البوريتيان الجدد

أشارت الكاتبة إلى أن كثيرين في الولايات المتحدة، يخشون الحديث عن ميولهم السياسية علنًا، خوفًا من الوقوع في مشكلة قد تفقدهم وظائفهم، إذ أنه وفقًا لاستطلاع حديث، يخشى 62 في المئة من الأمريكيين، بما في ذلك أغلبية ممن يصفون أنفسهم بالمعتدلين والليبراليين، التعبير عن آرائهم في السياسة.

البوريتيان الجدد

ترجمات - السياق

"لم تكن المسافة قريبة، في تلك الأيام، من باب السجن إلى السوق. ومع ذلك، بالقياس إلى تجربة السجين، يمكن اعتبارها رحلة طويلة".

بهذه الجملة من رواية "الحرف القرمزي"، بدأت "آن إليزابيث أبلباوم" مقالتها في مجلة "ذا أتلانتك الأمريكية"، بعنوان "البوريتيان الجدد".

تعد رواية الحرف القرمزي، للكاتب ناثانيال هاوثورن، من الروائع الأمريكية، إذ تدور أحداث الرواية في القرن السابع عشر بمدينة بوسطن، وتحكي قصة هستر براين، التي أنجبت، خارج إطار الزواج، ثم تتوب وتحاول أن تعيش حياة كريمة.

تبدأ القصة، بعد أن أنجبت هستر طفلاً خارج إطار الزواج ورفضت تسمية الأب. ونتيجة لذلك، حُكم عليها بالتعرُّض للاستهزاء من حشد كبير من الناس، وتعرَّضت "لألم في كل خطوة من الذين احتشدوا لرؤيتها، كما لو أن قلبها قد قُذف في الشارع والناس يدوسون عليه".

وتابعت الكاتبة: "بعد ذلك، يجب أن ترتدي هستر الحرف القرمزي A - - في ثوبها بقية حياتها، بينما تعيش في المنفى بإحدى ضواحي مدينة بوسطن، إذ لم يتواصل معها أحد، ولا حتى أولئك الذين ارتكبوا خطايا مماثلة، ومن بينهم والد طفلها واعظ القرية القديس.

تعويذة

وتستطرد أبلباوم: نقرأ تلك القصة ببعض الرضا الذاتي، فيا لها من حكاية قديمة، مشيرة إلى أنه حتى (هوثورن) سخر من المتشدِّدين، وصورهم وهم يرتدون ملابس قاتمة ذات اللون الحزين وقبعات رمادية، فضلًا عن تقاليدهم الصارمة وعقولهم الضيقة ونفاقهم، مضيفة: "واليوم نحن لسنا مجرَّد حديثين، نحن نعيش في أرض يحكمها القانون، لدينا إجراءات لمنع إنزال عقوبة غير عادلة، ومن ثم باتت الحروف القرمزية من الماضي".

وتعود أبلباوم لتتحدَّث عن بعض أصحاب هذه الأفكار القديمة، قائلة: ربما تكون الحروف القرمزية من الماضي، لكن في الوقت الحالي، من الممكن مقابلة أشخاص فقدوا كل شيء: الوظائف، والمال، والأصدقاء، والزملاء، رغم عدم انتهاكهم لأي قوانين، وفي بعض الأحيان عدم وجود قواعد في مكان العمل أيضًا، وبدلاً من ذلك، فقد (اتهموا بخرق) القواعد الاجتماعية المتعلِّقة بالعِرق أو الجنس أو السلوك الشخصي، أو حتى الدعابة المقبولة، التي ربما لم تكن موجودة منذ خمس سنوات، أو قبل خمسة أشهر. 

واستشهدت أبلباوم، ببعض المواقف التي تشبه الماضي من أزمة (الحروف القرمزية)، قائلة: "هناك سبب أن المراسل العِلمي دونالد ماكنيل، بعد أن طُلبت منه الاستقالة من صحيفة نيويورك تايمز، احتاج إلى 21000 كلمة، منشورة في أربعة أجزاء، لسرد سلسلة من المحادثات، التي أجراها مع طلاب المدارس الثانوية في بيرو، والتي خلالها ربما قال أو لم يقل شيئًا مسيئًا عنصريًا، اعتمادًا على روايته الأكثر إقناعًا".

