في أمريكا... الانتخابات النصفية تتحول إلى موسم دعاوى قضائية
يقول جوشوا دوغلاس، أستاذ القانون في جامعة كنتاكي، إن التخطيط للتقاضي حاليًا بات جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحملات الانتخابية.

ترجمات - السياق
مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، المقررة في نوفمبر المقبل، رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن موسم الانتخابات في الولايات المتحدة تحول إلى موسم للـ"الدعاوى القضائية".
وأشارت إلى أن كيفية الإدلاء بالأصوات وعدها، يتم حسمها بشكل متزايد، في قاعات المحاكم التي تسعى إلى توضيح إجراءات التصويت، لكن الخبراء يعتريهم القلق من أن تؤدي تغييرات اللحظات الأخيرة إلى إرباك الناخبين.
وذكرت، أن أحد أبرز التحديات القانونية التي تواجه الانتخابات المرتقبة، محاولة إزالة الآلاف من قوائم الناخبين في ميشيغان، بينما تسعى قضائيتان في ولاية ويسكونسن إلى إحصاء عدد أكبر من بطاقات الاقتراع الغيابي، حتى لو كانت تفتقر إلى بعض المعلومات.
بينما في ولاية أريزونا، يراجع قاضٍ قانونًا جديدًا، يطالب الناخبين بتقديم دليل على الجنسية للتسجيل للتصويت، وفي ولاية بنسلفانيا تتحدى الدعاوى القضائية قانون التصويت الغيابي من دون عذر للولاية، فضلاً عن سياسة عد الأصوات غير المؤرخة بالبريد.
نزاعات انتخابية
وأوضحت "واشنطن بوست" أنه كثيرًا ما كانت النزاعات على إعادة تقسيم الدوائر، وبطاقات هوية الناخبين، وساعات التصويت، وإعادة الفرز والسياسات الأخرى المتعلقة بالانتخابات، موازية للحملات السياسية، لكن الأعداد آخذة في الارتفاع مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي.
وأشارت إلى أن هذه الزيادة بدأت بعد أن أقرت المحكمة العليا نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2000 بفوز المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش، ووصل الاتجاه إلى ذروته عام 2020، عندما دفعت جائحة كورونا إلى مجموعة من قواعد التصويت الجديدة، لافتة إلى أن الوتيرة تسارعت بعد تلك الانتخابات، عندما رفع دونالد ترامب وحلفاؤه عددًا كبيرًا من الدعاوى القضائية، التي سعت – من دون جدوى- إلى منحه ولاية ثانية كرئيس.
لكن، يبدو أن تلك المعارك أرست أساسًا جديدًا للتقاضي بشأن الانتخابات.
وفي ذلك، نقلت الصحيفة عن عدد من الخبراء المختصين في شؤون الانتخابات قولهم: إن المحاكم لديها القدرة على توضيح القوانين أو السياسات الغامضة، وحل الأسئلة الرئيسة قبل الإدلاء بالأصوات، لكن العديد منهم يؤكدون أيضًا أن وابل الدعاوى القضائية يزيد فرص إصدار أحكام في اللحظة الأخيرة، التي يمكن أن تثير ارتباك الناخبين.
وحذر الخبراء من أن العشرات من الخلافات الجارية على الانتخابات، يمكن أن تنفجر بعد انتخابات التجديد النصفي هذا الخريف، خصوصًا أن عمليات إعادة الفرز تكررت في سباقات انتخابية متقاربة، لاسيما من المرشحين الجمهوريين الذين يلجأون إلى المحاكم حال خسارتهم، حتى لو بفارق كبير.
الأغرب من ذلك -حسب الخبراء- أن العديد من مكاتب المحاماة في الولايات المتحدة، تستعد من الآن للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2024.
ونقلت الصحيفة عن جوشوا دوغلاس، أستاذ القانون في جامعة كنتاكي، قوله: "بات التخطيط للتقاضي حاليًا جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحملات الانتخابية".
ووفقًا لإحصاء أجراه أستاذ القانون ريتشارد إل هاسن من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، فإن معدل الدعاوى الانتخابية تضاعف على مدى العشرين سنة الماضية ثلاث مرات تقريبًا.
أما بدورة 2020 -حسب الإحصاء- فقد زادت الدعاوى الانتخابية بأكثر من 25 بالمئة عن الدورة الرئاسية التي سبقتها.
ووفقًا لمراجعة أجراها أستاذ القانون بجامعة أيوا ديريك مولر، فإنه عام 2020، أنفقت الأحزاب السياسية 66 مليون دولار على الدعاوى القضائية الانتخابية، أي أكثر من أربعة أضعاف 15 مليون دولار أنفقتها عام 2016.
