومة تصريف الأعمال، تأتي بعد أيام من فضائح فساد مالي، أدت إلى إصدار النائب العام الصديق الصور قرارين بحبس وزيري التربية والتعليم موسى المقريف، لاتهامه بالإهمال والمحسوبية في أزمة تأخر طباعة الكتاب المدرسي، والثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، على خلفية الحصول على منافع وتزوير مستندات تتعلق بأوجه صرف المال العام.
مكافحة الفساد
وبعد القبض على الوزيرين الليبيين، أعلن النائب العام، القبض على عدد آخر من المسؤولين في تهم فساد أخرى، بينهم شخصان انتحلا صفة رئيس هيئة مكافحة الفساد، والكسب غير المشروع في العاصمة طرابلس.
وزارة المالية لم تكن بعيدة هي الأخرى عن اتهامات الفساد، فالنائب العام، وجه الأسبوع الماضي خطابًا إلى وزير المالية الليبي، بشأن مخالفات وتجاوزات مالية لمسؤولين بوزارة المالية، مشيرًا إلى رصد تحويل أموال خارج بنود الميزانية، لبعض الجهات الممولة من الخزانة العامة.
تلك «التجاوزات» طالب النائب العام الليبي، وزارة المالية بشرح ملابساتها، مؤكدًا ضرورة موافاته بأسباب تحويل القائمين على الوزارة مبالغ كبيرة لبعض الجهات خارج بنود الميزانية، بغرض الإضرار بالمال العام.
كما طالب النائب العام، وزارة المالية بتوضيح مبررات تحويل أكثر من 4 ملايين دينار (870 ألف دولار) لحساب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد خارج بند المرتبات، التي لم تكن مخصصة عام 2020، مشيرًا إلى ضرورة صدور توضيح من وزارة المالية بمبالغ تتجاوز ثلاثة ملايين دينار من مخصصات الربع الأخير من الباب الثاني، خارج بنود الميزانية.
ليست الأولى
اتهامات النائب العام الموجهة إلى وزارة المالية ليست الأولى، فهيئة مكافحة الفساد كانت استدعت منتصف ديسمبر المنصرم، وزير المالية بحكومة تصريف الأعمال خالد المبروك، لسماع أقواله في تحقيقات تخص المال العام، إلا أنه -بحسب بيانات سابقة للهيئة- لم يمتثل ورفض التعاون معها.
تأتي تلك الاتهامات، في وقت تواجه فيه الحكومة عاصفة من الانتقادات، وسط مطالبات بإقالتها وتكليف حكومة جديدة لإدارة الفترة الانتقالية حتى موعد الانتخابات المقبلة، وهي مطالب أيدها أعضاء في مجلس النواب الليبي.
إلا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، انتقد قرارات النيابة العامة ضد وزرائه، وأصدر قرارًا بتشكيل لجنة تحقيق قضائية وقانونية لمتابعة ملفات الوزيرين المشتبه بهما.