 

الغموض

وتتابع الكاتبة حديثها عن رواية الحرف القرمزي، قائلة: هناك سبب أيضًا لتخصيص هوثورن رواية كاملة للدوافع المعقَّدة لهستر برين وعشيقها وزوجها، مشدِّدة على أن الفروق الدقيقة والغموض ضروريان للخيال الجيد، كما أنها ضرورية لسيادة القانون، لتضيف: "لدينا محاكم ومحلفون وقضاة وشهود على وجه التحديد، حتى تتمكن الدولة من معرفة ما إذا كانت الجريمة قد ارتُكبت قبل أن تفرض العقوبة، ولدينا أيضًا قرينة براءة المتهم، ولدينا الحق في الدفاع عن النفس، ولدينا قانون التقادم".

وتستطرد: "على النقيض من ذلك، فإن المجال العام الحديث على الإنترنت، وهو مكان للاستنتاجات السريعة، والمنشورات الأيديولوجية الصارمة، والمزيد من الحجج، لا يفضل أي غموض أو فارق بسيط، ومع ذلك، أصبحت قيم هذا المجال عبر الإنترنت، تهيمن على العديد من المؤسسات الثقافية الأمريكية، مشيرة إلى أنه استجابة للمطالب العامة للانتقام السريع، فإنهم يفرضون أحيانًا ما يعادل الأحرف القرمزية مدى الحياة، على الذين لم يتم اتهامهم بأي شيء يشبه الجريمة عن بُعد، وأنهم بدلاً من المحاكم، يستخدمون بيروقراطيات سرية، وبدلاً من سماع الأدلة والشهود، يصدرون أحكامًا خلف أبواب مغلقة.

وتنتقد أبلباوم الإجراءات القانونية، التي تتخذ في بعض الحالات، قائلة: كنت أعتقد أن مبدأ الإجراءات القانونية الواجبة يدعم الديمقراطية الليبرالية، ربما لأنها تذكرني بأوقات وأماكن أخرى.

وأشارت إلى أنها خلال رحلة لتركيا، التقت كاتبًا أراها أحدث مخطوطاته المحفوظة في درج مكتبه، إذ لم يكن عمله غير قانوني، لكن كان غير قابل للنشر، حيث تخضع الصحف والمجلات ودور النشر التركية لملاحقات قضائية غير متوقَّعة وأحكام قاسية، بسبب الكلام أو الكتابة التي يمكن تفسيرها بشكل تعسُّفي، على أنها إهانة للرئيس أو الأمة التركية، مشدِّدة على أن الخوف من تلك العقوبات، يؤدي إلى الرقابة الذاتية والصمت.

 

إكراه الدولة

وتقول الكاتبة: "في أمريكا، بالطبع، ليس لدينا هذا النوع من إكراه الدولة، إذ لا توجد حاليًا قوانين تحدِّد ما يمكن أن يقوله الأكاديميون أو الصحفيون، وليس هناك رقيب حكومي، ولا رقيب للحزب الحاكم، لكن الخوف من غوغاء الإنترنت، أو حشد المكاتب، أو مجموعات الأقران، يؤدي إلى بعض النتائج المماثلة للحقبة الشيوعية أو التركية.

وتساءلت بسخرية: كم عدد المخطوطات الأمريكية المتبقية الآن في أدراج المكاتب -أو غير المكتوبة- لأن مؤلفيها يخشون حكمًا تعسُّفيًا مماثلًا؟، وأضافت: "إلى أي مدى يتم خنق الحياة الفِكرية الآن بسبب الخوف مما سيبدو عليه التعليق السيئ، إذا تم إخراجها من سياقها ونشرها على "تويتر"؟

وقالت: للإجابة عن هذا السؤال، تحدَّثت مع أكثر من عشرة أشخاص، كانوا إما ضحايا أو مراقبين من كثب للتحولات المفاجئة في القوانين الاجتماعية في أمريكا، مشيرة إلى أن الغرض هنا ليس إعادة التحقيق ولا نقل أي من قضاياهم، وتابعت: "لقد تصرف بعض مَنْ قابلتهم بطرق قد أعتبرها أنا، أو قراء هذا المقال، سيئة الحكم أو غير أخلاقية، حتى لو لم تكن غير قانونية... أنا هنا لا أشكك في القواعد الاجتماعية الجديدة، التي أدت إلى فصلهم أو عزلهم، لكن من الواضح أن العديد من هذه التغييرات الاجتماعية إيجابية".

