الغرب يريد إنقاذ أوكرانيا من الهزيمة... فماذا عن النصر؟

الحاجة إلى تحقيق النصر تعني ضمنيًا إذلالًا عميقًا لروسيا

 الغرب يريد إنقاذ أوكرانيا من الهزيمة... فماذا عن النصر؟

ترجمات - السياق

تساءلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، عن الطريقة الصحيحة التي يجب أن يدعم بها الغرب، أوكرانيا، ليس لإنقاذها من الهزيمة أمام روسيا، وإنما لتحقيق النصر نهاية الحرب.

وأشارت إلى أنه خلال الأسبوع الماضي، أثناء انعقاد قمة الناتو في مدريد، أشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوحدة اللحظة، لافتًا إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا لم يحفز سوى الغرب، وأدى إلى توسع وشيك لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بضم دولتين شماليتين جديدتين.

وأضاف: "سنلتزم بأوكرانيا، وسوف يلتزم جميع الحلفاء بأوكرانيا، طالما أن الأمر يتطلب ذلك، وفي الواقع تأكدنا جميعًا من ضرورة عدم هزيمتها".

لكن الرئيس الأمريكي لم يتوقع أن تكون أوكرانيا قادرة على طرد الروس، حتى مع استمرار الإمداد بالأسلحة الغربية، وقال: "لا أعرف كيف ستنتهي، لكنها لن تنتهي بهزيمة روسيا لأوكرانيا".

ورأت الصحيفة أن هذا التصريح كان بيان نوايا والتزامًا من الحكومة الأمريكية تجاه كييف، وهو ما ردده نظراء بايدن الأوروبيون، مشيرة إلى أنه رغم ذلك، فإن هناك سؤالًا مفتوحًا لابد من الإجابة عنه: "ربما تفعل الولايات المتحدة وحلفاؤها ما في وسعهم لمنع هزيمة أوكرانيا، لكن ماذا عن تسهيل انتصارها؟".

الدعم بالسلاح

وذكرت "واشنطن بوست" أن الغرب لم يتحرك لمساعدة أوكرانيا، سوى بتقديم بعض الأسلحة، التي بدأت خفيفة، ثم بعض الأسلحة الثقيلة مثل (هيمارس) التي غيرت نوعًا ما سير المعركة لصالح كييف، ومنحتها القدرة للسيطرة على جزيرة الأفعى ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة.

لكن على الأرض مازالت القوات الأوكرانية بحاجة للمزيد من الأسلحة، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه شعر بالارتياح لأن المدفعية الغربية "تعمل بقوة كبيرة" أخيرًا مع القوات المسلحة لبلاده، وضربت مستودعات الأسلحة الروسية الرئيسية ومنشآت تخزين الوقود بدقة، لكنه أشار  إلى أن بلاده لا تزال تفتقر إلى أنظمة دفاع جوي متطورة لحماية المدن الأوكرانية من الضربات الصاروخية الروسية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن هذه الأنظمة تستغرق وقتًا أطول للشراء، قبل وصولها إلى كييف.

ورأت أن الدعم الأخير ببعض الأسلحة الأكثر فاعلية -مثل أنظمة صواريخ المدفعية عالية الحركة (هيمارس) وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة (إم إل أر إس)- لم يغير -بشكل جذري- استراتيجية الدعم الغربية ولا قدرات أوكرانيا على الجبهة، إذ إنه رغم نجاح القوات الأوكرانية في بسط سيطرتها على جزيرة الأفعى، فإن القوات الروسية ردت بقصفها بلا هوادة، ما أوقع خسائر فادحة في صفوف الأوكرانيين.

وشددت على أنه رغم أن الحملات الروسية كشفت افتقار آلة الكرملين الحربية للتحديث، فإن أوكرانيا لا تزال تفتقر إلى العدد والأسلحة على جبهات عدة، لاسيما جنوبي وشرقي البلاد، حيث تلتهم روسيا المزيد من الأراضي.

وبينت أن القوات الروسية تعمل ببطء، ولكن بثبات، لتوسيع قبضتها على منطقة دونباس الشرقية، التي تعد سيطرتها عليها أحد أهداف الحرب المعلنة للكرملين.

الطريق للنصر

ولإمكانية تحقيق النصر في أوكرانيا، نقلت "واشنطن بوست" عن الجنرال فاليري زالوجني، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، قوله عن الروس: "إنهم يستخدمون المدفعية بشكل جماعي، ولسوء الحظ، لديهم ميزة إطلاق النار بعشرة أضعاف".