ووجد مولر، أنه في الثمانية عشر شهرًا التي تلت الانتخابات الرئاسية لعام 2020، جمعت الأحزاب رقمًا قياسيًا قدره 121 مليون دولار للتقاضي.
وفي مقال حديث لمراجعة القانون، دعا مولر إلى تقليل التقاضي من خلال جعل قوانين الانتخابات أكثر توحيدًا وإنهاء السياسة التي تسمح للمانحين بتقديم أموال أكثر بكثير للأحزاب السياسية إذا خصصوا الأموال للتقاضي.
وقال مولر للـ "واشنطن بوست": "أعتقد أن فكرة أن المحامين هم الذين يفرضون قواعد اللعبة، وليس الناخبين، تؤثر بالسلب في الديمقراطية الأمريكية".
وأوضح أن بعض الدعاوى القضائية التي رفعها حلفاء ترامب استندت إلى مزاعم بعيدة الاحتمال، مشيرًا إلى أنه بينما يسعى الديمقراطيون وجماعات حقوق التصويت -من خلال الدعاوى القضائية التي يرفعونها- إلى توسيع نطاق حرية التصويت، يهدف الجمهوريون والمنظمات المحافظة من وراء القضايا الخاصة بهم، إلى التأكد من التزام الناخبين ومسؤولي الانتخابات بقوانين الانتخابات، وتطبيقها بشكل صارم.
ميزة دائمة
من جانبه، وصف جاستن ريمر -مستشار سابق للجنة الوطنية الجمهورية- التقاضي الانتخابي بأنه أصبح "ميزة ثابتة لكل الحملات الانتخابية".
وقال ريمر لموقع بريتبارت اليميني: "التقاضي أصبح دائمًا ومتلازمًا لكل انتخابات، ومن ثمّ بات هناك موظفون في كل حملة معنيون بذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، عام 2018، غيرت كل ولاية تقريبًا قوانينها الانتخابية بطريقة ما، فبينما يقيد البعض طرق الوصول إلى التصويت، يوسعها آخرون.
وبينت أن هذه التغييرات هي الدافع وراء بعض الدعاوى القضائية الأخيرة، لافتة إلى أنه لدى الجمهوريين فرصة للسيطرة على المجالس التشريعية والحكم في بعض الولايات، ما قد يؤدي إلى مزيد من التشريعات والتقاضي.
وتعليقًا على ذلك، قالت ريبيكا غرين، أستاذة قانون الانتخابات في كلية ويليام وماري للقانون: إن المزيد من التقاضي ليس سيئًا بالضرورة، لا سيما إذا تم رفعه قبل حدوث التصويت بفترة طويلة.
وأضافت: "أعتقد أنه كلما زاد عدد التقاضي قبل الانتخابات، كان ذلك أفضل، بمعنى أنه يمكن للجميع التعبير عن مخاوفهم بشأن القوانين أو السياسات أو الممارسات"، متابعة: "دعونا نحل كل هذه المشكلات في الفترة التي تسبق عام 2024 حتى نعرف جميعًا القواعد، ويتم حل التعارضات قبل الانتخابات بفترة وجيزة".
ومن المقرر أن تستمع المحكمة العليا الأمريكية في ديسمبر المقبل، إلى الحجج بشأن نظرية الهيئة التشريعية المستقلة للولاية، وهي فكرة أن المشرعين في الولاية لديهم سلطة واسعة لوضع قواعد التصويت ولا يمكن للحكام أو محاكم الولاية إيقافها.
وحسب الصحيفة الأمريكية، يمكن لقرار المحكمة العليا في القضية أن يُغير -بشكل جذري- كيفية وضع السياسات الانتخابية.
بدوره، قال جريغوري تيوفيل -أحد المحامين في قضايا الانتخابات- إن الطريقة التي تقرر بها المحاكم القضايا تساعد في تحديد ما إذا كان الجمهور ينظر إلى قواعد الانتخابات على أنها عادلة أم لا.
وأضاف: "إذا تم النظر إلى المحاكم على أنها مسيسة، وتفضل حزبًا على آخر بسبب مخاوف سياسية، من الواضح أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الغضب بشأن الانتخابات".
وبالفعل، تستعد الحملات الانتخابية للديمقراطيين في ولايات عدة لاحتمال أن يتبع خصومهم الجمهوريون استراتيجية ترامب ويرفضون نتائج الانتخابات، بينما وجد تحليل للـ "واشنطن بوست" هذا الشهر أن 291 جمهوريًا في سباقات رئيسية نفوا أو شككوا في نتائج انتخابات 2020.