 

اتهامات متلاحقة

وعن بعض التهم التي تلاحق الأمريكيين الآن، قالت أبلباوم: إليك أول شيء يحدث بمجرَّد اتهامك بخرق مدونة اجتماعية، عندما تجد نفسك في قلب عاصفة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب شيء قلته، إذ فجأة يتوقف الهاتف عن الرنين، ويتوقف الناس عن التحدث إليك، وتصبح كأنك إنسان سام.

كما نقلت عن أحد الصحفيين، أنه طُرد من عمله، من دون إنذار، ثم قسَّم معارفه أنفسهم إلى ثلاث مجموعات:

أولاً، "الأبطال"، عددهم قليل جدًا، الذين "يصرون على الإجراءات القانونية الواجبة، قبل الإضرار بحياة شخص آخر، والذين يتمسكون بأصدقائهم".

 ثانيًا، "الأشرار"، الذين يعتقدون أنه يجب "أن تفقد مصدر رزقك على الفور بمجرَّد تقديم الادِّعاء"، مشيرًا إلى أنه حتى أن بعض الأصدقاء القدامى، أو الذين أعتقد أنهم أصدقاء قدامى، انضموا إلى الهجوم.

والأغلبية كانت في فئة ثالثة: "جيد لكن لا فائدة منه، وهؤلاء لا يفكرون بالضرورة في أسوأ ما فيك، ويريدون منك أن تأخذ الإجراءات القانونية الواجبة، لكن، كما تعلم، لم ينظروا في الأمر... فربما لديهم أسباب تجعلهم يفكرون بك بطريقة خيرية، لكنهم مشغولون جدًا عن المساعدة، أو لديهم الكثير ليخسروه".

وتشير الكاتبة، إلى أن معظم الناس ينجرفون بعيدًا لأن الحياة تمضي، بينما يفعل الآخرون ذلك، لأنهم يخشون أن تشير هذه الادِّعاءات غير المثبتة إلى شيء أسوأ بكثير، واستشهدت بأن أحد الأساتذة، الذي لم يُتهم بأي اتصال جسدي مع أي شخص، دُهش عندما اكتشف أن بعض زملائه افترضوا أنه إذا كانت جامعته تؤدبه، فلا بد أنه مغتصب.

 

الحياة تتوقف

وأضافت أبلباوم، أن الحياة الفِكرية والمهنية تتوقف بسبب هذه الاتهامات، ونقلت عن أحد الأكاديميين قوله: "كنت أقوم بأفضل عمل في حياتي، عندما سمعت عن حدوث هذا التحقيق، توقف كل شيء، لم أكتب ورقة أخرى منذ ذلك الحين".

وتشير إلى أن بيتر لودلو، أستاذ الفلسفة في جامعة نورث وسترن، خسر عقد كتاب بعد أن أجبرته الجامعة على ترك وظيفته، في حالتين مزعومتين بالتحرُّش الجنسي، وهو ما ينفيه.

وتعلِّق على ذلك بالقول: في بعض الأحيان، يزعم المدافعون عن عدالة الغوغاء الجديدة، أن هذه عقوبات بسيطة، وأن فقدان الوظيفة ليس أمرًا خطيرًا، وأن الناس يجب أن يكونوا قادرين على قبول وضعهم والمضي قدمًا، لكن -تشير الكاتبة- إلى أن العزلة، إضافة إلى الخزي العام وفقدان الدخل، عقوبات شديدة مع تداعيات شخصية ونفسية طويلة الأجل.

