فايننشال تايمز: هكذا تدير شبكة حقاني المتطرفة الحكومة الأفغانية

كانت واشنطن قد عرضت خمسة ملايين دولار، لمَنْ يزوِّدها بمعلومات عن سراج الدين حقاني، لمسؤوليته عن تنظيم وتنفيذ هجمات إرهابية، والتخطيط والمشاركة في هجمات، على القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

فايننشال تايمز: هكذا تدير شبكة حقاني المتطرفة الحكومة الأفغانية

ترجمات - السياق

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن تعيين زعيم "شبكة حقاني" سراج الدين حقاني، وزيرًا للداخلية في الحكومة الأفغانية الجديدة، قد يعصف بجميع الاتفاقات بين الدول الغربية وطالبان، نظرًا لماضي الشبكة العنيف والمتطرف.

وكانت واشنطن قد عرضت خمسة ملايين دولار، لمَنْ يزوِّدها بمعلومات عن سراج الدين حقاني، لمسؤوليته عن تنظيم وتنفيذ هجمات إرهابية، والتخطيط والمشاركة في هجمات، على القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

ويشتبه في أن حقاني، كان ضالعًا في محاول اغتيال، استهدفت الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي عام 2008.

 

تحطيم الآمال

ونقلت "فاينانشال تايمز" عن كمال علام، الخبير الأمني ​​في أتلانتيك، قوله: إن حركة طالبان، تلعب لعبة ذكية للغاية، وتفتح الباب أمام وكالات الاستخبارات الغربية، مضيفًا: لقد قتلوا واعتقلوا عددًا قليلاً من أعضاء داعش في الأسابيع الماضية، لكي يظهروا أنهم ضد هذا التنظيم، لكن تشكيل الحكومة كشف حقيقة نواياهم، بأنها تحمل رسالة كبيرة، تعني أنهم ليسوا بحاجة إلى الولايات المتحدة".

واتفق إيوانيس كوسكيناس، الزميل البارز في مركز أبحاث أمريكا الجديدة مع ما قاله علام، مشيرًا إلى أن صعود جماعة حقاني، انعكاس لمدى أهمية الجماعة، في القتال ضد الحكومة الأفغانية السابقة وقوات التحالف.

وأضاف: بينما كانت الولايات المتحدة منشغلة بمحادثات السلام الطويلة التي سبقت انسحابها، ركزت القيادة العسكرية لطالبان، على كسب المعركة على الأرض في أفغانستان، وكانت عائلة حقاني عنصرًا أساسيًا في استراتيجية طالبان الرابحة.

 

أصل الشبكة

وذكرت الصحيفة، أن شبكة حقاني أسسها والد سراج الدين، جلال الدين حقاني، وهو قائد سابق للمتطرفين، مشيرة إلى أن الاسم مشتق من مدرسة (دار العلوم حقاني) شمالي غرب باكستان، التي أطلق عليها "جامعة الجهاد".

وأوضحت أنه تم تمويل عائلة حقاني سِرًا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، من خلال ذراع المخابرات الباكستانية، لشن هجمات حرب عصابات ضد الاتحاد السوفييتي، أثناء احتلاله أفغانستان، في ثمانينيات القرن الماضي.

وأشارت إلى أن جلال الدين، الذي يتحدَّث اللغة العربية بطلاقة، توسَّع في تنمية العلاقات بمؤسس القاعدة أسامة بن لادن، واستثمر بكثافة في المدارس الدينية، التي كانت قاعدة لتجنيد المقاتلين الجدد.

وأضافت، أنه عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان عام 2001 رداً على هجمات 11 سبتمبر ، انسحبت شبكة حقاني من قاعدتها التقليدية في لويا باكتيا جنوبي شرق أفغانستان، إلى مقاطعة وزيرستان الشمالية الباكستانية، حيث نفَّذت عمليات ضد قوات التحالف من منطقة آمنة.

وأوضحت أن سراج الدين تولى زمام الأمور منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأدار عددًا من الهجمات البارزة، بما في ذلك تفجير فندق سيرينا في كابل، الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص، ومحاولة اغتيال الرئيس الأفغاني حامد كرزاي عام 2008.