وأمام ذلك، بينت الصحيفة الأمريكية، أن التقدم الأخير للقوات الروسية على جبهات عدة، خصوصًا في الشرق، أثار حفيظة الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة، ونقلت عن السناتور جيمس إي. ريش (جمهوري من ولاية أيداهو) قوله: "إذا كنت تقدم أسلحة للقتال غير فعالة، فهذا ليس وضعًا جيدًا وله عواقب"، مضيفًا: "الأوكرانيون بحاجة إلى مزيد من الأسلحة الثقيلة القادرة على الوصول لأماكن أبعد، ما يضعف قدرات القوات الروسية بمرور الوقت"

بينما قال إليوت كوهين، من كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز: الحاجة إلى تحقيق النصر تعني ضمنيًا إذلالًا عميقًا لروسيا، مشددًا على أنه بدلاً من منع الهزيمة الأوكرانية، يجب أن يكون هدف الولايات المتحدة "ضمان هزيمة روسيا، وإحباط أهدافها في احتلال المزيد من الأراضي الأوكرانية، وتحطيم معنويات جنودها".

وحسب الصحيفة، يعتقد بعض المحللين الأمريكيين أنه نظرًا لأن بوتين متورط في لعبة حافة الهاوية الخاصة به بشأن أوكرانيا، ولأن دحر التقدم الروسي قد يتطلب المزيد من الضغط الغربي، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها في "الناتو" بحاجة إلى التفكير في إيجاد مخرج مختلف، ينتهي بهزيمة ساحقة لروسيا.

ولكن هناك من يرى في استئناف المباحثات المخرج الوحيد للأزمة، إذ قال دانييل ديفيس، العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي للصحيفة: "يتعين على القيادة في كييف وداعميها الغربيين مواجهة الحقائق المتمثلة في أن الدبلوماسية أو التسوية التفاوضية، قد تكون السبيل الوحيد لمنع سقوط المزيد من الأراضي الأوكرانية في أيدي روسيا".

ورغم هذه الدعوات، فإن المسؤولين الأوكرانيين يصرون على أن الحرب وجودية، وأن هدفهم يجب أن يكون استعادة الأراضي المفقودة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي ضمها بوتين عام 2014.

نفوذ الصين

لكن ما يعيق سعي الغرب لهزيمة روسيا في أوكرانيا -حسب "واشنطن بوست"- أن هناك بعض الشخصيات المؤثرة بين الجمهوريين في واشنطن -ناهيك عن اليسار المناهض للحرب- يرون أن الحرب المطولة في أوكرانيا تشتت الانتباه عن الأولويات الأمريكية في الداخل والخارج، أي الحاجة إلى مواجهة نفوذ الصين.

وأشارت الصحيفة، إلى أن أحد عشر عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ وسبعة وخمسين جمهوريًا في مجلس النواب -يشكلون معارضة مشروع القانون- صوّتوا ضد حزمة مساعدات بـ 40 مليار دولار لأوكرانيا في مايو الماضي، لافتة إلى أن السناتور جوش هاولي (جمهوري من مو) قال في ذلك الوقت: "هذا الإنفاق ليس في مصلحة أمريكا".

وهو ما حذر منه أيضًا، إلبريدج كولبي، مسؤول الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من أن توسع الولايات المتحدة لتدخلها في أوكرانيا، يجعلها تغض الطرف عن التهديد المحتمل، الذي قد تشكله الصين على تايوان.

ويرى كولبي النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون الاستراتيجية وتطوير القوات، أنه يتعين أن تركز السياسة الخارجية الأمريكية بسرعة، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وحتى خلالها على المنطقة الأكثر حسمًا في العالم، وهي آسيا.

وقال إن ذلك يتطلب أن تعطي السياسة الخارجية والعسكرية الأمريكية الأولوية في واقع الأمر لآسيا، بالنسبة للاستثمارات العسكرية وتخصيص رأس المال السياسي والموارد، وبالنسبة لاهتمام القادة الأمريكيين.

وأضاف أنه يتعين على الولايات المتحدة التدخل، لمنع الصين من ترسيخ هيمنتها على آسيا، مشيرًا إلى أن آسيا أكثر أهمية من أوروبا بالنسبة لواشنطن، وأن الصين تمثل تهديدًا أكبر بكثير من روسيا.