وتحذِّر أبلباوم، من أن هذه الاتهامات قد ينتهي بها الحال إلى انتحار صاحبها، وضربت مثلًا، بما حدث مع ديفيد بوتشي، الرئيس السابق لقسم علوم الدماغ في دارتموث، الذي ورد اسمه في دعوى قضائية ضد الكلية، ورغم عدم اتهامه بأي سوء سلوك جنسي، فإنه انتحر بعدما أدرك أنه قد لا يتمكن من استعادة سُمعته، بينما اضطر البعض الآخر إلى تغيير مواقفهم تجاه وظائفهم، إذ قال أحد الأكاديميين للكاتبة: "أستيقظ كل صباح خائفًا من التدريس، لقد أصبح حرم الجامعة -الذي كنت أحبه- غابة خطرة ومليئة بالفخاخ".

 

الاعتذار

الشيء الثالث الذي تحدَّثت عنه أبلباوم، هو الاعتذار، مشيرة إلى أنه سواء ارتكبت أي خطأ أم لا، يجب عليك تقديم الاعتذار، إذ يصف روبرت جورج، فيلسوف برينستون الذي عمل مدافعًا عن الطلاب والأساتذة الذين وقعوا في صعوبات قانونية أو إدارية، هذه الظاهرة على النحو التالي: "لقد كانوا مشهورين وناجحين طوال حياتهم، هذه هي الطريقة التي ارتقوا بها السلم إلى مناصبهم الأكاديمية، على الأقل في أماكن مثل التي أدرسها، وفجأة ينتابني هذا الشعور الرهيب بأن الجميع يكرهونني، فماذا يفعلون؟ في كثير من الأحيان، ينهارون فقط".

وأشارت إلى أنه طُلب من أحد الذين تحدَّثت معهم، أن يعتذر عن جريمة لم تنتهك أي قواعد. "قلت" ما الذي أعتذر عنه؟ قالوا: حسنًا، لقد تأذيت مشاعرهم... "لذلك تمت صياغة اعتذاري عن ذلك"، موضحًا أنه تم قبول الاعتذار في البداية، لكن مشكلاته لا تنتهي.

في أغلبية الأحيان -تضيف الكاتبة- يتم تحليل الاعتذارات وفحص "صِدقها" - ثم يتم رفضها، وأشارت إلى أن هوارد باوشنر ، محرر مجلة الجمعية الطبية الأمريكية ، اعتذر عن شيء لم يكن له علاقة مباشرة به، بعد أن أدلى أحد زملائه بتعليقات مثيرة للجدل على بودكاست و"تويتر" عمّا إذا كانت المجتمعات الملونة تعرَّضت للتراجع أكثر، إلا أن باوشنر كتب معتذرًا: "ما زلت أشعر بخيبة أمل عميقة في نفسي، بسبب الهفوات التي أدت إلى نشر التغريدة والبودكاست، فرغم أنني لم أكتب أو حتى أشاهد التغريدة، أو أنشأت البودكاست، بصفتي رئيس التحرير، فأنا مسؤول عنها في النهاية"، وتوضح أبلباوم أنه انتهى به الأمر إلى الاستقالة.

وتضيف الكاتبة، أن ذلك لا يعني أن الجميع يريد حقًا تقديم الاعتذار، ونقلت عن أحد الصحفيين السابقين قوله: إن زملاءه السابقين "لا يريدون تأييد عملية الخطأ/ الاعتذار/ التفاهم/ التسامح، فهم لا يريدون أن يغفروا"، وبدلاً من ذلك، قال إنهم يريدون "العقاب والتطهير".

وحتى بعد تقديم الاعتذار -تتابع أبلباوم-، يحدث شيء رابع، إذ يبدأ الناس التحقيق معك، مشيرة إلى أنه يتم إجراء التحقيقات في بعض الأحيان، لأن شخصًا ما في المجتمع، يشعر بأنك لم تدفع ثمنًا مرتفعًا بما فيه الكفاية، لكل ما فعلته أو قلته.

بل إن الكاتبة ذهبت إلى حد أن بعض المتهمين لا يعرفون تفاصيل الاتهام، ومن ذلك يقول أستاذ القانون في جامعة ييل ، جيد روبنفيلد، الذي تم إيقافه عن التدريس بسبب مزاعم التحرُّش الجنسي (وهو ما ينفيه): إنه لم يكن يعرف أسماء متهميه ولا طبيعة الاتهامات الموجَّهة إليه، طوال عام ونِصف العام.