 

مافيا

 

من جانبها، قالت جريتشن بيترز، الخبيرة في الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية لـ "فاينانشال تايمز": إن شبكة حقاني لم تكن تعمل فقط كقوة جهادية، لكن أيضًا كمنظمة شبيهة بالمافيا، وأوضحت أن مصادر الدخل الأكثر ربحًا للشبكة، تشمل الابتزاز والخطف مقابل فدية، والتعدين غير القانوني وغسل الأموال والمخدرات، وجمع الأموال من مانحين أيديولوجيين في الدول العربية.

وأشارت بيترز إلى أنها لم تكن تتوقع وجود أي اتصالات بين شبكة حقاني والولايات المتحدة، خصوصًا أن تاريخ الشبكة وحشي جدًا وطويل ضد الأهداف الأمريكية، ما يصعِّب على الطرفين أي تعاون، وقالت: "لقد تم القضاء على العديد من أفراد عائلات هذه الشبكة، في ضربات أمريكية بطائرات من دون طيار"، مشدِّدة على أن الفكرة القائلة إن الولايات المتحدة ستكون قادرة على العمل معهم بأي شكل من الأشكال، غير مرجَّحة.

ومع ذلك، تضيف فاينانشال تايمز": عام 2018، عندما بدأت الولايات المتحدة محادثات بشأن اتفاق انسحاب من أفغانستان، مُنحت حقاني مقعدًا على الطاولة، كما أُطلق سراح أنس حقاني، الأخ الأصغر لسراج الدين، من السجن كجزء من صفقة تبادل أسرى، للانضمام إلى فريق طالبان المفاوض في قطر.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه قبل أيام من توقيع اتفاق الدوحة أوائل عام 2020، كتب سراج الدين، القائد الميداني الأكثر نشاطًا، مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حاول من خلاله الظهور بمظهر (الشهم والبطل).

ويعلّق زاهد حسين، مؤلف كتاب "حرب لا تربح: مفارقة العلاقات الأمريكية الباكستانية في ظِل أفغانستان"، على ذلك بقوله: "لقد كان الزعيم الأكثر رعبًا، فالأمريكيون كانوا يلاحقونه، لكنه قال في مقاله كل الأشياء الصحيحة التي أراد الغرب سماعها".

 

خروج غير دموي

وأوضح آشلي جاكسون، المدير المشارك لمركز دراسة الجماعات المسلَّحة، التابع لمعهد التنمية الخارجية، أن الولايات المتحدة كانت تضع الأساس لجلب كبار القادة الأفغان المتشدِّدين إلى الصف الدولي، من أجل تحقيق خروج غير دموي، إلا أن استيلاء طالبان المسلَّح على السُّلطة قطع هذه العملية.

وقال للصحيفة: "لدينا الآن وضع حرج للغاية، حيث ترتبط حكومة طالبان والولايات المتحدة بعلاقة تبعية متبادلة".

ويتفق معها نصرت الله حقبال، محلل سياسي مقيم في كابل، قائلًا: إن الولايات المتحدة "تريد من طالبان أن تحكم وتمنع الهجمات على الدول الغربية، في المقابل، ومن ثم ستكون واشنطن والغرب على استعداد لدعم طالبان، بشكل مباشر أو غير مباشر".

وبالنسبة للباحثين الأفغان القدامى، فإن السيطرة على البلاد من طالبان، خصوصًا شبكة حقاني، اكتملت، رغم مرور 20 عامًا من الحرب، وأكثر من 150 ألف قتيل وإنفاق مليارات الدولارات.

وقالت سوزانت سارين، المحللة الأمنية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي: رغم أن الولايات المتحدة ستضغط على المسلَّحين، من خلال العقوبات واستخدام النظام المالي، فإن من الصعب أن يجعل ذلك طالبان أو شبكة حقاني، يديرون ظهورهم لحلفائهم الجهاديين.

وأضافت لـ "فايننشال تايمز": "كنا نظن أن هؤلاء هم الإرهابيون -في إشارة إلى طالبان وحقاني- فهم يعيشون مع تنظيم القاعدة طوال الوقت، لكن الآن إذا أخبرتني أنهم سيكونون شركاء في محاربة الإرهاب، فمن فضلك قل لي: مَنْ هو الإرهابي؟".