أمريكا الآن

وترى الكاتبة، أن هذا النمط يعيد نفسه الآن في الولايات المتحدة، إذ روى العديد ممن تحدثت معهم قصصًا معقَّدة عن الطرق التي يتم بها استخدام الإجراءات المجهولة، من الذين لم يعجبهم أو شعروا بالمنافسة معهم، أو حملوا نوعًا من الضغينة الشخصية أو المهنية.

وأشارت إلى أن كثيرين في الولايات المتحدة، يخشون الحديث عن ميولهم السياسية علنًا، خوفًا من الوقوع في مشكلة قد تفقدهم وظائفهم، إذ أنه وفقًا لاستطلاع حديث، يخشى 62 في المئة من الأمريكيين، بما في ذلك أغلبية ممن يصفون أنفسهم بالمعتدلين والليبراليين، التعبير عن آرائهم في السياسة.

وأوضحت الكاتبة، أن كل مَنْ تحدثت معهم، ليبراليون من الوسط أو يسار الوسط، فالبعض لديه آراء سياسية غير تقليدية، لكن البعض الآخر ليس لديه آراء قوية.

 

خطأ لا يغتفر

وانتقدت أبلباوم، الاعتماد على مواقع التواصل للحُكم على الناس، بل والعودة إلى تغريدات قديمة للبحث عن خلفياتهم، وقالت: إن "تويتر" -على سبيل المثال- لا يرحم، لأنه لا يتأكد من الحقائق، والأسوأ من ذلك، مثل شيوخ مستعمرة خليج ماساتشوستس، الذين لم يغفروا لهستر برين، يتتبع الإنترنت الأفعال السابقة، ويضمن عدم فقدان أي خطأ أو جملة مكتوبة بشكل خاطئ أو استعارة خرقاء.

واستشهدت بما حدث في مارس الماضي، عندما التقطت الكاميرا ساندرا سيلرز، الأستاذة المساعدة في مركز القانون بجامعة جورج تاون، تتحدَّث إلى أستاذ آخر عن بعض الطلاب السود ذوي الأداء الضعيف في فصلها.

وأشارت إلى أنه لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كانت تعليقاتها تمثِّل تحيزًا عنصريًا أو قلقًا حقيقيًا لطلابها من ضعف الأداء، لكنها مع ذلك طُردت في غضون أيام من إعلان التسجيل.

ووصفت أبلباوم، انتقاد بعض التصرفات على وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها (عدالة الغوغاء)، مشيرة إلى أنه في مايو الماضي، طُردت المراسلة الشابة، إميلي وايلدر، من وظيفتها الجديدة في وكالة أسوشيتيد برس بأريزونا، بعد سلسلة من المنشورات التي تنتقد إسرائيل.

ولكن -تضيف الكاتبة- في حين يمكن لأي شخص استخدام هذا الشكل من عدالة الغوغاء بشكل انتهازي، لأي سبب سياسي أو شخصي، فإن المؤسسات التي بذلت أقصى جهد لتسهيل هذا التغيير، هي في كثير من الحالات تلك التي اعتبرت نفسها ذات يوم، حامية للمثل العليا الليبرالية والديمقراطية.

وقالت: "الطلاب والأساتذة ومساعدو التحرير ورؤساء التحرير، جميعهم على دراية بنوع المجتمع الذي يعيشون فيه الآن، وهذا هو السبب في أنهم يفرضون رقابة على أنفسهم، ولماذا يبتعدون عن مواضيع معينة، ولماذا يتجنبون مناقشة أي شيء حساس للغاية، خوفًا من تعرُّضهم للمضايقات أو النبذ أو الطرد، من دون اتباع الإجراءات القانونية، لكن هذا النوع من التفكير يجعلنا قريبين بشكل غير مريح من الأوضاع في تركيا، حيث لا يمكن مناقشة التاريخ والسياسة إلا بحذر شديد".